حين تعنّف المرأة بالعراق ويغيب القانون

صور للتظاهرة النسوية التي تندد بالقانون الجعفري
ناشطات يتظاهرن ضد قانون للأحوال الجعفرية في بغداد 2014 (الجزيرة نت)

أحمد الأنباري-بغداد

تعرضت غيداء سامر -هذا الاسم مستعار- إلى الضرب من قبل شقيقها الأكبر عشرات المرات وهي تحاول إقناعه بأهمية إكمال دراستها الجامعية التي انقطعت عنها بسبب "شكوكه"، لكنها تمكنت من إقناعه بعد عامين من التوسل والاضطهاد.

ترفض أن تشير إلى آثار الضرب في جسدها، لكنها تؤكد للجزيرة نت أنها تألمت كثيرا من ضرب شقيقها الأكبر كلما فتحت موضوع إكمال الدراسة معه، وتضيف "يشك في النساء كثيرا، وهذا ما أثر على وضعي وعلاقاتي العائلية والاجتماعية".

ويفتقد العراق إلى قانون يحمي الأفراد من العنف الأسري، رغم وجود مسودة مشروع له، لكنها بقيت مركونة في رفوف اللجان المختصة بمجلس النواب العراقي، دون وجود رغبة جادة من قبل الكتل السياسية في التصويت عليها.

وقالت إحصائية صدرت من محكمة العنف الأسري في العراق، اطلعت عليها الجزيرة نت، إن ظاهرة العنف الأسري في البلاد تتسع، حيث وصلت نسبة العنف ضد النساء بحسب الدعاوى المعروضة إلى 90% من مجموع الدعاوى المقدمة.

وزيرة الدولة لشؤون المرأة في العراق بيان نوري تقول للجزيرة نت إن "الوزارة أعدت مشروع قانون للحماية من العنف الأسري ولديها تواصل مع اللجان المختصة في مجلس النواب لإقراره".

وتشير إلى أن إقرار هذا القانون مهم جدا وسيضع العراق في مصاف الدول المتقدمة ببرامجها للحماية من العنف الأسري، وهذا ما تسعى إليه الوزارة.

وفي عام 2009 أسست وزارة الداخلية العراقية مراكز معنية بحماية الأسرة من العنف، وتكوّن كادرها من العنصر النسوي، ودورها تقديم المساعدة للمعنفات.

النائبة سوزان بكر تقول للجزيرة نت إن "من المؤسف عدم وجود قانون في العراق يحمي من العنف الأسري، في وقت أصبح تشريعه ضرورياً، خاصة أن أغلب دول العالم تجاوزت مرحلة هذا القانون ليكون جزءاً من أساسيات العيش فيها".

undefined

الخلافات السياسية
وتضيف أن "الخلافات السياسية في العراق أثرت بشكل كبير على إقرار القوانين المهمة، خاصة تلك التي تهم المواطن، لذا أمام الكتل المشاركة في مجلس النواب مسؤولية كبيرة لتشريع وإقرار قانون يحمي من العنف الأسري".

وعبرت سوزان بكر عن أسفها لارتفاع نسبة العنف الأسري في البلاد، والتي كانت النسبة الأكبر منها ضد المرأة، مؤكدة "أهمية دراسة أسباب ارتفاع هذه النسبة ووضع الحلول اللازمة للحد من تفاقمها".

ووفقاً للتقرير الذي أصدرته محكمة العنف الأسري، فإنها شكت من عدم وجود قانون خاص بها ترتكن إليه، مما دعاها إلى مطالبة مجلس النواب بالإسراع في تشريعه.

المتهمون بجرائم العنف الأسري يفتقدون إلى أماكن احتجاز، فهم يُسجنون مع المتهمين بجرائم أخرى مثل الإرهاب وجرائم الشرف وغيرها من الأحكام الثقيلة.

الناشطة في مجال حقوق المرأة إسراء الطائي تقول للجزيرة نت إن عمل محكمة العنف الأسري "شبه مقيد في ظل غياب قانون للعنف الأسري، مما يشكل عائقاً أمام عملها وصلاحياتها، ومن هم الأشخاص الذين يعرفون بالأسرة".

وتؤكد أهمية أن "تلعب منظمات المجتمع المدني دورا مهما في الحد من ظاهرة العنف الأسري والتثقيف فيها، فالمجتمع جزء من عملية خلق بيئة إيجابية للمرأة التي تشكل جزءا كبيرا منه".

مديرية حماية الأسرة والطفل في وزارة الداخلية العراقية، أعلنت نهاية العام الماضي عن رصد أكثر من 22 ألف حالة عنف في عموم العراق خلال أربع سنوات فقط.

ووصفت بعثة الأمم المتحدة في العراق، في إحصائية أعدتها قبل أشهر، نسب تمثيل المرأة في المحافظات العراقية وإقليم كردستان العراق في السلطات التنفيذية بـ"الضعيفة جدا"، وقالت إن "نسبة النساء العراقيات العاملات هي الأقل على مستوى العالم".

وأوضحت الإحصائية أن 60% من العراقيات يتعرضن للعنف من قبل أزواجهن، خاصة في ظل غياب تراجع أعداد المتعلمات منهن.

المصدر : الجزيرة