صيد الساحرات.. أحياء في الصين تطارد المسافرين العائدين من ووهان

BEIJING, CHINA - FEBRUARY 03: Chinese police march wearing masks during a duty change on February 3, 2020 in Beijing, China. China's stock markets tumbled in trading on Monday, the first day back after an extended Lunar New Year holiday as a mystery virus continues to spread in China and worldwide. The number of cases of a deadly new coronavirus rose to more than 17000 in mainland China Monday, days after the World Health Organization (WHO) declared the outbreak a global public health emergency. China continued to lock down the city of Wuhan in an effort to contain the spread of the pneumonia-like disease which medicals experts have confirmed can be passed from human to human. In an unprecedented move, Chinese authorities have put travel restrictions on the city which is the epicentre of the virus and neighbouring municipalities affecting tens of millions of people. The number of those who have died from the virus in China climbed to over 350 on Monday, mostly in Hubei province, and cases have been reported in other countries including the United States, Canada, Australia, Japan, South Korea, India, the United Kingdom, Germany, France and several others. The World Health Organization has warned all governments to be on alert and screening has been stepped up at airports around the world. (Photo by Kevin Frayer/Getty Images)
الحكومة قلقة من إجراءات إغلاق الأحياء أمام الوافدين مذكرة مسؤولي الأحياء بأنه ليس لديهم السلطة لمنعهم من الدخول (غيتي)

في تصرف يشبه "صيد الساحرات" يعرض سكان بعض الأحياء في الصين جوائز مالية ويطرقون الأبواب ويستجوبون الناس الساعين لدخول مناطقهم لكنهم لا يبحثون عن ساحرات أو حتى مجرمين بل عن أي شخص قدم من ووهان المدينة التي ظهر فيها فيروس كورونا الجديد.

وأثار تمديد عطلة السنة القمرية الجديدة نهاية الأسبوع المخاوف من انتشار أكبر للفيروس في وقت يكثر تنقل الناس في كافة أنحاء البلاد.

وصيد الساحرات/مطاردة الساحرات هو البحث عن أشخاص تم اعتبارهم سحرة أو ساحرات، وحدث في أوروبا وأميركا الشمالية المستعمرة خلال فترة من عامي 1450 إلى 1750، وأسفر عن محاكمات وعمليات إعدام لعشرات الآلاف بتهمة السحر والشعوذة.

ويقول تقرير لوكالة الأنباء الفرنسية إن بعض الأحياء في بكين منعت الوافدين من الدخول، حيث رفعت بعضها سواتر عشوائية الصنع لإجبار الزائرين أو أي شخص عائد من العطلة على تسجيل تاريخ سفره.

حوافز
وذهبت إحدى مناطق مدينة شيجيانغشوانغ (شمال) إلى حد عرض حوافز مالية تبلغ قيمتها ألفي يوان (288 دولارا) لمن يدلي بمعلومات عن أي شخص سافر إلى ووهان الأسبوعين الماضيين.

وبالنسبة لبعض الأحياء، فإن أي شخص سافر إلى مقاطعة هوباي (وسط) وعاصمتها ووهان لم يعد مرحبا به على الإطلاق.

وقال حارس أمن يضع قناعا واقيا أزرق، على مدخل أحد أحياء بكين "حتى إن كنت تسكن هنا لا يمكنك الدخول". وأضاف "إذا كنت من هوباي يتعين عليك أن تبلغ لجنة الحي".

وسارعت الصين لاحتواء الوباء بوقف حركة النقل من ووهان، ومنعت الرحلات السياحية إلى الخارج واختصرت وجهات الحافلات الطويلة وعلقت الآلاف من رحلات القطارات. لكن الفيروس استمر في الانتشار موديا بأكثر من 361 شخصا مع أكثر من 17 ألف إصابة في أنحاء البلاد.

والغالبية العظمى من الإصابات (11.177 إصابة) في هوباي. وجميع الوفيات التي أفيد عنها الاثنين وعددها 57 -باستثناء وفاة واحدة- كانت في المقاطعة. بالمقارنة سجلت بكين 191 حالة إصابة.

وقبل أسبوع، حضت اللجنة الصينية للصحة القرويين في أنحاء البلاد على عدم ترك أي نقاط فارغة عند التحقيق في الأماكن التي سافر إليها الناس.

ضغوط
لكن مع انتهاء العطلة الاثنين، تواجه الحكومات المحلية ضغوطا للعثور على الأشخاص الذين زاروا مقاطعة هوباي الأكثر تضررا بالفيروس.

