شكوك حول سرقة إسرائيل أعضاء الشهداء

تنتظر العائلات الفلسطينية ممن احتجزت سلطات الاحتلال الإسرائيلي جثامين أبنائها ووضعتها في ثلاجات فترة طويلة لدفن رفات ذويها دون إجراء تشريح لها لتعذر ذلك مع جثامين متجمدة، فضلا عن أن سلطات الاحتلال تشترط عدم التشريح لتسليم الجثامين، وهو ما يثير شكوكا عند بعض العائلات بشأن أسباب ذلك، ومنها احتمال سرقة أعضاء أبنائها.

بسيم واحد من الحالات التي رفض الاحتلال تشريح جثته، بعدما قُتل بنيران جنود الاحتلال، بدعوى تنفيذه عملية طعن في القدس المحتلة، فاحتُجز جثمانه مدة شهر كامل، ولم تقلّ قسوة لحظة تسلمه من قبل عائلته عن لحظة استشهاده.

ويقول سعد صلاح (أخ للشهيد بسيم) أول ما عاينا جثمانه تفاجأنا بما رأينا، ولم نتوقع ذلك، صعقت لأن أخي كان بمثابة قالب تلج، ويضيف أن الأطباء لم يستطيعوا تشريحه، و"لأن إكرام الميت دفنه، دفناه ولسنا متأكدين إذا كان سرق من أعضائه شيء أم لا". وترى عائلات الشهداء أن اشتراط الاحتلال عدم تشريح الجثامين قد يخفي وراءه سرقة بعض أعضاء ذويهم.

خلال الهبة الشعبية الأخيرة، انتهجت سلطات الاحتلال سياسة جديدة، حيث تعيد جثامين الشهداء لأهلها بعد مدة من احتجازها، وهي متجمدة بدرجة قد تصل إلى أربعين تحت الصفر.

‪العالول: لا نستطيع القيام بإجراءات التشريح الطبي إلا بعد تفكك التجمد‬  (الجزيرة)
‪العالول: لا نستطيع القيام بإجراءات التشريح الطبي إلا بعد تفكك التجمد‬ (الجزيرة)

وفي معهد الطب الشرعي في جامعة القدس، قابلت الجزيرة الدكتور صابر العالول لفتح ملف شكوك العائلات في سرقة أعضاء أبنائها، خاصة أن سلطات الاحتلال تشترط عدم تشريح الجثامين قبل تسليها لذوي الشهداء، بل إنها تعيدها في حالة لا يمكن تشريحها.

يقول الطبيب العالول إن درجة 35 تحت الصفر يعني أن الجثمان في حالة تجمد، ولا نستطيع العمل أو القيام بإجراءات طبية شرعية إلا بعد تفكك التجمد، وهذا يحتاج على الأقل إلى ما بين 24 و48 ساعة، ويضيف أن أغلب عائلات الشهداء لا تحتمل الانتظار حتى يذوب الجليد، وعوضا عن التشريح نقوم بإجراء تصوير طبقي.

ويزيد الدكتور العالول أن "الكشف الظاهري الطبي الشرعي، والصور الطبقية والصور الشعاعية، لا تكفي لإثبات أو نفي سرقة الأعضاء، خاصة في الحالات التي يتم فيها التشريح السابق أو وجود تداخلات جراحية سابقة".

وفي كتابها "على جثثهم الميتة"، كشفت الدكتورة مئيرا فايس عن قضية سرقة أعضاء الشهداء الفلسطينيين، وذكرت أنه في فترة ما بين عام 1996 و2002 تواجدت فايس في معهد أبو كبير للطب الشرعي في تل أبيب لإجراء بحث علمي، وهناك رأت كيف كانت تتم سرقة الأعضاء، لا سيما من الفلسطينيين.

مئيرا فايس: شاهدت كيف كانوا يأخذون أعضاء من جسد فلسطيني (الجزيرة)
مئيرا فايس: شاهدت كيف كانوا يأخذون أعضاء من جسد فلسطيني (الجزيرة)

وقالت فايس، وهي خبيرة إسرائيلية في علم الإنسان (Anthropology)، خلال وجودي في المعهد شاهدت كيف كانوا يأخذون أعضاء من جسد فلسطيني، ولا يأخذون في المقابل من الجنود، وزادت أنهم كانوا يأخذون قرنيات، وجلد، وصمامات قلبية، مشيرة في الوقت نفسه إلى أنه لا يمكن لأناس غير مهنيين أن يتنبهوا لنقص هذه الأعضاء، حيث يضعون مكان القرنيات شيئا بلاستيكيا، ويأخذون الجلد من الظهر بحيث لا ترى العائلة ذلك.

وزارة الصحة الإسرائيلية أرسلت للجزيرة ردا مكتوبا، قالت فيه إن ذلك كان يحدث في الماضي، أما اليوم فيأخذون الأعضاء وفق القانون وبموافقة مسبقة، لكن السؤال المطروح هو عن أي موافقة تتحدث الوزارة، من العائلات أم من المحكمة أم من أي جهة؟

وبعد أن كشفت مئيرا فايس عما رأته خلف هذه الأبواب، زعم الاحتلال الإسرائيلي أنه توقف عن سرقة أعضاء الشهداء الفلسطينيين، لكن اشتراطه منع التشريح لإعادة الجثامين المحتجزة يثير لدى ذويهم تساؤلات كثيرة، لأن الاحتلال لم يحترم يوما حرمة أحيائهم لكي يحترم حرمة أمواتهم.

المصدر : الجزيرة