اللحوم الحمراء ترتبط بسرطان القولون عند تناولها بهذه الكمية

ارتبطت الطفرات الجينية -التي تشير إلى تلف الحمض النووي- بزيادة استهلاك اللحوم الحمراء وزيادة الوفيات المرتبطة بالسرطان لدى مرضى سرطان القولون والمستقيم.

توصلت دراسة حديثة إلى أن تناول اللحوم الحمراء يرتبط بزيادة خطر سرطان القولون، فكيف يحدث ذلك؟ وما الكمية التي ترتبط بهذا الخطر؟ وما اللحوم الأخرى التي لا تزيد خطر سرطان القولون؟

في البداية سوف نتناول الدراسة الحديثة، والمعطيات الجديدة التي قدمتها، وبعد ذلك سنقدم نصائح لاستهلاك اللحوم الحمراء، وأنواع اللحوم الأخرى التي لا تسبب سرطان القولون، ثم سنختم بمعلومات عن سرطان القولون والمستقيم وأعراضه.

توصلت الدراسة الجديدة إلى أن استهلاك اللحوم الحمراء قد يؤدي إلى تعزيز الطفرات المرتبطة بتلف الحمض النووي لدى مرضى سرطان القولون والمستقيم، وذلك وفقا لبيان على موقع الجمعية الأميركية لأبحاث السرطان. ونشرت الدراسة في مجلة "كانسر ديسكفوري" (Cancer Discovery)، ونقلتها مواقع ووكالات مثل وكالة الصحافة الفرنسية و"دويتشه فيله" ومجلة "لوبس" الفرنسية.

ووجدت الدراسة أن الطفرات الجينية -التي تشير إلى تلف الحمض النووي- ارتبطت بزيادة استهلاك اللحوم الحمراء وزيادة الوفيات المرتبطة بالسرطان لدى مرضى سرطان القولون والمستقيم.

الجديد الذي قدمته الدراسة:

  • أظهرت وجود ارتباط جزيئي مباشر بين اللحوم الحمراء وسرطان القولون.
  • شرحت الآلية التي تسمى "الألكلة" (alkylation)، وهو شكل من أشكال تلف الحمض النووي.
  • بيّنت أن هذا الارتباط أكثر مع سرطانات القولون والمستقيم التي بها نوع معين من الطفرات.

ولتحديد التغيرات الجينية المرتبطة بتناول اللحوم الحمراء، قام الباحث ماريوس جياناكيس -دكتوراه في الطب وأستاذ مساعد في كلية الطب بجامعة هارفارد- وزملاؤه بتحليل تسلسل الحمض النووي من أنسجة أورام طبيعية وأورام القولون والمستقيم المتطابقة من 900 مريض بسرطان القولون والمستقيم.

وكشف تحليل بيانات تسلسل الحمض النووي عن وجود العديد من الطفرات في أنسجة القولون الطبيعية والسرطانية، بما في ذلك الألكلة.

وارتبطت الألكلة ارتباطا وثيقا مع تناول اللحوم الحمراء المصنعة أو غير المصنعة، ولكن ليس مع تناول الدواجن أو الأسماك أو مع عوامل نمط الحياة الأخرى.

وحدد الباحثون جينات "كراس" (KRAS) و"بيك 3 سي إيه" (PIK3CA) كأهداف محتملة للطفرة التي تسببها الألكلة، ووجدوا أن أورام القولون والمستقيم التي تؤوي طفرات "كراس جي 12 دي" (KRAS G12D) أو "كراس جي 13 دي" (KRAS G13D) أو "بيك 3 سي إيه إي 545 كيه" (PIK3CA E545K)، التي تُلاحظ بصورة شائعة في سرطان القولون والمستقيم، لديها الألكلة أكثر مقارنة بالأورام من دون هذه الطفرات.

وارتبطت الألكلة أيضا ببقاء المريض على قيد الحياة، فالمرضى الذين كانت أورامهم لديها أعلى مستويات من التلف المؤلكل لديهم خطر أكبر بنسبة 47% للوفاة المرتبطة بسرطان القولون والمستقيم مقارنة بالمرضى الذين يعانون مستويات منخفضة من الضرر.

وقال جياناكيس إن "دراستنا حددت أول مرة بصمة طفرية مؤلكلة في خلايا القولون وربطتها باستهلاك اللحوم الحمراء والطفرات المسببة للسرطان". وتشير هذه النتائج إلى أن استهلاك اللحوم الحمراء قد يتسبب في تلف الألكلة الذي يؤدي إلى حدوث طفرات مسببة للسرطان في جينات "كراس" (KRAS) و"بيك 3 سي إيه" (PIK3CA)، ومن ثم تعزيز تطور سرطان القولون والمستقيم، "وتؤكد بياناتنا أيضا أن تناول اللحوم الحمراء يعدّ عامل خطر للإصابة بسرطان القولون والمستقيم، وتوفر أيضا فرصا للوقاية من هذا المرض واكتشافه وعلاجه".

