منظمة الصحة العالمية: عبر الدعم من قطر يمكن بناء مستقبل أكثر صحة للناس بأفريقيا والعالم

منظمة الصحة هدفت لدعم كل دولة من أجل تلقيح 40% على الأقل من سكانها بنهاية 2021 (الجزيرة)

الدوحة – قال مدير عام منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس إنه عبر الدعم المستمر من قطر يمكننا أن نبني مستقبلا أكثر أمانا وعدلا وصحة للناس في أفريقيا والعالم.

وجاء تصريحات أدهانوم اليوم الاثنين في اليوم الأول من منتدى قطر الاقتصادي الذي افتتحه أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني.

ويعقد المنتدى بالتعاون مع بلومبيرغ تحت شعار "آفاق جديدة للغد"، وذلك عبر تقنية الاتصال المرئي ويستمر 3 أيام، وسط مشاركة محلية وعالمية كبيرة.

وقال أدهانوم إنه حتى وقت قريب لم تشهد أفريقيا نفس المستوى من الدمار الناجم عن وباء (فيروس كورونا المستجد) "كوفيد-19" الذي شهدته مناطق أخرى، ولكن حاليا يظهر أن أفريقيا تشهد ارتفاعا حادا في أعداد الإصابات والوفيات بكورونا وهي تواجهها دون لقاحات.

وذكر أنه مع دعم مبادرة كوفاكس COVAX -وهي مبادرة عالمية تهدف إلى الوصول العادل إلى لقاحات "كوفيد-19"- بدأت 52 دولة في أفريقيا بإعطاء تطعيم كورونا، لكن حتى الآن تم إعطاء 40 مليون جرعة من اللقاح، أو أقل من 2% من عدد سكان القارة.

وأضاف أن منظمة الصحة العالمية هدفت لدعم كل دولة لتلقيح 10% من سكانها على الأقل بحلول سبتمبر/أيلول، و40% على الأقل بنهاية العام، و70% على الأقل بحلول يونيو/حزيران العام القادم.

أزمة

وأكد أن منظمة الصحة العالمية وشركاءها يعملون ليلا ونهارا لتأمين الوصول للمزيد من جرعات لقاح كورونا والإنتاج لتحقيق هذا الهدف.

وقال: لا يمكن لأفريقيا أن تعتمد على الاستيراد فقط للحصول على اللقاحات، يجب أن نبني قدرة (لإنتاج) ليس فقط للقاحات كورونا، بل للقاحات الأخرى والمنتجات الطبية.

وتشير المعطيات إلى أن الأشخاص في الدول والمناطق الأكثر ثراء يتلقون التلقيح أسرع بـ 30 مرة من الأشخاص في الدول التي لديها أقل دخل.

وتقول منظمة الصحة إن 10 دول في العالم تلقت 75% من كمية اللقاحات التي تم إعطاؤها حتى الآن. بالمقابل فقط 0.3% من اللقاحات ذهبت للدول الأقل دخلا.

وقال أدهانوم إن العالم على حافة كارثة من الفشل الأخلاقي.

وأدى الارتفاع الكبير في حالات ووفيات كورونا بالهند وجنوب آسيا وأميركا اللاتينية إلى رسم صورة مظلمة. وقارة أفريقيا خاصة في مشكلة، إذ إنها تلقت فقط 1% من اللقاحات المتاحة.

وتعتمد أفريقيا بشكل كبير على الاستيراد من الهند لتأمين لقاحات كورنا، ولكن الأخيرة أوقفت تصدير اللقاحات.

وتستكشف هذه القارة خيارات جديدة لحماية عدد سكانها البالغ 1.2 مليار نسمة. وأعلنت مؤسسة ماستر كارد أنها ستوفر 1.3 مليار دولار على مدار السنوات الثلاث القادمة، بالشراكة مع المراكز الأفريقية لمكافحة الأمراض والوقاية منها.

ويجب تسريع الإنتاج العالمي للقاحات وجعله بأسعار معقولة أكثر.

في الوقت الحالي، وافقت بعض الدول الغنية على مشاركة لقاحاتها مع مبادرة كوفاكس.

وأيضا عرضت منظمة التجارة العالمية رفعا لحقوق الملكية الفكرية على إنتاج اللقاحات، وهذا تدعمه الولايات المتحدة والهند وجنوب أفريقيا والدول النامية، ولكن يعارضه الاتحاد الأوروبي والشركات الدوائية، وفقا لبلومبيرغ.

