60 ألف قتيل بسوريا في 2014 وجريمة إبادة يومية

محمد أمين-لندن
 
وثقت اللجنة السورية لحقوق الإنسان في تقريرها السنوي لعام 2014 سقوط قرابة ستين ألف قتيل، قضى معظمهم بسبب البراميل المتفجرة التي يلقيها النظام السوري على المدن والأحياء الواقعة تحت سيطرة المعارضة السورية.

وبحسب التقرير، فإن العام الماضي كان الأكثر دموية في سورية منذ اندلاع الانتفاضة الشعبية ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد عام 2011.

وكانت البراميل المتفجرة السلاح الأكثر فتكا في المواجهة، حيث ألقى الطيران الحربي التابع للنظام ما يقارب 11 ألف برميل متفجر، بينما سُجل ارتفاع ملحوظ في معدلات استخدام النظام الغازات السامة والقنابل العنقودية.

يذكر أن منظمة حظر الأسلحة الكيميائية التي تولت مهمة إزالة الأسلحة الكيميائية السورية قد أصدرت تقريرا الأسبوع الماضي قالت فيه أن عام 2014 شهد استخداما متكررا وممنهجا لغاز الكلورين ضد المدنيين السوريين.

من جهة أخرى، يظهر التقرير أن معدل قتل السوريين على يد قوات النظام يعني ارتكاب قوات النظام السوري جرائم إبادة جماعية بشكل يومي. وطبقا للتقرير، فإن سبعين سوريا يُقتلون يوميا، أي جريمة إبادة جماعية كل يوم.

شاهد عيان
أحد الشهود الذين وثقت اللجنة شهادتهم هو الناشط مصطفى سلطان من مدينة حلب. وقد اعتقل سلطان مرتين من قبل النظام السوري، وخرج من السجن بعد أن دفعت أسرته مبلغا كبيرا من المال للقائمين على المحكمة لتتم تبرئته.

اعتقل سلطان في الشهور الأولى للانتفاضة الشعبية في عام 2011، وألقي به في قبو مظلم في فرع الأمن العسكري في حمص، وكان يسمع أصوات التعذيب وصراخ الشباب المعتقلين بكل وضوح.

ويصف سلطان سجون النظام بأنها لا تختلف كثيرا عن سجون تنظيم الدولة من حيث الوضع المزري للمعتقلين والأساليب التي تمارس ضدهم.

يقول سلطان في شهادته أنه "في الثلاثين من أبريل/نيسان 2014 كان في حي الأنصاري لتغطية فعالية مدرسية في مدرسة عين جالوت، و"قبل وصولي إلى المدرسة استهدفها النظام بصاروخين، وبدلا من تغطية الحدث بدأت أحمل جثث الأطفال المشاركين في معرض الرسم وقد تقطعت أوصالهم".  

ويكمل سلطان "قتل 15 طفلا في ذلك اليوم، ولم أستطع التوثيق والتصوير حينها، فقد انشغلت باستخراج الجثث وإسعاف الأطفال المصابين، حملت الرؤوس والأيدي وجثث الأطفال في يدي، حاولت إنقاذ طفلة كانت عالقة تحت الجدار وكانت تلتقط أنفاسها الأخيرة". 

ويصف سلطان في حديثه للجزيرة نت ما آلت إليه حاله بعد سني الانتفاضة بأنه "خسر كل شيء، وشعر بمرارة الظلم وخذلان العالم".

ويضيف أنه "عقب تحرير مقر تنظيم الدولة في مشفى العيون المحاذي لمقر لواء التوحيد بتاريخ الثامن من يناير/كانون الثاني 2014 عثروا على سبعين جثة متفحمة قرب المبنى كانوا قد قتلوا على يد التنظيم"، ولم يختلف ما رأه في أعقاب ذلك كثيراً عما عايشه في زنازين النظام.

