تباين بشأن انتقادات حقوقية أميركية للجزائر
هشام موفق-الجزائر
وانتقد تقرير الخارجية الأميركية السنوي لحقوق الإنسان الذي صدر الجمعة الماضية الأوضاع الحقوقية في الجزائر خلال العام 2012، واصفا سلطات البلاد "بالمقيدة لحق الجزائريين في اختيار حكوماتهم"، كما اتهم الحكومة الجزائرية "تقييد حرية التجمع وإنشاء الجمعيات"، وأشار إلى "غياب استقلالية القضاء".
ورغم هذه الانتقادات فإن التقرير السنوي أشاد ببعض التقدم الذي لاحظه على مستوى حرية الصحافة والنشر، وفي ما يخص مكانة المرأة السياسية التي تعززت من خلال تمثيلها في البرلمان عقب الانتخابات التشريعية السابقة، بحسب التقرير.
انتقادات
لكن رئيسة حزب العدل والبيان نعيمة صالحي رأت أن تقرير الخارجية الأميركية "ناقص ولم يقل كل الحقيقة عن الجزائر".
واستغربت من إشادة التقرير الأميركي "للمكانة التي تحظى بها المرأة في المجال السياسي"، وقالت إنه "يغفل نوعية النساء اللائي جيء بهن إلى البرلمان"، واللاتي لا علاقة لهن بالتشريع كما قالت.
من جانب آخر، يرى الرئيس السابق للرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان مصطفى بوشاشي أن التقرير "أصاب" في أن حقوق الجزائريين السياسية والمدنية غير محترمة.
وأضاف بوشاشي -البرلماني الحالي عن حزب جبهة القوى الاشتراكية المعارض- للجزيرة نت أن "النظام السياسي بالجزائر يرفض إصلاحات سياسية تمكن الجزائريين من اختيار مؤسساتهم بكل حرية وشفافية".
وذهب أبعد من ذلك حين وصف النظام بـ"المغلق" وأنه "يتصرف في الكثير من الأحيان خارج القانون، ويعرقل الحقوق السياسية والمدنية" للجزائريين.
مصداقية
لكن هذا الكلام لم يستسغه عضو المكتب الوطني لحزب جبهة التحرير الوطني (الحاكم) قاسة عيسى الذي يرى أن الولايات المتحدة "فاقدة للمصداقية" في مجال حقوق الإنسان، وتصدر تقريرا "يصنف البلدان والأنظمة بأحكام مسبقة".
وقال عيسى للجزيرة نت إن "أميركا غير مؤهلة لأن تعطي دروسا في الأخلاق وحقوق الإنسان، وهي التي شرّعت انتهاكات حقوق الإنسان بغوانتانامو، وهي التي أهانت المسلمين في أبو غريب وغيره".
وشدد المتحدث على أن "للشعب الجزائري كل السيادة في اختيار حكوماته، عكس ما يروج له التقرير".
وفي هذا السياق، دافعت القيادية في التجمع الوطني الديمقراطي (موالاة) وعضوة اللجنة الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان (هيئة تابعة للرئاسة) نورية حفصي عن "المجهودات الكبيرة" التي تقوم بها الدولة لترقية حقوق الإنسان في الجزائر، واصفة التقرير الأميركي "بالمجحف" لكونه تجاهل تلك المجهودات في السنوات الماضية.
وفرّقت حفصي في حديثها للجزيرة نت بين الوضعية "التي تتحسن باستمرار" وبين "ممارسات هنا وهناك" أكدت أن على المجتمع المدني "أن يقوم بدوره في التصدي لها".
لا مبالاة
وبينما لم ترد الخارجية الجزائرية رسميا لحد الآن على هذا التقرير، فضلت القنوات الإذاعية العمومية التركيز على "الإشادة" التي خصها التقرير للمكانة السياسية التي صارت تحظى بها المرأة، و"التقدم في حرية الصحافة والنشر".
أما الصحافة الخاصة فسلطت الضوء على "الجوانب السوداء" من التقرير، في حين لم يظهر لدى عامة المواطنين اهتمام كبير به.
وفي هذا السياق، يعتقد المحلل السياسي والكاتب الصحفي قاضي بومضول بأن تأثير التقرير هو في الأساس على السلطة لا على الشعب، وقال إنه "لم يأت بجديد، على الأقل في نظر الرأي العام الوطني، فحين يُتحدث عن الفساد في قطاع العدالة مثلا فإن ذلك ليس جديدا على الشارع الجزائري".
وأضاف بومضول للجزيرة نت أن "الحكومة الجزائرية تأخذ بالتقارير الخارجية وتروج لها على أوسع نطاق حين تبيّض صورتها، وفي الحالة المعاكسة تصفها بأنها غير دقيقة أو مغرضة".