خضم المواجهة

وقد ألقى أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، مساء اليوم، كلمة في الجلسة الافتتاحية لمنتدى قطر الاقتصادي، قال فيها "يأتي اجتماعنا اليوم ونحن في خضم المواجهة مع جائحة كوفيد-19 والتي شكلت تحديا خطيرا وغير مسبوق للإنسانية جمعاء على كافة الأصعدة، بما في ذلك المجال الاقتصادي حيث دارت نقاشات لا حد لها حول المفاضلة الوهمية بين صحة الناس وصحة الاقتصاد، وطغت الضبابية على توقعات المؤسسات الدولية بشأن الآفاق المستقبلية للاقتصاد العالمي ، خصوصا أن العالم لم ينتقل حتى الآن إلى مرحلة ما بعد الجائحة في ظل موجات العدوى المتجددة وتحورات الفيروس التي أكدت حالة عدم اليقين".

وأضاف الشيخ تميم بن حمد أنه "ثبت مثلا أنه لا غنى عن دور الدولة بعد أن نعاه العديد من الخبراء في عهد العولمة، فكما في حالة الأزمة المالية الأخيرة في العامين 2008 و2009 تبين أن توقعات المجتمعات في حالة الجائحة موجهة نحو الدولة، وأن دور الدولة لا غنى عنه".

ومن ناحية أخرى، ثبت أنه لا يمكن التغلب على تحديات كهذه بالاعتماد على جهود الدولة الوطنية فحسب. فجهود المواجهة لا بد أن تشمل المجتمع المدني وقطاع الأعمال، ويجب أن تكون منسقة عالميا، وكذلك الاستثمار في الأبحاث وتوقع الأوبئة القادمة وإنتاج اللقاحات وتوزيعها. هذه أمور لا تترك للدولة الوطنية وحدها، ولا لقوانين السوق والتجارة العالمية وحدها لتنظمها.

وقال الشيخ تميم "لم تأل دولة قطر جهدا في الاستجابة السريعة لمواجهة التداعيات الخطيرة للجائحة، حيث وجهنا باعتماد إستراتيجية تقوم على 3 محاور أساسية تتمثل في حماية كافة أفراد المجتمع عبر تعزيز القطاع الطبي، ولا سيما قطاع الصحة العامة، وتقديم الدعم اللازم للاقتصاد للحد من التأثيرات السلبية للجائحة، والمساهمة في الجهود الدولية للتصدي للفيروس من خلال تقديم المساعدات للدول والمنظمات الدولية المعنية. وبناء على هذه الإستراتيجية اعتمدنا برنامجا وطنيا للتطعيم ضد الفيروس، وتخطى البرنامج مؤخرا عدد المليونين و800 ألف جرعة حيث حصل إلى اليوم ما نسبته تقريبا 65% من السكان على اللقاح. كما وجهنا باتخاذ جميع الإجراءات اللازمة للحد من التبعات الاقتصادية للجائحة وتقديم دعم للقطاع الخاص المتضرر مقداره 75 مليار ريال (حوالي 20.6 مليار دولار)".

وقال أيضا "إنه يتوجب علينا أن نتعاون لتضييق الفجوة بين الدول المتقدمة والنامية، خاصة في الحصول على اللقاح ومواجهة تداعيات الوباء. لقد اتخذت دولة قطر خطوات كبيرة في هذا المسار من خلال تقديم المساعدات اللازمة لأكثر من 80 دولة ومنظمة دولية، وتعهدنا بتقديم الدعم لمنظمة الصحة العالمية والتحالف العالمي للقاحات والتحصين (جافي) والعديد من المنظمات والبرامج الدولية الأخرى على غرار برنامج كوفاكس الذي يهدف إلى وصول اللقاح بشكل عادل ومتكافئ إلى أكثر من 92 دولة محتاجة للمساعدات الإنمائية الرسمية بنهاية العام الحالي".

وأضاف أمير قطر "لا يفوتني هنا أن أؤكد على أن التوصل إلى لقاحات لمواجهة فيروس كوفيد-19 يعد جهدا إنسانيا محمودا، إلا أن تسابق وتنافس بعض الدول في الحصول على كميات تفوق حاجتها منها سيسهم بتعثر الجهود الدولية الرامية للسيطرة على الوباء عالميا، فضلا عن عرقلة مسيرة التنمية في الدول النامية والفقيرة. ومن هذا المنبر أدعو قادة دول العالم، خصوصا الدول الصناعية الكبرى، إلى مزيد من التعاون في إطار النظام الدولي، وتقاسم المسؤوليات والعمل معا من أجل التوزيع العادل والشامل للقاح بما يؤسس لنا لبناء نظام اجتماعي واقتصادي عالمي متكامل، وبما يتماشى مع أهداف التنمية العالمية المستدامة، ويحقق الخير والاستقرار لشعوبنا".

المصدر : الجزيرة + بلومبيرغ + وكالة الأنباء القطرية (قنا)