شهادات ميدانية
هذه الشهادات الميدانية وغيرها كانت المصدر الذي اعتمدت عليه اللجنة السورية لحقوق الإنسان في تقريرها لعام 2014.

ويقول وليد سفور رئيس اللجنة السورية لحقوق الإنسان إن الأرقام الحقيقية للضحايا ربما تكون أكبر مما تم توثيقه، وأوضح أن منظمته تواصلت مع نشطاء بالداخل والدول المجاورة.

وأشار المتحدث إلى أن التقرير استمع لأكثر من 150 شهادة موثقة. وحول العدد "ستون ألفا"، أوضح أن هذا الرقم يشمل ضحايا العمليات الحربية، سواء بين النظام والمعارضة أو بين فصائل المعارضة ذاتها، وأن قرابة 95% من إجمالي الضحايا سقطوا على يد النظام وبراميله المتفجرة.

ويؤكد سفور أن الأسلوب الأكثر فتكا والذي أسقط أكبر عدد من القتلى بين صفوف المدنيين كان البراميل الحارقة والغازات السامة.

أما تنظيم الدولة فاستخدم الأسلحة المتوسطة وتفنن في الذبح بالسكاكين وقطع الرؤوس والصلب والرجم والسحل بطرق بشعة. وعن المعتقلين وأعدادهم، قال سفور إن الأرقام الدولية تتحدث عن 215 ألفا.

ومن النقاط التي تثير الانتباه في تقرير اللجنة أن أكبر مجزرة ارتكبت عام 2014 كانت على يد تنظيم الدولة وليس النظام السوري، حيث قتل على يد عناصرها في يوم واحد بين 500 و700 سوري من قبيلة الشعيطات بدير الزور في آب/أغسطس الماضي.

وطبقا للمعايير والأعراف الدولية، فإن سقوط عشرة قتلى من المدنيين يكفي لتسجيل جريمة إبادة جماعية، وعلى هذا الأساس فقد اعتبر التقرير الـ13 للجنة أن سوريا شهدت جريمة إبادة جماعية يوميا خلال عام 2014.

من جهة أخرى، يولي التقرير اهتماما بقضية تحويل المرافق الصحية إلى مواقع عسكرية، وهو أسلوب استخدم بشكل رئيسي من قبل قوات النظام السوري، وبدرجة أقل من تنظيم الدولة وقوات المعارضة المسلحة.

خدمات وإعلام
ويبين التقرير أن هذا الأسلوب حوّل المرافق الصحية من منشآت مدنية إلى منشآت عسكرية، وبالتالي أصبحت هدفا لنيران القوى المتصارعة، حيث استهدف 37 مستشفى.

والحال نفسها تنطبق أيضا على منشآت مدنية أخرى مثل المدارس والمساجد، حيث استهدفت 59 مدرسة وقرابة 82 مسجدا.

وتناول التقرير حالة المرافق الصحية التي لا تخضع لسيطرة النظام، حيث تُعاني من نقص حادٍ في المواد الطبية والأدوية، وتجري فيها عمليات جراحية دون تخدير.

ويذكر التقرير أن 2.8 مليون طفل سوري قد حرموا من الحصول على التعليم خلال عام 2014، في ثاني أعلى معدّل للتسرّب المدرسي على مستوى العالم.

وعلى الصعيد الإعلامي، كانت سوريا قد تبوأت عام 2014 المركز الأول عالمياً باعتبارها الدولة الأكثر دموية وخطورة على حياة الصحفيين، وهو المركز الذي تحتله منذ عام 2012.

وقد سجّلت اللجنة السورية لحقوق الإنسان مقتل 19 صحفياً خلال عام 2014، منهم سبعة غير سوريين، ومقتل 51 ناشطاً إعلامياً سورياً.

وفي ما يخص اللاجئين، بلغ عدد اللاجئين السوريين الذين سجلوا عام 2014 قرابة ثلاثة ملايين و242 ألفا بزيادة مليون لاجئ عن العام الماضي.

المصدر : الجزيرة