ابن خلكان

تتناول الحلقة الـ26 من سلسلة بالهجري حدثا وقع في مثل شهر ربيع الثاني الجاري حسب التقويم الهجري، وهو ولادة القاضي الشافعي والمؤرخ والمترجم ابن خلكان عام 608 للهجرة.

هو شمس الدين أبو العباس أحمد بن محمود بن خلكان، ورغم أنه ولد في أربيل شمالي العراق فإنه يعتبر علما من أعلام دمشق التاريخيين، حيث ولي قضاءها وتوفي ودفن فيها.

ورغم نبوغ ابن خلكان في أحكام الفقه والشريعة وتوليه أرفع المنازل في سلك القضاء فإن بروز اسمه في التاريخ العربي والإسلامي يقترن بشكل رئيسي بكتابه النفيس "وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان".

يعتبر كتاب ابن خلكان مرجعا علميا مرموقا ومفخرة للأدب العربي والإسلامي للحرفية والمهنية العالية التي انتهجها الكاتب في وضع مصنفه، والتي ترقى إلى الضوابط المعمول بها في يومنا هذا.

ويعتبر الكتاب المعروف اختصارا بوفيات الأعيان إضافة قيمة لأدب السِّير والتراجم ويصنف في الإنجليزية على أنه قاموس للسير وأنباء الأولين.

ولد ابن خلكان في أربيل شمالي العراق ودرس في الشام والقاهرةالجزيرة
ولد ابن خلكان في أربيل شمالي العراق ودرس في الشام والقاهرةالجزيرة

يقول ابن خلكان عن مصنفه إنه جاء ليحمي بعض المعلومات عن أعلام المسلمين من الاندثار، الأمر الذي يشعر معه مؤرخو اليوم بالامتنان لأن مصنف ابن خلكان قد حمى الكثير من المعلومات من الاندثار واستقاها من مصادر كانت قد نسيت وأغفلها المؤرخون الذين قبله.

ويحتوي كتاب وفيات الأعيان على 850 مادة ترجم ابن خلكان الكثير منها من لغات أجنبية، ولم يقتصر مصنفه على أهل الحكم والوزراء والنبلاء، بل ضمنه سيرة كل من يثير اهتمام الناس ويرد ذكره على الألسن.

يقول ابن خلكان في مقدمة كتابه: "هذا مختصر في التاريخ، دعاني إلى جمعه أني كنت مولعاً بالاطلاع على أخبار المتقدمين من أولي النباهة وتواريخ وفياتهم وموالدهم، ومن جمع منهم كل عصر فوقع لي منهم شيء حملني على الاستزادة وكثرة التتبع، فعمدت إلى مطالعة الكتب الموسومة بهذا الفن، وأخذت من أفواه الأئمة المتقنين له ما لم أجده في كتاب، ولم أزل على ذلك حتى حصل عندي منه مسودات كثيرة في سنين عديدة، وغلق على خاطري بعضه فصرت إذا احتجت إلى معاودة شيء منه لا أصل إليه إلا بعد التعب في استخراجه، لكونه غير مرتب، فاضطررت إلى ترتيبه، فرأيت على حروف المعجم أيسر منه على السنين".

وفي القضاء، بدأ ابن خلكان عمله في القاهرة مساعدا لقاضي القضاة ثم نال منصب قاضي قضاة المذهب الشافعي في دمشق حاضرة الشام، وكان له قضاة يمثلون المذاهب الثلاثة الأخرى وهي: الحنفي والحنبلي والمالكي.

فصل من منصب قاضي قضاة دمشق بعد عشر سنين، وانتقل إلى القاهرة للتدريس فيها حتى عاد إلى دمشق عام 677 للهجرة (1278 للميلاد) ومكث فيها حتى توفي بعد حوالي ثلاث سنين.

المصدر : الجزيرة