معاناة المقدسيات في اليوم العالمي للمرأة

صورتان من داخل مصاطب العلم في الأقصى صباح اليوم ويظهر فيها مجموعة من المرابطات وخلفهن عناصر من شرطة الاحتلال في الصورة الأولى.
صورة من داخل مصاطب العلم بالأقصى اليوم تظهر فيها مجموعة من المرابطات وخلفهن عناصر من شرطة الاحتلال (الجزيرة نت)

أسيل جندي-القدس المحتلة

في يوم يحتفل فيه العالم أجمع بالمرأة، تقف النساء المقدسيات على خط المواجهة الأول مع الاحتلال، حيث كان لهن النصيب الأكبر من الانتهاكات والاعتداءات المباشرة خلال العام المنصرم، بعد أن أخذن على عاتقهن مسؤولية الدفاع عن المسجد الأقصى المبارك بتصديهن لاقتحامات المستوطنين اليومية له.

وتعرضت مئات المقدسيات لاعتداءات مختلفة تمثلت بالضرب المبرح والاستهداف بالرصاص المطاطي وقنابل الغاز، بالإضافة إلى الاعتقال والإبعاد والتهديد بسحب الهوية الشخصية والترحيل خارج القدس المحتلة.

الجزيرة نت التقت عددا من النساء اللاتي يمثلن نموذجا لنضال المرأة المقدسية وصمودها.

تقول المعلمة في المسجد الأقصى المبارك خديجة خويص، إنها تتوجه إليه يوميا رغم قرار إبعادها عنه لمدة شهرين مضى منهما 13 يوما، وتقول "أولى العقبات التي نواجهها هي الانتظار على بوابات الأقصى الخارجية حتى يسمح لنا بالدخول بعد مصادرة بطاقات هوياتنا الشخصية، كما نتعرض للتصوير الدقيق بشكل مستفز حتى تتمكن شرطة الاحتلال من ملاحقتنا واعتقالنا عند خروجنا من المسجد".

‪خديجة خويص تعرضت للاعتقال والإبعاد عن المسجد الأقصى أربع مرات‬  (الجزيرة)
‪خديجة خويص تعرضت للاعتقال والإبعاد عن المسجد الأقصى أربع مرات‬  (الجزيرة)

تحد وإصرار
وأضافت "تعرضت للاعتقال والإبعاد عن المسجد الأقصى أربع مرات تلقيت خلالها إهانات لفظية وخضعت لتحقيق مهين، وهذه الاعتداءات صنعت مني امرأة صامدة مرابطة وزادتني عزيمة وإصرارا على شد الرحال للأقصى لصد الاقتحامات وحمايته من المنتهكين الذين يدنسون حرمته".

وتتكبد المرأة المقدسية معاناة مضاعفة في حال أقدمت سلطات الاحتلال على هدم منزل العائلة، تقول السيدة سميرة الحلواني إن "هدم المنزل هو أكبر صدمة واجهتها في حياتي لأن الاحتلال دمر بلحظات ما قمنا ببنائه على مدار سنوات".

وتضيف "في اليوم العالمي للمرأة أتمنى فقط أن يتحرر الأقصى، وأن تعيش النساء المقدسيات حياة خالية من القلق على أبنائهن، فأنا في حالة تأهب مستمرة خوفا من اعتقال أحد أبنائي أو اختطافهم في أية لحظة".

ويعج السجل المقدسي بأسماء نساء تركن بصمة واضحة في النضال ضد الاحتلال ولعبن دورا بارزا في الوعي الشعبي الفلسطيني، ومن هؤلاء المقدسية روضة عودة (67 عاما) التي أكدت أن المرأة المقدسية تعاني أكثر من غيرها بسبب احتكاكها اليومي مع الاحتلال، خاصة بعد إقامة الجدار العازل.

وتابعت قائلة "الاحتلال حرم المرأة المقدسية من اختيار شريك حياتها، بحيث يسلب منها هويتها إذا قررت الارتباط بشاب من الضفة الغربية أو قطاع غزة، وإذا أقدمت على هذه الخطوة فقد حكمت على نفسها وزوجها وأطفالها أن يعيشوا مشتتين بقية حياتهم".

‪روضة عودة: الحرية تحتاج لثمن باهظ‬  (الجزيرة)
‪روضة عودة: الحرية تحتاج لثمن باهظ‬ (الجزيرة)

معاناة متجددة
وعن تجربتها الشخصية، قالت عودة "بدأت معاناتي مع الاحتلال عام 1967عندما احتلت القدس، وشعرت بضرورة الحصول على حريتي والدفاع عن كرامتي من خلال الانضمام للتنظيمات الفلسطينية، ونتيجة ذلك اعتقلت لمدة أربع سنوات توفي والدي خلالها".

وتابعت "بعد تحرري تزوجت وتم اعتقالي مع زوجي مرة أخرى، وأنجبت لاحقا أولادي الأربعة، وهم أيضا مستهدفون وتم اعتقالهم، وحكم أحدهم لمدة 28 عاما وتحرر في صفقة وفاء الأحرار مبعدا إلى غزة".

وحول أكثر ما يمكن أن تعانيه والدة الأسرى في سجون الاحتلال، قالت "المعاناة تكمن في أن ابني يعيش بين يدي الأعداء وهو بعيد عني، ولكن ما كان يخفف عني هو إيماني بأن الحرية تحتاج لثمن باهظ، ومع أننا مستهدفون حتى اليوم وتتم مداهمة منزلنا عدة مرات شهريا، إلا أنني سعيدة بأنني وأسرتي شوكة في حلق المحتل".

من جانبها، قالت الأمينة العامة لحزب فدا، زهيرة كمال، إن المرأة المقدسية تتحمل الجزء الأكبر من المعاناة في المدينة لأنها معرضة للإجراءات القمعية بشكل مباشر، مضيفة أن المقدسيات لا تتوفر لهن أدنى الحقوق الإنسانية التي نصت عليها القوانين الدولية، وإنهن يتعرضن للاعتقال والإبعاد بشكل ممنهج.

وعن مستقبل المرأة المقدسية في ظل استمرار الأوضاع الراهنة، تقول فدا "ستواجه النساء تحديات أكبر على صعيد التعليم والسكن والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية".

يذكر أن اتباع سلطات الاحتلال سياسة الحبس المنزلي للأطفال، والإقامة الجبرية بعيدا عن منطقة السكن زادت من معاناة الأمهات المقدسيات بإضافة عبء جديد على كاهلهن، في ظل دولة تمارس التمييز العنصري بشكل علني.

المصدر : الجزيرة