معتقل ليبي سابق يروي معاناته بسجون العراق

المعتقل الليبي في سجون العراق المفرج عنه " فرج القبائلي"
فرج القبائلي قاسى الأمرّين في السجون العراقية والأميركية هناك (الجزيرة)
undefined

محمد أمين-لندن

الرقم 175812 لا يمكن أن يفارق خيال الليبي فرج القبائلي المفرج عنه من سجون العراق، والذي يبدو كمن ينزف دما وهو يحاول تذكر سنوات اعتقاله الثماني في سجون الظلام كما يصفها.

قرابة سنتين قضاهما تحت التعذيب النفسي والجسدي من قبل سجانيه الأميركيين قبل أن يسلموه للحكومة العراقية عام 2006، حيث بدأت معاناة جديدة يقول إن بشاعتها تساوي أضعاف ما ذاقه على يد السجان الأميركي.

يروي القبائلي أشكالا مختلفة من التعذيب عاشها في سجون الاحتلال الأميركي كما يصفه، فإضافة لقرابة 11 معتقلا ليبيا وعشرات المعتقلين العرب، تعرض فرج لأشكال مختلفة من التعذيب الجسدي من ضرب وصعق وتغطيس في الماء وتجريد من الملابس مع التعذيب، إضافة لأشكال أخرى من التعذيب النفسي كالإيقاظ في ساعات متأخرة وإجباره ورفاقه على الرقص مع المجندين والمجندات على موسيقى صاخبة في منتصف الليل وهم عراة.

ويضيف فرج أن أحد أغرب أشكال التعذيب التي فوجئ بها هي إجبار بعض المعتقلين المتدينين على ممارسة الجنس مع النساء، وإلا يتم اغتصابهم من قبل الحراس، ويروي أن المعتقلين كان يسمح لهم بالذهاب لدورات المياه مرة واحدة في اليوم وفي فترة لا تتعدى ثلاثين ثانية.

ويتوقف السجين السابق في العراق عند مفارقة يقول إنها أثارت دهشته، ففي عام 2006 وقبل تسليمه للعراقيين وصل وفد من مخابرات القذافي للتحقيق معه في المعتقل الأميركي، ويقول إنهم زودوا الأميركيين بمعلومات كاملة عنهم وورطوهم في قضايا هم أبرياء منها، كما يضيف أن عددا كبيرا من أجهزة المخابرات العربية حققت معه.

يتوقف القبائلي بحسرة عند مرحلة انتقاله للسجون العراقية، ويقول إن السنوات الست التي قضاها هناك ذاق فيها الأمرّين من ضرب وصعق كهربي وشتائم طائفية.

أغرب أشكال التعذيب التي رأيتها هي إجبار بعض المعتقلين المتدينين على ممارسة الجنس مع النساء وإلا يتم اغتصابهم من قبل الحراس، والسماح بالذهاب إلى دورات المياه مرة واحدة في اليوم وفي وقت لا يتعدى ثلاثين ثانية

شحن طائفي
ويشير إلى أن السياسة الطائفية التي انتهجتها الحكومة العراقية وقت ذاك "كانت تغذي الكره الطائفي إلى أبعد حدّ"، حيث تتعمد سجنه مع عشرات المعتقلين العراقيين ممن عبئوا ضد العرب وضد الطوائف الأخرى، ويقول إنهم كانوا ينهالون عليه -يوميا- بالضرب والشتم، وإذا طالب بحقه في الطعام -الذي يحرمه منه أولئك النزلاء- كان يواجه بشتائم تصفه بالإرهابي.

ويروي أنه شاهد كثيرا من النساء المعتقلات يتم تعريتهن والاعتداء عليهن وسجنهن أحيانا كثيرة مع الرجال. ويوضح أن كثيرا من هؤلاء النساء هن أخوات أو زوجات لمن تصفهم الحكومة بالمطلوبين أو الإرهابيين أو القاعدة.

ويصف القبائلي أجواء محاكمته ويقول إنها كانت في قاعة صغيرة يحرسها أميركيون رغم أن القضاة الثلاثة كانوا عراقيين، ويضيف أنها استمرت دقائق ليتلى عليه الحكم بالسجن 15 عاما، ثم عندما حاول الاحتجاج وطلب محاميا أشار أحد القضاة بيده لإحدى السيدات الحاضرات طلبا منها الترافع عنه -وهي كما يقول لا تعرفه ولا تعرف اسمه- فوقفت هذه السيدة وطالبت المحكمة بإنزال أشد العقوبات عليه.

واستمر الوضع حتى انهيار نظام معمر القذافي ونجاح الثورة الليبية، حيث بدأ المعتقل الليبي مع زملائه التواصل مع المجلس الوطني الانتقالي ورئيسه المستشار مصطفى عبد الجليل الذي نجح أخيرا في التوسط وإبرام اتفاق خرج بموجبه القبائلي مع ثمانية معتقلين آخرين إلى الحرية، واستثنت منه السلطات العراقية معتقلين اثنين.

وبعد عودته لليبيا، أسس القبائلي جمعية حقوقية للدفاع عن المعتقلين الليبيين والعرب في السجون العراقية، ويحاول من خلال جولة أوروبية يقوم بها الآن تعريف المؤسسات الحقوقية والمنظمات الإنسانية الدولية بمعاناة المعتقلين في العراق، وحجم الانتهاكات التي يتعرضون لها.

المصدر : الجزيرة