من أصيب بكورونا ولم يتلق اللقاح قد يصاب مرة ثانية بعد هذه المدة

من لم يتلقّ لقاح كورونا قد يصاب مرة ثانية بكوفيد-19؛ لكن بعد كم شهر؟ وأيهما أفضل: أخذ جرعة معززة من اللقاح نفسه أو من غيره؟ وهل خذلت منظمة الصحة العالمية مرضى "كوفيد طويل الأمد"؟

نبدأ بالسؤال الأول، حيث توصلت دراسة حديثة إلى أن الشخص الذي أصيب بكورونا، ولم يتلق التطعيم، يمكن أن يصاب به مرة أخرى بعد مرور مدة من الزمن.

أجرى الدراسة باحثون من "يال ببليك هيلث" (Yale Public Health)، ونشرت في عدد أكتوبر/تشرين الأول من مجلة "ذا لانسيت مايكروب الطبية" (The Lancet Microbe).

ووجدت الدراسة أنه يمكن إصابة الأشخاص غير الملقحين من جديد بـ"كوفيد-19″ كل 16 شهرا.

وبعد 3 أشهر من الإصابة بـ"كوفيد-19″ لأول مرة ، يبلغ خطر الإصابة مرة أخرى نحو 5%، وفقا لما نقل موقع "ناشونال بوست" ( National Post) عن المؤلفة المشاركة هايلي هاسلر.

وبعد مرور 17 شهرا يرتفع هذا المعدل إلى 50%؛  وتوضح هايلي أن هذه الاحتمالات تختلف على المستوى الفردي.

وتشير نتائج الدراسة إلى أن المناعة الطبيعة للفيروس تتضاءل مع مرور الوقت، ونظرا إلى أهمية التطعيم.

وقالت هاسلر "تستند نتائجنا إلى متوسط ​​أوقات تضاؤل ​​المناعة عبر العديد من الأفراد المصابين.. قد يتعرض أي فرد من هؤلاء الأفراد لفترات أطول أو أقصر من المناعة اعتمادا على الحالة المناعية، والمناعة المتقاطعة، والعمر، وعوامل أخرى متعددة".

أيهما أفضل: أخذ جرعة معززة من اللقاح نفسه أو من غيره؟

قال الدكتور أنتوني فاوتشي، كبير المستشارين الطبيين بالبيت الأبيض، أمس الجمعة، إن بالإمكان أخذ جرعة معززة من لقاح "كوفيد-19" مختلفة عن نوع الجرعة السابقة، لكنه أوصى بأخذ اللقاح الأصلي إن كان متاحا.

وقال فاوتشي مدير المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية في مقابلة مع "سي إن إن" (CNN) "نوصي بوجه عام أن تكون الجرعة المعززة من النوع الذي تلقيته في البداية". وأضاف "لكن لسبب أو لآخر، ربما تفرض ظروف مختلفة نفسها، سواء في ما يتعلق بمدى توافر النوع أو لمجرد أسباب شخصية، حينئذ بوسعك أن تتلقى نوعا مغايرا".

وأوصت المراكز الأميركية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها أول أمس الخميس السكان بأخذ جرعات معززة من لقاح "كوفيد-19" لمن تلقوا جرعات "مودرنا" (Moderna) "وجونسون آند جونسون" (Johnson & Johnson)، وقالت إن بالإمكان اختيار لقاح مختلف عما تلقوه سابقا.

وفتحت التوصيات الباب أمام متلقي جرعة جونسون آند جونسون الواحدة لأخذ جرعة من لقاح "فايزر" (Pfizer) أو مودرنا اللذين أظهرا قدرا أكبر من الحماية في العديد من الدراسات.

هل خذلت منظمة الصحة العالمية مرضى "كوفيد طويل الأمد"؟

أصدرت منظمة الصحة العالمية أخيرا تعريفها الطبي لما سمته "مرض ما بعد كوفيد-19″، وهذا التعريف متأخر جدا ولا يعترف نطاقه الضيق بالإعاقة والأمراض الناجمة عن "كوفيد طويل الأمد" وآثاره الطويلة المدى على جودة حياة المصابين ومتوسط أعمارهم، وفق ما يراه الطبيب زياد العلي، الباحث في مجال "كوفيد طويل الأمد"، في مقال له بصحيفة "الغارديان" (The Guardian) البريطانية، كما يرى أن الفشل في إدراك النطاق الواسع للمرض سيلحق الضرر بعدد كبير من الناس في أنحاء العالم.

ويقول العلي إن أسباب تجاهل تعريف منظمة الصحة العالمية لمصطلح "كوفيد طويل الأمد" وعدم تبنّيها له غير واضحة، وهو مصطلح صاغه المرضى المصابون بكورونا؛ وقد أسهم أولئك المرضى المدافعون عن حقوق المصابين بالجائحة والباحثون في جذب الانتباه إلى وجود هذا المرض، وسلطوا الضوء على "كوفيد طويل الأمد".

