هل تراجعت الخرطوم عن إطلاق الحريات؟

إطلاق الحريات السياسية في السودان
قضية إطلاق الحريات ظلت أحد المطالب الجوهرية للنشطاء وقوى المعارضة السودانية (الجزيرة)

عماد عبد الهادي-الخرطوم

هل تتراجع الحكومة السودانية عن إتاحة الحريات العامة والحوار الوطني؟ سؤال طرحه عدد من المتابعين بعيد اعتقال رئيس تحرير إحدى الصحف المستقلة قبل إطلاق سراحه، وتقديم جهاز الأمن والمخابرات بلاغا ضد زعيم حزب الأمة القومي الصادق المهدي.

واعتبر حقوقيون أن الخطوة ربما تمثل تمهيدا ومؤشرا على تراجع يوقف على الأقل حملات كشف الفساد في مؤسسات الدولة والتجاوزات التي ارتكبت بشأن المال العام.

وووجه اعتقال رئيس تحرير صحيفة الصيحة ياسر محجوب الحسين -بعد نشرها وثائق تتهم وكيل وزارة العدل باستغلال نفوذه للحصول على أراض سكنية واستثمارية- بتساؤلات بشأن ما أعلنته الحكومة من إطلاق للحريات.

كما دفعت الإجراءات القانونية، التي فتحها جهاز الأمن والمخابرات بحق زعيم حزب الأمة الصادق المهدي لانتقاده قوات الدعم السريع الأسبوع الماضي، إلى تساؤلات أخرى أكثر إلحاحا.

وكان الأمن السوداني اتهم المهدي بالانتقاص من هيبة الدولة، وتشويه سمعة قوات نظامية، وتهديد السلام العام، وتأليب المجتمع الدولي ضد البلاد بإيراد معلومات كاذبة وظالمة ومسيئة عن قوات الدعم السريع التابعة لجهاز الأمن.

‪الصادق المهدي رفع جهاز الأمن‬ (الجزيرة)
‪الصادق المهدي رفع جهاز الأمن‬ (الجزيرة)

حرق واغتصاب
وأشار في مذكرة قدمتها إدارته القانونية لنيابة أمن الدولة إلى أن المهدي رمى قوات الدعم السريع بارتكاب جرائم حرق للقرى واغتصاب ونهب لممتلكات المواطنين، وضم عناصر غير سودانية لصفوفها والعمل خارج نطاق القوات النظامية.

ويرى رئيس تحرير صحيفة الصيحة ياسر محجوب الحسين أن عدم تحرك الحكومة بشكل واضح للفصل بين تصرف وكيل وزارة العدل الشخصي والوزارة "يعني أنها متواطئة معه"، معتبرا أن الإجراءات التي اتخذها الوكيل ضد الصحيفة تحد من حريات الصحافة وتحوي شبهة استغلال للنفوذ".

وأكد للجزيرة نت أن التزام الحكومة الحقيقي تجاه الحريات الصحفية سيتضح من موقفها إزاء البلاغات المقدمة أمام الصحفيين والسياسيين على السواء.

أما رئيس الهيئة السودانية للدفاع عن الحقوق والحريات فاروق محمد إبراهيم فلم يستبعد تراجع الحكومة عن الحريات بسبب ما يكشف من فساد "بطريقة مخيفة".

ويرى أن الاتهامات الموجهة للمهدي غير مبررة "لأن ما يهين سمعة الدولة السودانية مرتبط بشكل وثيق بما قامت به على صعيد الحريات وحقوق الإنسان وحماية المواطنين".

وكشف في حديثه للجزيرة نت أن كل ما يرد للهيئة من معلومات يؤكد أن موقف الحكومة من قضية الحقوق والحريات يراوح مكانه.

لكن رئيسة لجنة الإعلام بالبرلمان السوداني عفاف تاور نفت عزم الحكومة التراجع عن سقف الحريات الممنوح، "بل تعمل من خلال البرلمان على توسيع هذا السقف إيمانا بأهميته للإصلاح الاجتماعي والحوار الوطني".

‪محجوب اعتقل لنشر صحيفته وثائق تتهم وكيل وزارة العدل باستغلال النفوذ‬ (الجزيرة)
‪محجوب اعتقل لنشر صحيفته وثائق تتهم وكيل وزارة العدل باستغلال النفوذ‬ (الجزيرة)

خط الأمن
وقالت للجزيرة نت إن المسألة ليست تراجعا "لكن كل ما يمس أمن الدولة ويعرضها للخطر فهو خط أحمر"، معتبرة كشف الصحافة للفساد وملاحقته ظاهرة صحية، وقمة في المسؤولية والشفافية، "إلا أن ذلك يستوجب حماية نفسها بالأدلة والبراهين وعدم اتهام الآخرين بالباطل".

أما الصادق المهدي فأكد التزامه بمطالبته بتحقيق عادل فيما جرى ويجري في المناطق التي دخلتها قوات التدخل السريع، مشيرا إلى أن كلمة الحق تلقي عليه مسؤولية أخلاقية قبل الاعتبارات السياسية.

وأبدى المهدي في بيان تلقت الجزيرة نت نسخة منه استعداده للمساءلة العادلة التي لا يكون فيها الشاكي هو الخصم والحكم، مطالبا بمحاكمة عادلة وعلنية ويسمح فيها بحق الدفاع الذي سيتولاه "كل ذي ضمير وطني".

في حين رأت هيئة محاميي دارفور أن لجوء جهاز الأمن والمخابرات إلى الإجراءات القانونية "وعدم استخدامه أساليبه المعهودة مثل الاعتقالات غير المبررة والتنكيل بخصوم الرأي وتعذيب الأشخاص في المزاعم والأفعال المنسوبة إليهم يعد نهجا إيجابيا".

وقالت في بيان حصلت الجزيرة نت على نسخة منه إن الأجهزة القضائية هي الجهة المنوط بها الفصل في المزاعم والأفعال المنسوبة للأشخاص، مشيرة إلى سلامة الموقف القانوني للمهدي.

وأكدت استعدادها لتقديم العون القانوني لرئيس حزب الأمة القومي، مشيرة إلى أنها ستعمل على تفنيد مزاعم جهاز الأمن والمخابرات في القضية.

المصدر : الجزيرة