وقالت امرأة تعمل بمجمع في بكين عرفت عن نفسها باسم ماي "إذا كانت وجوههم غير مألوفة، أو كانوا يجرون حقيبة، أطلب منهم أن يسجلوا" مضيفة أنها تشعر بالقلق.

صرامة
ورغم أن بعض الأحياء اتخذت قرارا متطرفا بمنع دخول الزوار أو القادمين من هوباي، فإن العديد من الأحياء ستسمح للمسافرين بالعودة لكن مع مراقبة صارمة فترة أسبوعين من الحجر الصحي.

وشرحت شو إيمين المسؤولة بأحد أحياء بكين أن الأهالي وعندما يعودون إلى منازلهم "لا يستطيعون الخروج والدخول مجددا" وإذا أرادوا شراء الطعام فإن لجنة الحي يمكنها القيام بذلك نيابة عنهم، وفق شو.

ويتلقى السكان القادمون من محافظة هوباي اتصالات يومية، ويجري التحقق من درجات حرارة أجسامهم خلال فترة الحجر الصحي، وفق ما أفادت هذه المسؤولة.

وقالت أيضا إن لجنة الحي -التي تعمل فيها وتدير مجمعا سكنيا يضم أكثر من 2400 منزل- قد زارت كل السكان وتحققت من سجلاتهم.

وأوضحت للوكالة الفرنسية أن "المعلومات التي نحصل عليها كاملة" مشيرة إلى أن لجنة الحي تتحقق كذلك من سجلات سفر السكان.

وأكدت "نريد أن يتحول الجميع إلى مصدر للمعلومات" مضيفة أنه إذا شكك السكان بجارهم "فعليهم أن يتصلوا فورا (بلجنة الحي)".

وانتشر الفيروس بشكل كبير على الرغم من الإجراءات الصارمة التي اتخذتها الحكومة في عزل هوباي، مما يلقي الضوء على التحدي الكبير المرافق لمكافحة فيروس مماثل.

وأعلنت السلطات الأحد عن اتخاذ إجراءات لعزل وانجو التي يقطنها تسعة ملايين شخص، حيث أفيد عن مئات الإصابات بفيروس كورونا. وتبعد المدينة أكثر من 800 كلم عن ووهان.

وصمة
ومن شأن إجراءات إغلاق الأحياء أمام الوافدين من الخارج أن تثير ردود فعل سلبية من سكان محبطين.

وأعربت الحكومة عن قلقها من هذه الإجراءات، مذكرة مسؤولي الأحياء السبت بأنه ليس لديهم "سلطة" لمنع الوافدين من الخارج من الدخول طالما تم التحقق مسبقا من درجات حرارتهم. لكن ذلك الإجراء لم يخفف من خوف أن ينشر العائدون من العطلة الفيروس في أحيائهم بالعاصمة.

وقالت غو هيرونغ العائدة إلى بكين من شنغدو في مقاطعة سيتشوان جنوب غرب الصين، لوكالة الأنباء الفرنسية الأحد إنها منعت من دخول المجمع السكني الذي تعيش فيه.

وأكدت هذه المرأة البالغة 24 عاما -من محطة قطار غرب بكين- أن المسؤولين عن الحي قالوا لها "إن من غير المسموح إطلاقا الدخول". وقالت "إذا لم يسمحوا لي فسأشتري بطاقة للعودة إلى المنزل".

وازدادت المخاوف من تعميق الوصمة بحق سكان ووهان وهوباي مع تزايد استهداف القادمين أو المتحدرين من المنطقة.

وكتب أحد المستخدمين على موقع ويبو الصيني للتواصل الاجتماعي "الطريقة التي ننظر بها نحن إلى ووهان هي الطريقة التي يرى بها العالم الصين".

وأشارت لوسي هونغ مخرجة أفلام وثائقية تعيش في بكين، مع بدء تصاعد الفيروس إلى انتشار "الانتقادات بحق سكان هوباي وسكان ووهان" على موقع ويبو. وأوضحت للوكالة الفرنسية "كوني متحدرة من ووهان حزنت كثيرا، شعرت بخيبة أمل أن الناس لم يظهروا على الأقل تعاطفا".

وقالت إنها تفهم الضرورة إلى التزام الحذر، لكنها أكدت أن "عدونا كان الفيروس دائما، يجب ألا يتحول إلى سكان هوباي وووهان".

المصدر : الجزيرة + الفرنسية