في أيام "كورونا".. 10 نصائح لتتجنب الإنفلونزا يقدم لك الطبيب التركي، محمد جاقشرلي، عبر الأناضول، 10 نصائح لتجنب الإصابة بالإنفلونزا في ظل انتشار كورونا. 17.11.2020 للاستخدام الداخلي، إنفوغراف انفوغراف إنفوجراف انفوجراف

وتمكنوا في غضون أشهر قليلة -حسب المقال- من إنشاء حركة بحث وتوعية هائلة يقودها مصابون بالمرض، كانوا أول من قام بإحصاء الأفراد المصابين بأعراض "كورونا طويل الأمد"، وإعداد فهرس لمجموعة واسعة من المشاكل الصحية الناجمة عن الإصابة بفيروس كورونا، وستدرج إسهاماتهم في سجلات التاريخ كنقطة انعطاف مهمة في دراسة الجائحة.

وحسب العلي، فيمكن القول إنه من دون جهدهم كان "كوفيد طويل الأمد" سيبقى مدة طويلة حالة هامشية تتجاهلها الحكومات والأنظمة الصحية ومؤسسات البحث الأكاديمي، وتنظر إليها على أنها مشكلة ثانوية.

ويرى أن من وضعوا مصطلح "كوفيد طويل الأمد" يمثلون نسخة القرن الـ21 من ناشطي الإيدز الشجعان الذين غيروا الأساليب التي كانت الحكومات والجماهير تتعامل بها مع مرض الإيدز.

الأعراض

ويدعو الكاتب منظمة الصحة العالمية إلى تبنّي مصطلح "كوفيد طويل الأمد" رسميا، كما يرى أن من وضعوا المصطلح يستحقون احتراما وتقديرا كبيرين، كما يستحقون الاحتفاء بهم كأبطال، ليس فقط من خلال ضمّ بعضهم إلى لجان منظمة الصحة العالمية، بل أيضا من خلال الاعتراف بأنه من دونهم فإن أيا منا لم يكن ليتحدث عن "كوفيد طويل الأمد".

ويقول العلي إنه فضلا عن عدم تبنّيها للاسم الذي ابتكره المرضى المصابون بالجائحة، فإن تعريف منظمة الصحة العالمية يعتمد فقط على الأعراض، متجاهلا كثيرا من التداعيات الصحية الطويلة الأمد التي يسببها "كوفيد-19″، بما في ذلك مرض السكري وأمراض القلب وأمراض الكلى، وهي أمراض مزمنة تترك أثرها في صحة الأفراد المصابين مدى الحياة.

ولا يقتصر تأثيرها على جودة الحياة فقط، بل تؤثر أيضا في متوسط ​​العمر المتوقع للأفراد.

وبالنظر إلى ملايين الأشخاص المتضررين في جميع أنحاء العالم -والكلام للكاتب- فإن ذلك سيؤدي بالتأكيد إلى زيادة الأعباء العالمية المترتبة على هذه الأمراض، ويفرض ضغوطا إضافية على النظم الصحية المثقلة أصلا. لذلك؛ ينبغي الانتباه إلى هذا الأمر الآن والتثبت من أن حكوماتنا وأنظمتنا الصحية مستعدة للتعامل مع موجة المرضى الذين يعانون هذه الحالات المزمنة.

ويحذر العلي في مقاله من أن التداعيات الطويلة المدى للإصابة بـ"كوفيد-19" تشمل أيضا ظهور أمراض مزمنة جديدة في جهاز الأيض وأمراض القلب والأوعية الدموية، والفشل في إدراك هذه التداعيات سيتسبب في عدم استعداد العالم للتعامل مع التأثيرات الضخمة لما بعد الإصابة بفيروس كورونا، الأمر الذي قد تنجم عنه أزمة صحية عامة تستمر عقودا قادمة.

تشخيص للإقصاء

ويشير الكاتب إلى أن تعريف منظمة الصحة العالمية يبني التشخيص على فكرة أن الأعراض لا يمكن تفسيرها من خلال تشخيص بديل، وذلك يجعل تشخيص "كوفيد طويل الأمد" تشخيصا للإقصاء، فيزيد من تهميش هذا المرض.

ويقول "أشعر بالقلق من أن هذا التعريف القصير النظر لـ(كوفيد طويل الأمد) قد تستخدمه الحكومات وشركات التأمين الصحي للتقليل من خطورة المرض ورفض تغطيته بالتأمين الصحي"،  الأمر الذي قد يصبّ الزيت على النار من خلال منح تلك الجهات عذرا أخلاقيا لزرع مزيد من الشكوك في وجود هذا المرض ووصف آثاره السيئة على أنها "اختراع" لمجموعات نشطة من المرضى، حسب الكاتب.

وختم الكاتب بالقول إن ملايين المرضى الذين يعانون في جميع أنحاء العالم يستحقون حياة أفضل، وإن على منظمة الصحة العالمية وحكومات الدول والأنظمة الصحية في جميع أنحاء العالم القيام بعمل أفضل في سبيل الاستعداد لتداعيات "كوفيد طويل الأمد".

وحذر من أن الفشل في التعرف على نطاق المشكلة والاستعداد لها الآن يهدد بتقويض كثير من التقدم المحرز في قطاعات الصحة العالمية على مدى العقود الماضية.

المصدر : الجزيرة + وكالات + رويترز + غارديان + مواقع إلكترونية