سبوتنيك الروسي.. الإقلاع الفاشل للقاح فيروس كورونا

بسبب الموثوقية المشكوك فيها والاختبارات غير المكتملة والإنتاج المحدود وبعد ٥ أسابيع من إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أصبحت فاعلية اللقاح الروسي "سبوتنيك في" (Sputnik V) مهددة.

وقال الكاتب مارك نيكسون في تقريره الذي نشرته مجلة لوبوان الفرنسية إنه يوم 11 أغسطس/آب أدلى بوتين بالتصريح التالي "أصيبت ابنتي بحمى خفيفة بعد كل حقنتين، لكنها بخير.. لقاحنا فعال للغاية".

في ذلك اليوم، احتفل بوتين بالموافقة على "سبوتنيك في"، الذي يوصف بأنه أول لقاح متوفر في العالم ضد فيروس كورونا. ولإقناع الرأي العام، استشهد الرئيس بإحدى ابنتيه. ويعكس هذا الأمر مدى أهمية الموضوع، لأن بوتين لا يناقش موضوع أبنائه علانية.

خدعة

مع ذلك، بعد شهر، كان من الواضح أن "سبوتنيك في" لم يكن في مستوى التطلعات، لأنه ما زال في المرحلة التجريبية، وتحديدا في المرحلة الثالثة من اختباراته. بمعنى آخر، يعد على المستوى نفسه لتطور جزيئات شركات أسترا زينيكا ومودرنا وفايزر في الولايات المتحدة.

وقد أثارت هذه الخدعة ذهول المجتمع العلمي، حتى في روسيا، حيث قالت رئيسة اتحاد الأطباء أناستاسيا فاسيليفا إن "هذا الانتهاك للمعايير الدولية يهدف إلى خدمة الطموحات الجيوسياسية للرئيس".

في الواقع، منذ إعلانها عن اللقاح، قالت موسكو إنها تلقت طلبيات. وقد وقعت البرازيل والمكسيك والهند والسعودية على اتفاقيات بالفعل. وتستعد 12 دولة أخرى للقيام بالأمر ذاته.

وقد بلغت الكمية الإجمالية للجرعات 1.2 مليار جرعة، وقال السفير الروسي لدى الاتحاد الأوروبي فلاديمير تشيزوف "نقوم بذلك بشفافية كاملة، دون تفضيل ودون ارتباط سياسي أو اقتصادي".

لكن هذه التصريحات تخفي خطة تهدف إلى تأمين احتكار اللقاحات في البلدان النامية. وفي هذا الصدد، تقول أناستاسيا فاسيليفا "إن هذا الأمر لا يضمن وجود روسيا في هذه الأسواق. سيمكنها إبرام مثل هذه العقود أساسا من الحصول على متطوعين جدد".

دراسة مثيرة للجدل

ذكر الكاتب أن "سبوتنيك في" يواجه عددا من الصعوبات. بسبب الشكوك التي تحيط بعمل مركز غاماليا الموجود في موسكو الذي اكتشف هذا اللقاح.

كان عالم الأحياء الإيطالي إنريكو بوتشي هو من دق ناقوس الخطر بعد نشر النتائج الروسية في المجلة الطبية البريطانية ذي لانسيت في مقال كان يهدف في البداية إلى إثبات فعالية اللقاح.

وتكشف دراسة البيانات عن وجود مفارقة، إذ توصلت إلى أن مستوى الأجسام المضادة متطابق تماما لدى عدد من الأشخاص من جملة المرضى البالغ عددهم 76 مريضا الذين تعرضوا لصيغ جزيئية مختلفة.

يلاحظ الإيطالي إنريكو بوتشي أن "احتمال حدوث ذلك منخفض للغاية". وأثار هذا الأمر احتجاجات في صفوف المجتمع العلمي. نتيجة لذلك، أرسل 38 خبيرا رسالة إلى المجلة أشاروا فيها إلى المخالفات الإحصائية التي ارتكبتها موسكو.

هناك عقبة أخرى أمام رواج اللقاح الروسي تتمثل في إنتاجه المحدود وغير المنظم. ويرتبط هذا الوضع بالاختبارات التي لا تزال جارية. ففي موسكو مثلا، تمت تجربة اللقاح على 700 شخص فقط من إجمالي 60 ألف متطوع.

المنافسة الصينية

أما العقبة الأخيرة التي تواجهه فتتمثل في الصين، حيث يواجه "سبوتنيك في" اللقاحات الصينية التي صممتها شركة سينوفارم التي تهدف أيضا إلى تزويد البلدان النامية. وهي المنافسة التي تتحول في بعض الأحيان إلى استفزاز لروسيا. هذا هو الحال في مصر، حيث تُظهر السلطات تفضيلها للقاحين القادمين من بكين رغم وعود الشراكة التي قطعتها مع موسكو.

في مواجهة انعدام الثقة الذي تسبب فيه هذا اللقاح، هل ستنجح موسكو في تطعيم سكانها؟ تذكر رئيسة نقابة الأطباء أناستاسيا فاسيليفا "يُهدد المدرسون بفقدان وظائفهم إذا لم يخضعوا لهذا اللقاح. لكن بالنسبة للأطباء، سيكون الأمر أكثر تعقيدا. نحن نعلم قيمة البيانات العلمية الصادرة من بلدنا ونعلم أنه يمكن أن يسبب هذا اللقاح مفاجآت غير سارة في غضون عامين أو ٣ أعوام".

المصدر : الصحافة الفرنسية