وأوضح جياناكيس أن الاطباء إذا تمكنوا من تحديد الأفراد الذين لديهم استعداد وراثي لتراكم أضرار الألكلة، فيمكن نصح هؤلاء الأفراد بالحدّ من تناول اللحوم الحمراء في سبيل الوقاية. وفضلا عن ذلك فيمكن استخدام التوقيع الطفري المؤلكل (alkylating mutational signature) كعلامة حيوية لتحديد المرضى المعرضين لخطر أكبر للإصابة بسرطان القولون والمستقيم أو للكشف عن السرطان في مرحلة مبكرة. ومع ذلك، أشار جياناكيس إلى ضرورة إجراء دراسات مستقبلية لاستكشاف هذه الاحتمالات.

وشرح جياناكيس أن "تناول اللحوم الحمراء يفرز مركّبات كيميائية يمكن أن تسبب الألكلة"، وهذه المركّبات ناجمة عن الحديد الموجود بكثرة في اللحوم الحمراء أو من النترات الموجودة غالبًا في اللحوم المصنعة، وفقا لتصريح لوكالة الصحافة الفرنسية.

وكانت قد أعلنت الوكالة الدولية لأبحاث السرطان عام 2015 أن اللحوم المصنعة مسببة للسرطان، وأن اللحوم الحمراء ربما تسبب السرطان للإنسان.

كم الكمية المسموح بها من اللحوم الحمراء؟

هذا الموضوع بحاجة إلى تفصيل، فالدراسة المعنية لم تحدد رقما محددا، ولكن وكالة الصحافة الفرنسية وصحيفة لوبس قالتا إنه لم تلاحظ مستويات عالية من الألكلة إلا في أورام المرضى الذين يتناولون في المتوسط أكثر من 150 غراما من اللحوم الحمراء يوميا.

بالمقابل فإن خدمة الصحة الوطنية في بريطانيا (NHS) لها رأي متشدد أكثر، وتوصية صريحة واضحة، إذ في صفحتها عن "اللحوم الحمراء وخطر الإصابة بسرطان الأمعاء" تقول إن تناول كثير من اللحوم الحمراء واللحوم المعالجة يزيد خطر الإصابة بسرطان الأمعاء (سرطان القولون وسرطان المستقيم).

ولهذا السبب يوصى الأشخاص الذين يأكلون أكثر من 90 غراما (الوزن مطبوخ) من اللحوم الحمراء واللحوم المعالجة يوميا بتخفيض الكمية إلى 70 غراما أو أقل، وتقول إن ذلك قد يساعد على تقليل خطر الإصابة بسرطان الأمعاء.

ومن الأمثلة على اللحوم الحمراء

  • اللحم البقري
  • لحم الضأن
  • لحم العجل
  • لحم الغزال
  • لحم الماعز

ومن الأمثلة على اللحوم المصنعة (وهي اللحوم التي تحفظ عن طريق التدخين أو المعالجة أو التمليح أو بإضافة مواد حافظة):

  • السجق.
  • اللحوم الباردة مثل السلامي.
  • المرتديلا.
  • اللحوم المعلبة مثل اللحم البقري المحفوظ.
  • شرائح لحم اللانشون، بما في ذلك لحم الدجاج والديك الرومي.

أي إن اللحوم المصنعة الموصى بتقليلها تشمل لحوم الدواجن المعالجة أيضا.

ما أنواع اللحوم التي لا ترتبط بزيادة خطر سرطان القولون؟

  • الدجاج
  • الديك الرومي
  • البط
  • الإوز
  • لحم الطيور
  • لحم الأرنب
  • السمك

وهذا كله شريطة تناولها طازجة، أما اللحوم المعالجة مثل مرتديلا الدجاج والسمك المدخن، فهي لحوم مصنعة، ولا تدخل في هذه القائمة، ويوصى بتقليلها ومعاملتها مثل اللحوم المصنعة.

كيف يمكن تقليل مأخوذك من اللحوم الحمراء يوميا؟

  • تناول أجزاء أصغر من اللحوم الحمراء والمعالجة.
  • استبدال اللحوم الحمراء بالدجاج والسمك.
  • إذا أكلت أكثر من 90 غراما من اللحوم الحمراء والمعالجة في يوم معين، فيمكنك تناول كميات أقل في الأيام التالية، أو تجنب تناول اللحوم الحمراء بتاتا في أيام أخرى، بحيث لا يزيد متوسط ​​الكمية التي تتناولها يوميا على 70 غراما.

وعليك أن تتذكر أن تقليل اللحوم الحمراء هو أحد عوامل الحماية من سرطان القولون، أما العوامل الأخرى فتشمل تناول غذاء صحي، والتمتع بالنشاط، ومراجعة الطبيب مراجعة دورية وإجراء الفحوص.

ما هو سرطان القولون؟

ورم يصيب الأمعاء الغليظة، وهي جزء من الأمعاء يأتي بعد الأمعاء الدقيقة، وعادة ما يبدأ من تجمعات خلايا تشبه في شكلها ثمرة الفطر (المشروم) وتسمى البوليبات الغدية (adenomatous polyps)، وقد يحدث إما في القولون وإما في المستقيم وهو الجزء الأخير من الأمعاء الغليظة الذي يفضي إلى الشرج.

ويبلغ متوسط طول الأمعاء الغليظة قرابة 1.5 متر، وهي تنقل بقايا الطعام المهضوم من الأمعاء الدقيقة إلى الشرج لطرحها خارج الجسم، وتمتص الماء والأملاح من بقايا الغذاء المهضوم، وتؤدي دورا في توازن الأملاح في الجسم، كذلك فهي تعمل مخزّنا للفضلات حتى إخراجها من الجسم في عملية التبرز.

ويحدث السرطان عندما تطرأ تغيرات في المادة الوراثية للخلايا "دي إن إيه" (DNA) في القولون، مما يحولها من خلايا طبيعية إلى سرطانية تتكاثر بطريقة غير مسيطر عليها ولا تموت. وعادة ما ينشأ سرطان القولون من أنسجة في حالة تسمى "قبل سرطانية"، أي إنها ليست سرطانا ولكنها عادة تتحول إلى ورم خبيث لاحقا.

وتعدّ هذه الأنسجة أوراما حميدة، وتسمى البوليبات، ولكنها بعد مدة تتطور من ورم حميد (أي نمو غير طبيعي للخلايا ولكنه ثابت ولا يتمدد أو ينتشر) إلى ورم خبيث، أي السرطان.

وللوراثة جانب مهم في الإصابة بسرطان القولون، إذ توجد طفرات في الجينات تنتقل من الآباء إلى الأبناء. ولذلك فإن الطبيب قد يوصيك إذا كنت من أسرة سبق تشخيص أحد أفرادها بسرطان القولون فعليك بعمل فحوص دورية أكثر من الأشخاص الآخرين.

أعراض سرطان القولون

  • تغير في روتين التبرز، مثل حدوث إمساك أو إسهال.
  • حدوث تغير في قوام البراز.
  • وجود دم في البراز.
  • نزيف في الشرج.
  • تلبك معوي وانزعاج مستمران، أو تكون غازات.
  • الشعور بعد الذهاب إلى الحمام بأن الأمعاء لم تفرغ بالكامل من الفضلات.
  • تعب وإرهاق.
  • فقدان غير معتاد للوزن.

عوامل الخطورة

  • العمر، فمعظم حالات سرطان القولون تحدث بعد سن الـ50، ومع أن الشخص قد يصاب بها قبل هذا العمر، إلا أن نسبة الإصابة أقل.
  • إذا تم تشخيصك بالبوليبات في الأمعاء.
  • إذا كنت قد أصبت سابقا بسرطان القولون، فأنت معرض لعودته مرة أخرى (الانتكاس).
  • الإصابة بالتهابات الأمعاء، مثل التهاب القولون التقرحي ومرض "كرون".
  • وجود تاريخ في الأسرة للإصابة بالمرض أو البوليبات.
  • تناول غذاء فقير بالألياف الغذائية ومرتفع المحتوى من الدهون.
  • اتباع نمط حياة خامل وغير نشط.
  • البدانة.
  • الإصابة بالسكري.
  • التدخين.
  • شرب الخمر.

الوقاية

  • قم بفحص دوري للقولون بدءا من سن الـ50، أما إذا كنت من الفئة التي ترتفع لديها مخاطر المرض فيجب أن تبدأ الفحص الدوري للقولون عند عمر 45 أو حتى قبل، وذلك حسب توصيات الطبيب، إذ يساعد تشخيص المرض في بدايته على زيادة احتمال الشفاء. أما إذا عثر الطبيب خلال الفحص على بوليبات حميدة في الأمعاء فقد يزيلها قبل أن تتطور إلى سرطان.
  • إذا كنت من الفئة التي ترتفع لديها مخاطر المرض فقد يصف لك الطبيب أدوية وعلاجات لتقليل مخاطر المرض. راجع الطبيب وناقش معه خيارات الوقاية والعلاج.
  • تناول تشكيلة متنوعة من الخضراوات والفواكه والحبوب الكاملة، وذلك لتزويد جسمك بالمعادن والفيتامينات والألياف والمواد المضادة للأكسدة التي قد تسهم بدور في الوقاية من السرطان.
  • لا تشرب الخمر.
  • أقلع عن التدخين.
  • مارس الرياضة معظم أيام الأسبوع مدة 30 دقيقة يوميا.
  • حافظ على وزن صحي.
المصدر : الجزيرة + الفرنسية + دويتشه فيله + لوبس + مواقع إلكترونية