انتهاكات جسيمة لحقوق السجناء بالمغرب

مسؤولو المجلس الوطني لحقوق الإنسان أثناء تلاوة التقرير الصادم
undefined

عمر العمري-المغرب

"انتهاكات جسيمة" لحقوق الإنسان بحق السجناء بالمغرب رصدها المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وهو أسمى هيئة حقوقية رسمية في البلاد، وذلك في تقرير صادم صدر الأسبوع الماضي وتطلب إنجازه خمسة أشهر وزيارة 15 مؤسسة سجنية.

التقرير سجل استمرار مجموعة من التجاوزات ضد المعتقلين مثل الضرب والمعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، كما رصد أماكن للتعذيب داخل بعض السجون واستعمال الترحيل الإداري وسيلةً للعقاب.

وحمّلت أولى ردود الفعل المسؤولية بشكل مباشر للإدارة العامة المشرفة على السجون، كما ذهبت بعض الأصوات إلى تحميل المسؤولية السياسية والأخلاقية لرئيس الحكومة والأمين العام لحزب العدالة والتنمية ذي المرجعية الإسلامية عبد الإله بنكيران.

ووجه مسؤولو المجلس الوطني لحقوق الإنسان -الذين اعتبروا أزمة السجون "مسؤولية مشتركة"- مائة توصية إلى كل من المندوبية العامة لإدارة السجون ووزارة العدل والحريات ووزارة الداخلية والبرلمان وبعض مؤسسات المجتمع المدني.

معضلة الاكتظاظ
ووفق التقرير فإن أزمة السجون سببها الرئيس هو الاكتظاظ الناتج عن وجود معتقلين على ذمة التحقيق، أي الذين هم في حالة "اعتقال احتياطي" والذين يشكلون 43% من مجموع السجناء بالمملكة.

وقال وزير العدل والحريات مصطفى الرميد في تصريح خاص بالجزيرة نت إن النيابة العامة (القضاء الواقف) ليست هي الجهة الوحيدة التي تأمر بالاعتقال الاحتياطي للمشتبه فيهم، وإنما يأمر به أيضا قضاة التحقيق وهم هيئة مستقلة.

وأوضح أن سلطة الاتهام تجد نفسها أمام معادلة صعبة، فإن هي رجحت مقاربة محاربة الجريمة فإنها ستكون مضطرة إلى إصدار الأوامر بالاعتقال الاحتياطي فيؤدي إلى مشكل الاكتظاظ، وإن هي رجحت التخفيف من مسألة الاعتقال فينتج عن ذلك تكاثر الجريمة.

ومن جهته، يرى رئيس اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان ببني ملال ـ خريبكة (وسط المغرب) علال البصراوي في تصريح للجزيرة نت أن حل معضلة الاكتظاظ بالسجون يتطلب إعادة النظر بصفة عامة في السياسة القضائية والجنائية المتبعة.

وتوجد بالمغرب ستون مؤسسة سجنية طاقتها الاستيعابية لا تتعدى أربعين ألف سجين في أحسن التقديرات، بينما يتكدس فيها فعليا أكثر من ثمانين ألف شخص، وفق تقرير صدر هذا العام عن لجنة العدل والتشريع بالبرلمان.

‪مصطفى الرميد: التقرير تضمن معطيات عامة لا يمكن الاعتماد عليها في تحريك‬  مصطفى الرميد: التقرير تضمن معطيات عامة لا يمكن الاعتماد عليها في تحريكالمتابعة القضائية
‪مصطفى الرميد: التقرير تضمن معطيات عامة لا يمكن الاعتماد عليها في تحريك‬  مصطفى الرميد: التقرير تضمن معطيات عامة لا يمكن الاعتماد عليها في تحريكالمتابعة القضائية

المساءلة القضائية
وعن سؤال للجزيرة نت عما إذا كان في نيته تحريك دعوى عمومية لملاحقة مقترفي الجرائم داخل السجون المغربية، أجاب الرميد بصفته رئيسا للنيابة العامة بأن التقرير الأخير يتضمن فقط "معطيات عامة ومجردة" ولا يحدد صفة الفاعلين وهويتهم حتى تتم متابعتهم.

ودعا المحامي علال البصراوي إلى "التفكير" في كيفية إخراج السجون من هذه الوضعية الصعبة، وإلى تعهد المؤسسات السجنية والاعتناء بالسجناء.

وحث البصراوي، الذي يشرف الآن على إعداد تقرير جهوي حول وضعية السجناء بمدينة خريبكة ونواحيها، المشرع المغربي إلى البحث عن عقوبات بديلة لبعض الحالات التي لا تستوجب الاعتقال.

رد صامت
وبعد يومين فقط من نشر تقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان، بادرت الحكومة في رد صامت إلى المصادقة الخميس الماضي على صكوك دولية خاصة بمناهضة التعذيب والتمييز ضد المرأة والحقوق المدنية والسياسية.

وأكد وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة مصطفى الخلفي عقب الاجتماع الوزاري أن التقرير سيكون "موضوع دراسة من قبل القطاعات الوزارية المعنية وسيتم اتخاذ الخطوات اللازمة المرتبطة بذلك".

هذه الخطوات يحددها عبد الإله الخضري نائب رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان -وهو هيئة مستقلة- في تصريح للجزيرة نت بضرورة إحالة التقرير على القضاء وملاحقة كل المتورطين في ممارسة التعذيب داخل السجون.

وقال إنه حان الوقت لوضع خطة استعجالية تهدف إلى إعادة هيكلة البنية التنظيمية لإدارة السجون، وتلقين مديري السجون قواعد احترام حقوق الإنسان وتحسين وضعية موظفيها.

وصدرت هذا العام تقارير عديدة أحرجت المسؤولين كان أبرزها تقرير أممي يتهم المغرب بممارسة التعذيب بالصحراء الغربية أعلن عنه مقرر الأمم المتحدة حول التعذيب خوان مانديز.

المصدر : الجزيرة