تاورغا تتهم مصراتة بالتهجير

الأطفال في الجي بدون دراسة ( الجزيرة نت).
undefined

خالد المهير-بنغازي

أتهم أهالي منطقة تاورغا –من ذوي البشرة السوداء– ثوار مصراتة بتهجيرهم من بيوتهم وأرزاقهم بعد دخولهم المدينة خلال شهر رمضان الماضي، مؤكدين أنهم ضحية بين أطراف النزاع المسلح في ليبيا.
 
وقالوا خلال زيارة قامت بها الجزيرة نت الثلاثاء إلى مقر إقامتهم في ضواحي بنغازي إن الثوار قتلوا عددا من شباب القرية، بعد اتهامهم بالوقوف والقتال مع كتائب القذافي.
وتصل منذ بداية الأسبوع قوافل المُهجرين على متن شاحنات نقل كبيرة إلى مركز متهالك خصصته السلطات الانتقالية لإيواء ما يقارب أربعمائة مواطن تاورغي.
وتجولت الجزيرة نت داخل الحي، وهو عبارة عن بيوت من الصفيح لشركة أجنبية غادرت ليبيا بسبب أعمال العنف بدون ماء ولا كهرباء ولا حتى سيارة إسعاف تنقل المرضى، لكن الأهالي يقولون إنها أفضل من أوضاعهم السابقة.
وتعيش العائلات الهاربة على إعانات الجمعيات الخيرية والأهلية بالمدينة التي وفرت حتى الآن الأغذية والأدوية والأمن.

جوع وعطش

ويقول الفارون إن "ثوار مصراتة" أجبروهم على ترك منازلهم وأموالهم، في وقت قامت فيه كتائب القذافي بقطع الإمدادات عنهم من أجل حصارهم في القرية.

لحظة وصول عائلات جديدة من تاورغا إلى بنغازي على متن شاحنة نقل (الجزيرة نت)
لحظة وصول عائلات جديدة من تاورغا إلى بنغازي على متن شاحنة نقل (الجزيرة نت)

وفرت عائلات تاورغا (50 كلم شرقي مصراتة) إلى مدن الجفرة في الجنوب الليبي في رحلة قالوا إن الكثيرين منهم سقطوا فيها ضحية للجوع والعطش.

وأكدوا أن قناعتهم تبدلت بعد وصولهم إلى بنغازي، معقل الثورة الليبية التي قامت إحدى كتائبها، وهي "درع الجزيرة" بنقلهم وحمايتهم ومساندتهم في رحلتهم بالصحراء.
وتحدث هاني فتح الله منصور عن "ثوار مصراتة" وقال إنهم لاحقوا العائلات الهاربة حتى مشارف منطقة الهيشة، متحدثا عن تعرضهم للسب والقذف والشتم والتعذيب.

وقال للجزيرة نت إن كتيبة "الموت" المصراتية اعتقلت ما يقارب عن 15 شابا من مدينتهم إلى أماكن مجهولة، مؤكدا أن أحدا منهم لم يشارك في الحرب ضد الليبيين.
وأشار إلى تصرفات أثارت الرعب في قلوب الأطفال الصغار، وقال إن أحد الثوار أطلق على نفسه لقب قائد جيش الاحتلال الإيطالي غراتسياني، طلب من المواطنين وضع أيديهم فوق رؤوسهم وقتل أحد الشباب أمامهم.
رعب وخوف
وتؤكد هاجر عقيلة سالم أن أربع عائلات ماتت بالطريق إلى الهيشة (70 كلم شرق تاورغا) بعد منع كتائب القذافي تزويد السيارات بالوقود، وفرار الأهالي بدون حمل أغراضهم وأموالهم متحدثة للجزيرة نت عن حادثة ترك إحدى العائلات عجوزا طاعنة في السن على كرسي متحرك لشدة الرعب والخوف.
وقالت إن القرية عاشت فقيرة حتى في عهد القذافي "لا جامعات ولا مراكز طبية ولا مؤسسات تعليمية" ومن حق الأهالي الرجوع إلى بيوتهم وأملاكهم.
وينفي أغلب من قابلتهم الجزيرة نت وقوفهم في صف القذافي، عدا صالح عقيلة أحمد الذي قال إن بعضا من الشباب المغرر بهم ركبوا الموجة دون فهم، مؤكدا أنه يشعر الآن بقيمة الحرية المفقودة في زمن حكم القذافي.

وتتطلع الأم سليمة محمد ونجية محمد والأب مفتاح سالم ومحمد أشنينة إلى الرجوع والاستقرار في بيوتهم "بدلا من السكن في أحياء الصفيح" مؤكدين أنهم يتعرضون إلى تصفية عرقية وعنصرية "مقيتة".

شباب من تاورغا لحظة وصولهم أمس بنغازي (الجزيرة نت)
شباب من تاورغا لحظة وصولهم أمس بنغازي (الجزيرة نت)

فروا مع الكتائب
في المقابل فند الناطق الرسمي باسم ثورة 17 فبراير في مصراتة عبد الباسط بومزيريق الاتهامات، وقال إن أهالي تاورغا فروا مع كتائب القذافي بعد تورطهم في انتهاكات "كبيرة وخطيرة" بمناطق طمينة وكرزاز، وأن القرية خلت من سكانها عندما استطاع الثوار دحر الكتائب، عدا عوائل وصفها بـ" القليلة" أغلبهم من الشيوخ والعجائز والأطفال وفر لهم الثوار الأكل والضيافة في منطقة الكراريم، وعرضوا عليهم الانتقال إلى أي مكان يختارونه، وقد ذهبوا إلى مناطق الجفرة وبني وليد.

وذكر بومزيريق للجزيرة نت أن الحديث عن تهجيرهم "عار عن الصحة" واعتبر أنه لا يمكن القول إنهم قلة، متابعا "حقيقة الأمر كانوا متضامنين مع الكتائب عند ضربها لمصراتة، وشباب تاورغا استلموا السلاح والشيوخ الأموال مقابل القتال إلى جانب القذافي".
وأوضح أنهم تعمدوا في بداية الأحداث إخفاء الحقائق لعدم إفساح المجال للحديث عن حرب أهلية في البلاد، مؤكدا أن أهالي مصراتة لم يمنعوا سكان تاورغا من العودة إلى بيوتهم، لكنه قال إن كل مذنب تورط في سرقة البضائع والسيارات والقتل والانتهاكات سوف ينال جزاءه.
وعاد بومزيريق للقول إن تاورغا بطبيعتها تعيش على مصراتة في توفير فرص الأعمال، وأنهم إذا عادوا لا يجدون الحياة الأولى، مشددا بالقول إنه على أي حكومة جديدة التفكير جديا في استحالة التعايش السلمي بين تاورغا ومصراتة, وأكد في ختام حديثه أن تعويضهم وإبعادهم هو أنسب الحلول.
المصدر : الجزيرة