إدانة إعلامية واسعة لمصادرة 12 صحيفة بالسودان

احتجاجات الصحفيين السودانيين
الصحفيون عبروا عن إدانتهم ورفضهم القاطع لمصادرة الصحف (الجزيرة)

عماد عبد الهادي-الخرطوم

خلت مكتبات الخرطوم صباح اليوم الاثنين من غالبية الصحف السياسية والاجتماعية بعد مصادرتها أمنيا من مطابعها دون ذكر أسباب لذلك، حيث شملت المصادرة -التي تحدث لأول مرة في تاريخ الصحافة السودانية- 12 صحيفة.

وتباينت ردود الأفعال بين مصدق للهجمة الأمنية ومكذب لها، وذلك في ظل قرب الانتخابات العامة في البلاد وما تطرحه الحكومة من حوار مع المعارضة، تتضمن شروطه تهيئة مناخ لكافة الحريات بالبلاد.

ووصف ناشرون ورؤساء تحرير ما حدث بأنه "انقلاب جديد" بدأ يخيم على العمل الصحفي بأشكاله المختلفة، متسائلين عن عدم كفاية الرقابة القبلية التي تفرضها الأجهزة الأمنية على الصحف "حتى يتحول الأمر إلى المصادرة بعد الطبع".

وبينما لم توضح أجهزة الحكومة أسباب مصادرة هذا العدد الكبير من الصحف السياسية والاجتماعية على السواء، وردت مجموعة من الروايات، أشار بعضها إلى نشر الصحف خبرا عن العثور على صحفي اختفى من منزله في العاصمة الخرطوم ليوجد فاقدا للوعي في شمال البلاد.

ومنها من تحدث عن حاويات مشعة وصلت ميناء بورتسودان قبل أكثر من أسبوع، بينما تكهنت أخرى بتناول الصحف خلافات بين الحكومة وحركة العدل والمساواة جناح السلام.

حق الدولة
وزير الإعلام -وهو الناطق الرسمي باسم الحكومة السودانية- أحمد بلال عثمان قال إن مصادرة الصحف "تمت بموجب قانون جهاز الأمن الوطني الذي يخول له القيام بما يحفظ أمن البلاد".

وأكد في منبر وكالة السودان للأنباء اليوم الاثنين أن القانون يخول للأمن ولتقديرات يراها تمس الأمن القومي السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي أن يمارس سلطاته الكاملة بإيقاف أو منع صدور الصحف.

وأعلن أن "أمر إيقاف الصحف سيظل قائما حتى يتم تعديل قانون الأمن الوطني"، مؤكدا أنه "في بعض الدول يُقتل الصحفيون وتغلق القنوات، والحمد لله لا يوجد عندنا صحفي معتقل ولا نريد ذلك".

الطيب مصطفى وصف قرار المصادرة بالتطرف غير المبرر (الجزيرة)
الطيب مصطفى وصف قرار المصادرة بالتطرف غير المبرر (الجزيرة)

من جانبه اعتبر ناشر صحيفة "الصيحة" المستقلة الطيب مصطفى أنه لا يمكن أن يحدث "مثل هذا القرار في أي دولة في العالم"، واصفا ذلك بالتطرف غير المبرر.

وتساءل -في حديثه للجزيرة نت- عن استعداد الحكومة لفقد الصحافة المحلية ومعاداتها وخوض معارك مع العالم بأسره، "في ظل نظام أصبحت سمعته في الحضيض"، مشيرا إلى أن الخطوة "تعبر عن الظلم بكل ما تحمل الكلمة من معنى".

وقال إنه رغم بنود الدستور الواضحة وموافقة الحكومة على شروط الحوار مع المعارضة، "فإنها عادت لغلق كل الطرق أمام تسوية للأوضاع في البلاد"، مشيرا إلى أن السودان يعيش في حالة "دولة أكثر من بوليسية".

وذكر أن مندوبا أمنيا كان اطلع على الصحيفة، وسحب منها عدة مواد قبل أن يسمح بصدورها "لنتفاجأ بعد ذلك بالمصادرة"، وفق قوله.

حملة شرسة
بدوره قال رئيس تحرير صحيفة "التيار" المستقلة عثمان ميرغني "إن الحكومة تولت اليوم كتابة الخط العريض أوضحت فيه موقفها من الحوار والصحافة والانتخابات على السواء".

وذكر أن الحكومة حسمت الجدل الذي كان قائما "مبرهنة أن السودان ليس في حاجة إلى حوار وطني أو صحافة أو انتخابات".

وفي المقابل أعلن الصحفيون السودانيون رفضهم للهجمة الأمنية على الحريات بشكل عام، مدينين مصادرة هذا العدد الكبير من الصحف في يوم واحد.

الصحفيون الذين نفذوا وقفة احتجاجية أمام مقر مجلس الصحافة والمطبوعات، قدموا لرئيسه شعارا يرمز لأقلام مكسورة دلالة على ما تواجهه الصحف من تقييد.

ونقلت لجنة مصغرة كانت قد اجتمعت مع رئيس المجلس علي شمو أنه سيبحث مع المسؤولين عملية المصادرة، قبل أن يعلن موقفه النهائي بشأن ذلك، الذي أكد فيه "أن الجميع في مركب واحد".

ومن جهته وصف المركز الأفريقي لدراسات حقوق الإنسان المصادرة "بأنها من أشرس الحملات الأمنية التي تشهدها المنطقة على الحريات الصحفية"، مشيرا إلى أن ما يحدث يتناقض وأي حديث عن تحول ديمقراطي في البلاد.

المصدر : الجزيرة