مئات المحامين لمطلقات السرطان بالجزائر

المحامية فاطمة بن ابراهم تدعو لقانون يحمي النساء المصابات بالسرطان

المحامية فاطمة بن إبراهيم تدعو لقانون يحمي النساء المصابات بالسرطان (الجزيرة نت) 


أميمة أحمد-الجزائر
                                     
تطوع أكثر من 700 محام في الجزائر للدفاع مجانا أمام المحاكم في قضايا الطلاق الخاصة بالنساء المصابات بسرطان الثدي على وجه الخصوص.
 
ويعتبر هذا المرض الأول بين أمراض السرطان في الجزائر، حيث يصاب به ما لا يقل عن تسعة آلاف امرأة سنويا، تتراوح أعمارهن في معظم الأحيان ما بين 35 و45 سنة، حسب الإحصاءات الرسمية.
 
وقالت الطبيبة المختصة في أمراض السرطان آسيا موساي إن المعتقدات الخرافية في المجتمع عن مرض السرطان تشير إلى أنه مرض معدٍ، وهو ما يؤدي غالبا إلى أن يطلق الزوج زوجته المريضة.
 
وأكدت موساي -في حديث للجزيرة نت- أن حالات طلاق المصابات بالسرطان موجودة، وخاصة سرطان الثدي، لكنها لا ترقى إلى أن تكون ظاهرة، وقالت إن هناك مريضات فوجئن بالطلاق وهن تحت العلاج، "فنواسيهن بأنه خير لهن أن انكشف معدن من طلقهن".

هيئة دفاع
لكن المحامية فاطمة بن إبراهيم -صاحبة مبادرة تأسيس هيئة من المحامين للدفاع عن هؤلاء النسوة- ترى في الأمر إجحافا وانتهاكا للحقوق الشرعية للمرأة، لأن الطلاق يحرمها من التأمين الصحي للأسرة، فضلا عن حقها في السكن في بيت الزوجية، وليس ذنبها أن تصاب بهذا المرض.

 
وقالت للجزيرة نت "إننا ندافع عن بقاء المرأة المريضة بالسرطان وغيره في عصمة الزوج، وله الحق في الزواج من امرأة أخرى".
 
لكن الوضع الاقتصادي للرجل غالبا لا يسعفه في تحمل الإنفاق على بيتين، ويصعب التوفيق بين زوجتين في بيت واحد، فيصبح الطلاق حلا للزوج.
 
لذا طالبت المحامية فاطمة الحكومة بأن تخصص لمريضات السرطان اللائي لا يجدن معيلا بعد الطلاق مسكنا جماعيا، أسمته "سكن الموت بكرامة" في كل ولاية بالطابق الأرضي لإحدى العمارات.
 
وضربت المثال بتجربة "جمعية أمل لمريضات السرطان" التي حصلت على شقتين في حي البلكور الشعبي بالعاصمة الجزائر، حيث تسكن عدة مريضات، يواسي بعضهن بعضا، ويقدم لهن الجيران والمحسنون المساعدة.

الدكتورة آسيا موساي: المعتقدات الخرافية عن السرطان تفاقم حالات الطلاق (الجزيرة نت)
الدكتورة آسيا موساي: المعتقدات الخرافية عن السرطان تفاقم حالات الطلاق (الجزيرة نت)

مطالب

وطالبت المحامية الجزائرية الحكومة  بجملة من الأمور منها جعل أجور النقل رمزية لحاملات البطاقة الصحية لمرض السرطان التي أصدرتها وزارة المرأة والتضامن، وذلك لتسهيل قدومهن إلى مراكز علاج السرطان.
 
كما دعت إلى اقتطاع جزء من عائدات الشركات الأجنبية بالجزائر لاستخدامها في التوعية بمرض السرطان، وأهمية الكشف المبكر عنه في الشفاء منه، وإلى إحالة مريضات السرطان إلى أعمال تناسب حالتهن الصحية وبقاءهن في العمل لينفقن على علاجهن، وكذلك الكشف الإجباري للعاملات عند التوظيف، فضلا عن توفير أدوية السرطان في مراكز العلاج.
 
ولم تنف الدكتورة موساي الاضطراب في توفر أدوية السرطان، وعزت ذلك إلى احتكار الشركة المصنعة للأدوية التي تحدد حصة لكل دولة، وإلى الأخطاء في تقدير الاحتياجات، مما يرفع أسعار الدواء، فكلفة علاج مريضة واحدة لا تقل عن 400 ألف يورو (نحو نصف مليون دولار)، وقد تصل إلى 600 ألف يورو لأنه يعطى حسب وزن المريضة.


"
المحامية فاطمة بن إبراهيم طالبت فرنسا بتعويض الضحايا ومعالجة المصابين بالسرطان
"

خريطة المرض

وعن خريطة مرضى السرطان في الجزائر ومدى مساهمة التفجيرات النووية الفرنسية ببعض المناطق الجزائرية في الإصابة بالسرطان، قالت موساي "لا توجد إحصاءات دقيقة لرسم تلك الخريطة، لكن من خلال عملي لاحظت أن معدل الإصابات بالسرطان في هذه المناطق أكثر من باقي الولايات".
 
وتقول المحامية فاطمة بن إبراهيم إن عدد المرضى بالسرطان في المنطقة سبعة أضعاف مقارنة بالمعدل العالمي، وأضافت أن على فرنسا أن تتحمل نتائج تجاربها النووية في الجزائر، وطالبتها بتنظيف المنطقة من التلوث النووي مثلما فعلت أميركا وبريطانيا في تنظيف مناطق أجرت فيها التجارب النووية، وببناء مستشفيات في تلك المناطق مجهزة بأفضل التجهيزات الطبية مع أطباء مختصين في علاج السرطان.
 
كما دعت المحامية فرنسا إلى رسم خريطة لمرض السرطان في الجزائر، لأن نتائج التلوث النووي تظهر بعد 40 و50 سنة، ولأنه لوحظ ارتفاع عدد المصابين بالسرطان في المناطق التي شهدت تفجيرات نووية، مما يعني أن هناك علاقة سببية بينها وبين وارتفاع معدل مرضى السرطان.
 
وقالت إن هذه "جريمة ضد الإنسانية" لا تسقط بالتقادم وفق اتفاقية روما لعام 1998، مشيرة إلى أنه على فرنسا تعويض الضحايا ومعالجة المصابين بالسرطان.
 
وخصصت الجزائر -التي لا يزال فيها الطب مجانيا- في قانون المالية لعام 2011 صندوقا خاصا للسرطان، ينفق على التوعية والعلاج وفتح مراكز جديدة لعلاج السرطان.
 
ويوجد حاليا في الجزائر المركز الوطني لعلاج السرطان (مركز بيير ماري كوري) بالعاصمة، وهو الأكبر في أفريقيا، إلى جانب أقسام لعلاج السرطان في مستشفيات عشر ولايات.
المصدر : الجزيرة