أطفال سوريا.. جراحات نازفة

لريف الشرقي لدرعا نيسان 2015 الطفلة عائشة الحريري أثناء تلقيها العلاج في المشفى الميداني بعد إصابتها خاص للجزيرة ن
الطفلة عائشة الحريري أثناء تلقيها العلاج بالمشفى الميداني بعد إصابتها (الجزيرة نت)

عمار خصاونة-الجزيرة نت

تهديد بالفناء, العنوان الأنسب لوصف جزء من معاناة الطفل السوري, فبالأمس كان في فلسطين "محمد الدرة" واليوم هناك آلاف من "محمد الدرة" في سوريا, فالطفولة البريئة تُقتل اليوم بآلة الحرب دون أن يحرك العالم ساكنا.

محمد أبا زيد الطفل السوري البالغ من العمر ثلاثة أعوام ونصف العام وصل مرحلة الوعي، وقد تفتحت عيناه على صوت القذائف والصواريخ وغارات الطيران.

تقول والدته إنه وصل مرحلة الإدراك وهو لا يعرف والده إلا مجرد صور لأن نظام الأسد اعتقله وهو ابن خمسة أشهر, ويقلد أحيانا إخوته حين يرى صورة أبيه ويقول "بابا".

خرجت الأم وسط مشاعر ألم وحزن بأبنائها لاجئة إلى الأردن بعدما اعتقلت قوات الأسد زوجها, وتشير إلى أن ابنها الأصغر يعيش حالة خوف مستمر، خاصة حين يسمع صوت قذائف نظام الأسد التي تمس أحيانا الحدود السورية بالقرب من الأردن, وتقول إنها عاجزة عن وصف الوضع لطفلها الذي لا يعرف حتى اليوم أين أبوه وحتى معنى الأب.

محمد ليس أسوأ حالا من الطفلة عائشة الحريري, التي يروي الناشط الإعلامي عبد الحي الأحمد قصتها للجزيرة نت بقوله إنها من بلدة الجيزة لا تتجاوز ثمانية أعوام وقد أتمت حفظ نصف القرآن الكريم, ويضيف أنها كانت تنتظر والدها في أحد الأيام بسيارته حينما دخل لأداء صلاة العصر بالمسجد الواقع وسط القرية, وتنظر لباب المسجد ببراءة كي يذهبا إلى البيت ليلتقيا بباقي أسرتهم "لكن سرعان ما تغيرت أحلام عائشة بعدما خرج والدها وانفجرت سيارة مفخخة كان قد زجها النظام أمام المسجد ليرتقي الأب أمام عيني ابنته ضحية الغدر وتنقل هي إلى المشفى بعد إصابتها بعدة جروح".

ويتابع الأحمد "هذا ليس ألم عائشة الوحيد، فلديها أخ معتقل مجهول مصيره، وثلاثة أعمام شهداء, لتفتح عائشة عينيها في المستشفى يتيمة الأب لا تغيب عن مخيلتها صورة والدها".

عائشة ومحمد ليسا الطفلين الوحيدين, بل هناك الآلاف من الأطفال الذين كانوا ضحية للأزمة السورية.

‪محمد يلعب بالرمثا الأردنية‬ متناسيا (الجزيرة نت)
‪محمد يلعب بالرمثا الأردنية‬ متناسيا (الجزيرة نت)

مأساة حقيقية
ووفق تقرير نشرته الشبكة السورية لحقوق الإنسان بالعشرين من نوفمبر /تشرين الثاني الجاري، فقد بلغ عدد الأطفال الذين قتلهم نظام الأسد منذ بداية الحراك الشعبي حتى تاريخ التقرير 18 ألفا و858 قتيلا, بينهم 582 طفلا قتلوا برصاص قناص, و159 طفلا قتلوا تحت التعذيب.

بينما أشار التقرير إلى أن قوات نظام الأسد اعتقلت عشرة آلاف و413 طفلا, وبسبب استهداف النظام للمدارس بشكل رئيسي، حرم 2.1 مليون طفل داخل سوريا من التعليم, وعشرون ألفا تيتموا من ناحية الأب وخمسة آلاف من ناحية الأم.

وذكرت الشبكة أن آلاف الأطفال السوريين بدول الجوار حرموا الجنسية السورية بسبب ولادتهم خارج وطنهم وعدم امتلاك أهاليهم وثائق سورية, وأن الكثير من الأطفال يعانون من تأثيرات نفسية نتيجة ما شهدوه بالحرب فضلا عن أن أكثرهم يضطرون للعمل بسبب وضعهم المعيشي المتردي.

وذكر التقرير أيضا أن الطيران الروسي منذ بدء ضرباته في سوريا قتل 86 طفلا, فبينما قتلت طائرات التحالف الدولي منذ بداية طلعاتها حتى تاريخ التقرير 75 طفلا, أما تنظيم الدولة الإسلامية فقد قتل 229 طفلا, وتنظيم جبهة النصرة 46 طفلا, وقوات الإدارة الذاتية الكردية قتلت 46 طفلا, أما فصائل المعارضة فهي الأخرى قتلت 602 طفل نتيجة قصفها للمناطق التي لا تزال تحت سيطرة النظام.

المصدر : الجزيرة