دعوة لتأمين الصحفيين ضد الأخطار

جانب من الجلسة الختامية للمؤتمر الدولي لحماية الصحفيين في المناطق الخطرة
undefined
محمد أفزاز -الدوحة

أكد خبراء قانونيون ونقابيون ضرورة أن تعمل الدول والمؤسسات الإعلامية والنقابات على تأمين الصحفيين ضد الأخطار التي قد يتعرضون لها أثناء أداء مهام عملهم خصوصا في مناطق النزاعات المسلحة.

وشهدت الأيام الفائتة نقاشا مستفيضا حول هذا الموضوع في المؤتمر الدولي لحماية الصحفيين الذي اختتم أعماله الاثنين في العاصمة القطرية الدوحة.

وبمشاركة مائة شخصية مثلت منظمات محلية وإقليمية ودولية، أوصى المؤتمر بالتأمين على حياة الصحفيين كواحدة من القضايا ذات العلاقة بالسلامة في التغطية الإخبارية.

وبينما يعتقد البعض أن هناك عزوفا شبه تام للمؤسسات الإعلامية عن الدخول في أي شكل من أشكال التعاقد مع شركات التأمين على الحياة أو الأخطار الجسيمة، بحجة ارتفاع أسعار الأقساط، يرى البعض الآخر أن ما يسمى "صناديق التكافل والزمالة" تبقى الحل الوحيد لتعويض الصحفيين المتضررين، في انتظار إقرار قوانين وأطر تنظيمية ملزمة على هذا الصعيد.

جيم بوملحة: على الصحفييين الضغط على مؤسساتهم (الجزيرة)
جيم بوملحة: على الصحفييين الضغط على مؤسساتهم (الجزيرة)

عقود
ويقول رئيس الاتحاد الدولي للصحفيين جيم بوملحة إن تحسين أوضاع الصحفيين يمر بالضرورة عبر جهودهم وجهود نقاباتهم في الضغط على المؤسسات الإعلامية المشغِّلة لتأخذ على عاتقها مسؤولية تأمين الصحفيين ضد الأخطار.

ويضيف للجزيرة نت أن بعض النقابات فقط هي التي تعرف كيف تتفاوض مع جهة العمل، بينما يكتفي البعض الآخر بتوجيه رسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة ظنا منهم أن ذلك كفيل بإجبار المؤسسات الإعلامية على إبرام عقود التأمين.

ويرى أن إلزام المؤسسات والحكومات قانونيا بتحسين أوضاع الصحفيين يتوقف على الشروط التي يعمل وفقها الصحفي في كل بلد على حدة، حيث إن بعض البلدان تغيب فيها النقابات، بينما توجد ببلدان أخرى نقابات قوية استطاعت أن تكسب معركة تأمين وحماية الصحفيين.

ويشير بوملحة إلى أن اتحاده أنشأ صندوقا لدعم الصحفيين في الحالات الخطرة وبلغ حجمه نحو 1.5 مليون يورو جُمعت من خلال تبرعات الصحفيين أنفسهم، لكنه يبقى -برأيه- عاجزا عن تغطية كل الحالات.

ويكشف أن الاتحاد الدولي بصدد إنشاء منظمة لعائلات الصحفيين العرب المتضررين التي ستضطلع بدور الشريك والفاعل الرئيس للدفاع عن حقوق ذويهم، ومن ذلك الترافع أمام القضاء للحصول على التعويضات وغيرها.

منتصر حمدان: التأمين على الصحفيين مهم للغاية (الجزيرة)
منتصر حمدان: التأمين على الصحفيين مهم للغاية (الجزيرة)

موازنات
ويقول منسق مشروع السلامة المهنية في الأراضي الفلسطينية منتصر حمدان أن التأمين على حياة الصحفيين ملف بالغ الأهمية خاصة لأولئك الذين يغطون في مناطق النزاعات المسلحة.

ويؤكد للجزيرة نت أن المسؤولية تقع في المقام الأول على المؤسسات الإعلامية التي يتوجب عليها أن توفر عقود تأمين على الحياة وضد المخاطر والإعاقات.

ويضيف أنه لابد من أن تمارس ضغوط قوية على هذه المؤسسات لتوفير الضمانات الكاملة للعاملين لديها، بينما يبقى دور النقابات مركزا على توفير تأمينات للصحفيين المستقلين.

ويقترح أن تعمل الاتحادات الدولية على إقناع الدول بضرورة تخصيص جزء من موازناتها لتوفير تأمينات للصحفيين بالنظر إلى مهامهم الإنسانية والنبيلة.

وفي انتظار تحقيق هذه الأهداف يقول حمدان إنه قد تم إقرار مسودة أولى لإطلاق "صندوق الزمالة"، الذي يقوم على فكرة التضامن بين الصحفيين أنفسهم لتعويض من تعرض منهم لإصابات أو توفي أثناء أداء مهامه أو تقاعد عن العمل بقيمة لا تقل عن 25 ألف دولار تمنح له أو لعائلته.

علاونه: مؤسسات الإعلام عازفة عن تأمين الصحفيين (الجزيرة)
علاونه: مؤسسات الإعلام عازفة عن تأمين الصحفيين (الجزيرة)

السلامة
أما الخبير في القانون الدولي ياسر علاونه فيرى أن موضوع التأمين يرجع بالأساس إلى طبيعة العقود الثنائية المبرمة بين الصحفي والمؤسسة صاحبة العمل، والتي تستند إلى قوانين العمل بداخل الدول، وما إذا كانت تنص على إلزامية التأمين من عدمه.

ويقول للجزيرة نت "الحقيقة هناك عزوف لدى المؤسسات الإعلامية عن تأمين الصحفيين ضد الحالات الخطرة، وتلك التي ترغب منها تجد صعوبة كبيرة في إيجاد شركات تأمين أو إعادة تأمين عن المخاطر، لأن ذلك يتطلب دفع أقساط عالية عادة ما لا تستطيع هذه المؤسسات الوفاء بها".

ويؤكد ضرورة أن تلتزم المؤسسات والدول باتفاقات منظمة العمل الدولية التي تمنع أنواعا عديدة من الأعمال التي يظن أن بها أخطارا عالية محققة دون توفر شروط السلامة المهنية..

ويبدي علاونه قناعة بأن صناديق التعويض التي ينشئها الصحفيون بشكل تضامني تشكل عبئا إضافيا على كاهلهم، بيد أنه يحث الدول والحكومات على الاضطلاع بهذا الدور بدلا عن التنصل من مسؤولياتها في توفير ظروف عمل كريمة للصحفيين.

المصدر : الجزيرة