في يوم الملاريا العالمي.. لقاح طوّرته جامعة أكسفورد يثبت فعالية كبيرة

يحتفل العالم باليوم العالمي لمكافحة الملاريا، والذي يوافق 25 أبريل/نيسان، في وقت أظهرت تجربة مبكرة نتائج مبشرة للقاح ضد المرض، فأين وصلت المعركة مع الملاريا؟ وكيف يحدث المرض وما أعراضه؟ وما أبرز المعطيات حول بعض الدول العربية؟ الأجوبة في هذا التقرير…

نبدأ مع الأخبار الجيدة، حيث أثبت لقاح للملاريا طوّرته جامعة أكسفورد فعاليته بنسبة 77% في التجارب السريرية المبكرة، مما يشير إلى أنه يمكن أن يكون اختراقا محتملا في مكافحة أحد أكثر الأمراض المعدية فتكا في العالم، حيث تحدث الملاريا بسبب طفيلي "البلازموديوم" (Plasmodium parasite) الذي ينتقل إلى الناس من خلال لدغة بعوض الأنوفيلة (Anopheles).

وثبت أن تطوير لقاح فعال للملاريا أمر صعب، حيث أظهرت العديد من اللقاحات السابقة نتيجة متواضعة، وكان لقاح الملاريا المرشح الأعلى أداء والذي تم تطويره حتى الآن بفعالية 55.8%.

لقاح أكسفورد الجديد هذا، المعروف باسم "آر 21 ماتريكس إم" (R21 / Matrx-M)، هو أول لقاح يجتاز هدف منظمة الصحة العالمية المتمثل في تحقيق لقاح بنسبة 75% من الفعالية ضد الملاريا بحلول عام 2030. وقد نشرت نتائج هذه المرحلة من التجربة السريرية بشكل ما قبل الطباعة (preprint) في مجلة "ذا لانسيت" (The Lancet)، ولم تتم مراجعتها بعد.

أين وصل العالم في التصدي للملاريا؟

قالت منظمة الصحة العالمية في بيان إنه ومن بين 87 بلدا يشهد حالات إصابة بالملاريا أبلغ 46 بلدا عن وجود أقل من 10 آلاف حالة إصابة بالمرض في عام 2019 مقارنة بما مجموعه 26 بلدا في عام 2000. وأبلغ 24 بلدا بحلول نهاية عام 2020 عن وقف انتقال الملاريا خلال 3 سنوات أو أكثر وشهدت المنظمة على خلو 11 بلدا من هذه البلدان من الملاريا.

وهنأت منظمة الصحة العالمية العدد المتزايد من البلدان التي تكاد تقضي على الملاريا، مضيفة أن المبادرة الجديدة اليوم تهدف إلى وقف انتقال المرض في 25 بلدا آخر بحلول عام 2025.

وأشارت التقديرات إلى وجود 229 مليون حالة إصابة بالملاريا و409 آلاف حالة وفاة مرتبطة به في 87 بلدا في عام 2019. وظل الأطفال دون سن الخامسة في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى يمثلون ما يناهز ثلثي الوفيات الناجمة عن هذا المرض في العالم.

ووفقا للـ"ورلد هيلث داتا بلاتفورم" (World Health Data Platform) من منظمة الصحة العالمية، كان عدد حالات الملاريا في بعض الدول العربية في عام 2017 كالتالي: السودان 720879، جيبوتي 14671، اليمن 114004، موريتانيا 20105، الصومال 35138.

وتحمّل الإقليم الأفريقي للمنظمة 94% من مجموع حالات الإصابة بالملاريا والوفاة الناجمة عنها في العالم في عام 2019. وأبلغ عن وجود نسبة تقارب 3% من حالات الإصابة بالملاريا المسجلة خلال عام 2019 في إقليم جنوب شرق آسيا للمنظمة ونسبة 2% منها في إقليم شرق المتوسط للمنظمة. أما إقليم غرب المحيط الهادئ وإقليم الأميركيتين للمنظمة فسجل كل منهما أقل من 1% من مجموع الحالات.

وعلى الرغم من توقف التقدم المحرز في التصدي للملاريا على الصعيد العالمي في السنوات الأخيرة، فإن هناك عددا متناميا من البلدان ذات عبء الملاريا المنخفض يكاد يحقق الغاية المنشودة المتمثلة في القضاء على انتقال الملاريا ويتوصل إلى تحقيقها.

وقد أبلغ 24 بلدا في الفترة بين عامي 2000 و2020 عن عدم وجود أي حالات محلية المنشأ للإصابة بالملاريا خلال 3 سنوات أو أكثر. وهذه البلدان هي الجزائر والأرجنتين وأرمينيا وأذربيجان وكابو فيردي والصين، وأيضا مصر والسلفادور وجورجيا وإيران والعراق وكازاخستان، وكذلك قيرغيزستان وماليزيا والمغرب وعُمان وباراغواي وسريلانكا، فضلا عن سوريا وطاجيكستان وتركيا وتركمانستان، وأخيرا أوزبكستان والإمارات العربية المتحدة.

