قلق بتونس من التضييق على السفر

مخاوف من عودة التضييق على حق التنقل
حقوقيون وسياسيون أبدوا مخاوفهم من عودة التضييق على حق التنقل بتونس (الجزيرة نت)

خميس بن بريك-تونس

اشتكى العديد من التونسيين من منعهم من السفر إلى الخارج ومن حجز جوازات سفرهم من قبل السلطات الأمنية تحت ذريعة محاولتهم الذهاب لبؤر التوتر، وهو ما حدا بحقوقيين لإطلاق حملة وطنية لرفع اليد عن حرية التنقل المكفولة في الدستور.

بلال بكوري (28 عاما) هو واحد من الشبان المتدينين الذين منعتهم السلطات الأمنية -وفق قوله- من استخراج جواز سفره للذهاب مع أمه وزوجته وأبنه لأداء مناسك العمرة في شهر رمضان، رغم أنه يؤكد أن سجله خال من أي سوابق أو انتماءات تنظيمية.

يقول بلال بألم إنه تقدّم قبل سبعة أشهر إلى مركز للأمن حيث يقيم بمدينة ماطر بمحافظة بنزرت (شمالا) قصد استخراج جوازات سفر له ولزوجته المنقبة وطفله ذي العام الواحد، لكن لحدّ هذا اليوم لم توافق السلطات الأمنية على منحه الجوازات.

‪بلال بكوري: حرموني من أبسط حقوقي لأني متدين‬  (الجزيرة)
‪بلال بكوري: حرموني من أبسط حقوقي لأني متدين‬  (الجزيرة)

شبهة التدين
ويضيف للجزيرة نت "الظاهر أنهم حرموني من أبسط حقوقي لأني متدين"، مؤكدا مرّة أخرى أن الغاية من سفره هو الذهاب إلى مكّة رفقة أسرته الصغيرة وأمه الطاعنة في العمر والتي تحتاج إلى مرافق يساعدها على أداء مناسك العمرة.

ويقول بلال إنه في كل مرة يستفسر فيها مركز الأمن عن سبب كل هذا التأخير لاستخراج جواز السفر، الذي لا تستغرق مدة استخراجه أكثر من أسبوعين في أقصى الحالات، يجيبه رجال الأمن أن هناك نقصا في الجوازات الفارغة.

لكنه مقتنع أن رجال الأمن يخفون عنه الحقيقة المرة بأنه موضوع في قائمة الأشخاص المشتبه بهم في محاولة السفر للقتال في سوريا، قائلا بشيء من الحيرة "بالنسبة لي المؤسسة الأمنية عادت للتضييق على الحريات العامة التي أصبحت مجرد حبر على ورق".

إجراءات وقائية
وحالة بلال ليست معزولة بحسب ما أكده المدير التنفيذي لمرصد الحقوق والحريات مروان جدة الذي كشف عن وجود الآلاف من الحالات التي منعت من السفر أو جواز السفر تحت ذريعة اتخاذ إجراءات أمنية وقائية للحد من ظاهرة السفر للقتال في بؤر التوتر.

ويقول مروان للجزيرة نت إن وتيرة منع المواطنين من السفر ومن حقهم في استخراج جوزات السفر تصاعدت بشكل ملفت في الآونة الأخيرة في ظل تصاعد الاشتباكات بين القوات المسلحة التونسية وجماعات مسلحة تتحصن في الجبال في الحدود الغربية.

ويؤكد أن إجراء منع السفر أو تعطيل استخراج جواز السفر أو تجديده شمل شرائح متعددة من المجتمع، مشيرا إلى أن مرصده أطلق حملة لرفع اليد عن حرية التنقل عقب تلقيه مئات الشكاوى من قبل شرائح مختلفة من المجتمع تؤكد مصادرة حقها في السفر.

‪حملة في تونس لرفع اليد عن السفر‬ مروان جدة مستعرضا أوراقا من (الجزيرة)
‪حملة في تونس لرفع اليد عن السفر‬ مروان جدة مستعرضا أوراقا من (الجزيرة)

عشرات العائلات
وقال إن من بين الأشخاص الذين منعوا من السفر أستاذا جامعيا أراد أن يناقش براءة اختراع في فرنسا وفريقين لرياضة الجيدو منعا من السفر إلى بلجيكا بتهمة تسفير الشباب لسوريا وعشرات العائلات التي كانت تعتزم أداء مناسك العمرة وتجارا ورجال أعمال.

وكشف بأنّ المؤسسة الأمنية عمدت لاتخاذ إجراءات تعسفية لتقييد حرية التنقل في حق الأشخاص الذين شملهم مرسوم العفو التشريعي العام بعد الثورة وفي حق كلّ شخص تصلها عنه وشاية بأنه مشتبه به في دعم الإرهاب "وهي إجراءات لا تليق بالثورة التونسية".

وقد عبّر المدير التنفيذي لمرصد الحقوق والحريات مروان جدّة عن مخاوفه من عودة دولة البوليس في ظلّ تصاعد الإجراءات الاستثنائية، مطالبا السلطات التونسية بتحقيق المعادلة المنشودة بين احترام الإجراءات القانونية ومبادئ الدستور ومحاربة الإرهاب.

وكان رئيس حركة النهضة الإسلامية راشد الغنوشي طالب السلطات التونسية بالابتعاد عن التعسف في محاربة الإرهاب، مؤكدا أن جواز السفر حق يكفله الدستور لكل التونسيين بمن فيهم الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي وزوجته، حسب تعبيره.

ولم يتسن الوصول للمتحدث باسم وزارة الداخلية للتعقيب على هذا الموضوع رغم تكرر الاتصالات. علما أن وزارة الداخلية كانت أقرت على لسان وزيرها ناجم الغرسلي بمنع أكثر من 12 ألف شخص من السفر تحت شبهة السفر إلى مناطق التوتر بسوريا والعراق.

المصدر : الجزيرة