شاهد- من البداية للنهاية.. هكذا تؤخذ عينات فحص كورونا

فادي العصا-بيت لحم

يمسك الطبيب الذي سيأخذ عينة لفحص فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) أنبوبا بلاستيكيا رفيعا، يخرجه من أنبوب آخر كان موجودا فيه، قبل أن يدخله في أنف الشخص المشتبه في إصابته، ويحركه قليلا في أنفه قبل إخراجه وإعادته مكانه.

يبدو الفحص سهلا وسريعا، لكن الأمور لم تنتهِ هنا، ولم تبدأ من هذا الإجراء كذلك، فهناك خطوات سابقة بدأت بإجراءات طبية قررتها الجهات الرسمية، أو باتصال من قبل الشخص الذي يشك في أنه مصاب.

خلية أزمة
توجهنا إلى مديرية الصحة في بيت لحم (جنوب الضفة الغربية المحتلة)، وهي المدينة التي ظهرت فيها أولى العينات الحاملة لفيروس كورونا في فلسطين.

بدأنا بالتعرق وشعرنا بأن أنفاسنا محصورة عندما ارتدينا اللباس الخاص قبل إجراء المقابلات، وضعنا القفازات في أيدينا، والكمامات على وجوهنا، ولكن ما يرتديه الطاقم الطبي أكثر من ذلك.

شكلت المديرية في بيت لحم وبمتابعة من وزارة الصحة الفلسطينية خلية أزمة، حمل الموظفون الأمانة بالتواجد على مدار الساعة، بلا توقف، لأن الحالة العامة تعتمد على ما يقومون به.

يقول مدير الشؤون الصحية في مديرية صحة بيت لحم شادي اللحام للجزيرة نت "إما أن نقوم بتحديد الأشخاص الذين نذهب إليهم، من خلال جداول وبيانات جمعناها ممن ظهرت عليهم الإصابة بالفيروس، ومن خالطهم ومخالطي المخالطين، أو نقوم بتلقي اتصال من شخص يشك في أنه يحمل الفيروس".

يتم تفريغ المعلومات وإبلاغ الأشخاص منذ اللحظة الأولى وقبل كل شيء بالحجر لمدة 14 يوما، حفاظا على سلامتهم وحصر الفيروس وعدم انتشاره.

‪لا تميز الطبيب من الممرض ومن العاملين في الخدمات الأخرى، فالزي الذي يرتديه كل واحد منهم لم يبقِ شيئا من ملامحهم‬ (الجزيرة)
‪لا تميز الطبيب من الممرض ومن العاملين في الخدمات الأخرى، فالزي الذي يرتديه كل واحد منهم لم يبقِ شيئا من ملامحهم‬ (الجزيرة)

أشكال متشابهة
تجتمع الخلية بعد ذلك، ويتجه كل شخص لعمل معين، منهم من يرتدي اللباس الخاص من خلال بدلة بلاستيكية معدة طبيا وقفازات ونظارات بلاستيكية وكمامات طبية صغيرة وكبيرة وغطاء للرأس والقدمين.

لا تكاد تميز الطبيب من الممرض ومن العاملين في الخدمات الأخرى، فالزي الذي يرتديه كل واحد منهم لم يبقِ شيئا من ملامحهم، بالإضافة إلى العمل في صمت، كل واحد في مكانه.

شخص آخر يبدأ تنفيذ الإجراءات اللوجسيتية من تعبئة البيانات والمعلومات وحصر المكان الجغرافي وأعداد الأشخاص الذين سيتم التوجه إليهم لأخذ العينات، قبل حجز المركبة والاستعداد الطبي الجيد وتطمين المواطنين عبر الهاتف، وإرشادهم إلى الإجراءات الطبية لحجز أنفسهم.

يرتدي بسام جرادات –أحد أطباء مديرية صحة بيت لحم- اللباس الخاص ست ساعات متواصلة في مناوبته اليومية الليلية، ويصف جسده بأنه يبقى مضغوطا طوال هذه الفترة، ناهيك عن التعرق والتنفس الصعب، لكن الحالة أصعب من ذلك، لذا لا مناص سوى الصبر وخدمة الناس، حسب جرادات.

‪الطبيب جرادات بعد ارتداء الزي الطبي الخاص الذي يلبسه عند أخذ العينات‬ (الجزيرة)
‪الطبيب جرادات بعد ارتداء الزي الطبي الخاص الذي يلبسه عند أخذ العينات‬ (الجزيرة)

عمل متسلسل
جرادات واحد من طاقم كامل يتوزع على المناطق المستهدفة بمركبات مديرية الصحة ومركبات الأمن الفلسطيني، بعد الانتهاء من الإجراءات الداخلية في المديرية بشكل سريع.

لم نقم بأخذ عينة طبية من أشخاص حقيقيين حفاظا على سلامتهم وسلامتنا، وكذلك لسرية المعلومات المتبعة، وقام الطاقم بتجريب العينة على أحد الأطباء الموجودين، ورأينا كيف أُخذت العينة، بعد كل هذه الترتيبات.

يحمل الطاقم العينة في ثلاجة خاصة قبل أن يتسلمها طاقم المختبر بمديرية الصحة، الذي يفرز العينات ويتأكد من ترقيمها، ويقوم كل شخص بإجراء معين من فرز وترقيم وإعطاء معلومات وتوثيق؛ وذلك حفاظا على سلامة الطاقم داخل المختبر، وعدم احتكاكه المباشر مع بعضه البعض.

تقول مديرة المهن الطبية المساندة ومسؤولة المختبرات في صحة بيت لحم إلهام رحال للجزيرة نت "إن سلامة الطواقم مهمة للغاية للحفاظ على استمرار العمل، لذا فالإجراءات يجب اتباعها بشكل دقيق، قبل نقل العينات إلى المختبر المركزي".

وفتحت وزارة الصحة مؤخرا مختبرا خاصا بفحص عينات فيروس كورونا في بيت لحم، بعد أن كان هناك مختبر واحد فقط في رام الله (وسط الضفة الغربية).

‪تعقيم للطاقم الذي قام بجولة ميدانية لجلب عينات لفحصها في مختبرات وزارة الصحة الفلسطينية‬ (الجزيرة)
‪تعقيم للطاقم الذي قام بجولة ميدانية لجلب عينات لفحصها في مختبرات وزارة الصحة الفلسطينية‬ (الجزيرة)

عينات إيجابية وسلبية
يجري المختبران ما معدله أربعمئة عينة يوميا، يستغرق الاختبار الواحد ما بين أربع وست ساعات، وتبلغ الجهات الرسمية بعد ظهور النتائج، التي تُبلّغ بدورها الأشخاص المعنيين.

وهنا إما أن تكون النتائج سلبية؛ وتعني عدم وجود المرض، أو إيجابية؛ وتعني أن هناك إصابة بالفيروس، وتتخذ الجهات الرسمية الإجراءات اللازمة بتوسيع دائرة الفحوص أو حصرها، واتخاذ القرار المناسب على مستوى المنطقة الجغرافية التي ظهر فيها الفيروس.

يرفع الطاقم الطبي من معنوياته بين فينة وأخرى، ويحاول بعضهم المزاح، ويتحدث آخرون عن أطفالهم وأقربائهم، وأن القادم أفضل وأجمل، وأوصونا بغسل ملابسنا بعد هذا العمل وتنظيف اليدين جيدا، حتى نستمر نحن بدورنا في تغطية الأحداث.

المصدر : الجزيرة