وقال الدكتور تيدروس أدهانوم غيبريسوس، المدير العام للمنظمة، "كان عبء الملاريا الذي تحمّله في وقت من الأوقات العديد من البلدان التي نعترف بها اليوم ثقيلا جدا. وقد حققت هذه البلدان إنجازاتها بصعوبة بعد العمل المنسق على مدى عقود فقط. وأظهرت معا للعالم أن القضاء على الملاريا هدف قابل للتحقيق بالنسبة إلى جميع البلدان".

ما الملاريا؟

الملاريا مرض فتاك تسببه طفيليات من فصيلة المتصورات التي تنتقل بين البشر من خلال لدغات أجناس بعوض الأنوفيلة الحامل لها، التي تسمى "نواقل الملاريا"، وذلك وفقا لمنظمة الصحة العالمية.

وهناك 5 أنواع من المتصورات التي تسبب الملاريا البشرية، ونوعان منها -المتصورة المنجلية والمتصورة النشيطة- تسببان تهديدا كبيرا.

المتصورة المنجلية: هي طفيلي الملاريا الأكثر انتشارا في القارة الأفريقية. وهي مسؤولة عن معظم الوفيات الناجمة عن الملاريا على الصعيد العالمي.

المتصورة النشيطة: هي طفيلي الملاريا السائد في معظم البلدان خارج أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.

أعراض الملاريا

الملاريا من الأمراض الحموية الحادة، وتظهر أعراضها لدى الأشخاص الذين ليست لهم مناعة ضده، بعد مضي 7 أيام أو أكثر (10 أيام إلى 15 يوما في غالب الأحيان) من التعرض للدغة البعوض الحامل لللمرض. وقد تكون الأعراض الأولى -الحمى والصداع والارتعاد والتقيؤ- خفيفة وقد يصعب عزوها إلى الملاريا. ويمكن أن تتطور الملاريا المنجلية، إذا لم تعالج في غضون 24 ساعة، إلى مرض وخيم يؤدي إلى الوفاة في كثير من الأحيان.

ويظهر على الأطفال المصابين بحالات وخيمة واحد أو أكثر من الأعراض التالية: فقر دم وخيم، أو ضائقة تنفسية من جراء الإصابة بحماض استقلابي، أو ملاريا دماغية. وعادة ما يشاهد لدى البالغين أيضا تعرض أعضاء متعددة من أجسامهم. وقد تظهر لدى بعض الأشخاص، في المناطق التي تتوطنها الملاريا، مناعة جزئية ضد المرض مما يفسر حدوث حالات عديمة الأعراض.

العوامل الرئيسية المحركة للنجاح في التصدي للملاريا

على الرغم من المسار الفريد من نوعه الذي يتبعه كل بلد للقضاء على المرض، فقد لوحظت عوامل مشتركة محركة للنجاح في جميع الأقاليم.

وقال الدكتور بيدرو ألونسو، مدير البرنامج العالمي لمكافحة الملاريا في المنظمة، "إن محرك النجاح هو في المقام الأول الالتزام السياسي بالقضاء على المرض داخل بلد تتوطنه الملاريا. ويجسد هذا الالتزام في توفير تمويل محلي يستمر في الغالب خلال عدة عقود حتى بعد خلو ذلك البلد من الملاريا".

ومعظم البلدان التي تتمكن من القضاء على الملاريا هي بلدان لديها نظم متينة للرعاية الصحية الأولية تضمن إتاحة خدمات الوقاية من الملاريا وتشخيصها وعلاجها دون مواجهة أي صعوبات مالية لجميع الأشخاص المقيمين داخل أراضيها بصرف النظر عن جنسيتهم أو وضعهم القانوني.

وتعتبر نظم البيانات المتينة أيضا من العوامل الرئيسية للنجاح إلى جانب المشاركة المجتمعية الراسخة. وقد اعتمدت عدة بلدان تحاول التخلص من الملاريا على شبكات مخصصة من العاملين الصحيين المتطوعين للكشف عن المرض وعلاجه في المناطق النائية التي يصعب الوصول إليها.

وفي إطار مبادرة القضاء على الملاريا بحلول عام 2020 المستهلة في عام 2017 كانت المنظمة قد دعمت 21 بلدا في سعيه إلى القضاء على جميع حالات الإصابة بالملاريا بحلول عام 2020. ويلخص تقرير صادر عن المنظمة التقدم المحرز والدروس المستخلصة في هذه البلدان على مدى السنوات الثلاث الماضية.

ويفيد التقرير بأن 8 من البلدان المشاركة في مبادرة القضاء على الملاريا بحلول عام 2020 أبلغت عن عدم وجود أي حالات محلية المنشأ للإصابة بالملاريا لدى الإنسان بحلول نهاية عام 2020، وضمت الجزائر وبليز وكابو فيردي والصين والسلفادور وإيران وماليزيا وباراغواي.

وبناء على الإنجازات المحققة في إطار مبادرة القضاء على الملاريا بحلول عام 2020، حددت المنظمة مجموعة جديدة من البلدان مكونة من 25 بلدا بإمكانه القضاء على الملاريا في غضون 5 سنوات.

وفي إطار مبادرة القضاء على الملاريا بحلول عام 2025 المستهلة اليوم، ستحصل هذه البلدان على الدعم المتخصص والإرشاد التقني في سعيها إلى بلوغ الغاية المتمثلة في القضاء على الملاريا.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية