لماذا فشلت التجربة السويدية في التصدي لكورونا؟ و3 أسئلة أخرى

لماذا فشلت التجربة السويدية في التعامل مع وباء فيروس كورونا المستجد المسبب لمرض كوفيد-19؟ وكم عدد الأشخاص المصابين بفيروس كورونا في العالم؟ وما هي الفترة التي تبقى فيها معديا؟ هذه الأسئلة وغيرها نجيب عليها في هذا التقرير الشامل.

1- لماذا فشلت تجربة السويد في التعامل مع كورونا عبر إجراءات وصفت بالمعتدلة؟

كتبت "واشنطن بوست" (Washington Post) في افتتاحيتها أن استجابة السويد الأولية لوباء كورونا كانت معتدلة، مما سمح بإبقاء دوام تلاميذ المدارس الأصغر سنا في الصفوف، وسمح للشركات والمطاعم بالبقاء مفتوحة مع التباعد، مع قصر التجمعات العامة على 50 شخصا أو أقل، مع الأمل أن يطور السكان المناعة إلى مستوى كاف من المناعة الجماعية "مناعة القطيع"؛ لكن ما حدث أن السويد عالقة حاليا في موجة من الإصابات والوفيات المتزايدة.

فالسويد الآن تعاني من موجة وبائية، وحاليا توجد 48.9 إصابة مؤكدة جديدة من كورونا  لكل 100 ألف من السكان ، مقارنة بـ21.7 في الدانمارك، و 8.2 في النرويج و7.7 في فنلندا. ويبلغ متوسط الوفيات في السويد حوالي 42.6 وفاة في اليوم، مقارنة بـ6.9 في الدانمارك و 3 في النرويج و2.1 في فنلندا. وبلغ  إجمالي الوفيات في السويد بكورونا حتى اليوم 6798، ومعظمهم من كبار السن، وهذا الرقم يفوق مجموع الوفيات في دول الشمال الأخرى مجتمعة.

ويقول تقرير في مجلة "بي إم جيه" (Bmj) إنه يبدو الآن أن السويد تنضم إلى بقية الدول الإسكندنافية في وضع مزيد من القيود، مع ارتفاع عدد الحالات في الموجة الثانية.

وقال رئيس الوزراء السويدي ستيفان لوفين في مؤتمر صحفي في 3 نوفمبر/تشرين الثاني "نحن نسير في الاتجاه الخاطئ.. الوضع خطير للغاية. كل مواطن يحتاج لتحمل المسؤولية.. نحن نعلم مدى خطورة هذا".

واعتبارا من 12 نوفمبر/تشرين الثاني، كانت الحكومة قد فرضت قيودا محلية أكثر صرامة في 13 منطقة من أصل 21 في السويد، والتي تشمل تجنب وسائل النقل العام، والاتصال الجسدي مع أشخاص من خارج أسرتك، وقصر المطاعم والمقاهي على 8 أشخاص كحد أقصى على الطاولات.

ويقول يواكيم روكلوف، أستاذ علم الأوبئة والصحة العامة في جامعة أوميو، إن هناك أسبابا متعددة لهذا التغيير، بما في ذلك أن مناعة القطيع كما هو متوقع لم يتم الوصول إليها.

ففي أبريل/نيسان الماضي توقعت وكالة الصحة العامة السويدية أن 40% من سكان ستوكهولم سيصابون بالمرض وسيحصلون على أجسام مضادة واقية بحلول مايو/أيار؛ لكن وفقا لدراسات الأجسام المضادة الخاصة بالوكالة، والتي نشرت في 3 سبتمبر/أيلول للعينات التي تم جمعها حتى أواخر يونيو/حزيران، كان الرقم الفعلي للاختبار العشوائي للأجسام المضادة 11.4% فقط في ستوكهولم، و 6.3% في غوتنبرغ، و 7.1% في جميع أنحاء السويد.

سبب آخر للتحول في السويد، وفقا لروكلوف، هو أن السياسات الأكثر تقييدا في البلدان المجاورة "عملت بشكل أفضل"، ولم يكن لها آثار اقتصادية ضارة كما كان يخشى.

وقالت افتتاحية واشنطن بوست إن التجربة السويدية في التعامل مع كورونا فشلت، إذ لا توجد عصا سحرية، وحتى يصبح اللقاح جاهزا سينتقل الفيروس من شخص لآخر على اتصال وثيق به، والطريقة الأكثر فعالية لإيقافه هي تجنب ذلك الاتصال.

2- كم عدد الأشخاص المصابين بفيروس كورونا في العالم؟

قال الكاتب جان بول فريتز في تقرير نشرته صحيفة "لو نوفيل أوبسرفاتور" (Le Nouvel Observateur) الفرنسية، إنه رغم نشر الكثير من الإحصائيات عن عدد الأشخاص المصابين بالفيروس؛ إلا أن تلك المعطيات غير كافية للحصول على صورة واضحة عن مدى انتشار فيروس كورونا، لأننا نجهل عدد الأشخاص المصابين الذين لم تظهر عليهم الأعراض، بالإضافة إلى نقص عدد الاختبارات مقارنة بعدد السكان.

ومن الصعب، حسب الكاتب، تحديد عدد المصابين؛ لأن العديد من الأشخاص قد تظهر عليهم أعراض طفيفة، ويعتقدون أنهم ضحايا نزلة برد موسمية بسيطة. والأمر الخطير هو أن الأشخاص الذين لا يعانون من أي أعراض لن يبذلوا جهدا لتجنب نقل العدوى للآخرين؛ لأنهم يجهلون إصابتهم بالفيروس.

3- ما هي الفترة التي تبقى فيها معديا؟

أظهرت العديد من الدراسات أن العدوى تختلف من فرد لآخر، وأن هناك أشخاصا "لهم قدرة فائقة على العدوى"؛ لكن العلماء ما زلوا يجهلون على وجه الدقة الفترة التي يظل فيها المريض معديا، وذلك وفقا للكاتب.

ويرجح العلماء أن المصاب يمكن أن يبقى معديا لمدة تتراوح بين يوم و3 أيام قبل ظهور الأعراض الأولى، وهي الفترة الأخطر، ثم يستمر احتمال نقل العدوى لمدة أسبوع تقريبا؛ أي إننا يمكن أن ننقل الفيروس خلال فترة تمتد 10 أيام.

وقال الكاتب إن دراسة إيطالية نشرت في "المجلة الأميركية للطب الوقائي"، أظهرت أن 17% من المرضى، الذين تعافوا تماما من كوفيد-19، ثبت من خلال الاختبارات أنهم ما زالوا يحملون الفيروس بعد شفائهم.

ويقول الدكتور لاندي، أحد المشاركين في إعداد الدراسة "تشير أبحاثنا إلى أن نسبة كبيرة من المرضى الذين تعافوا من كوفيد-19 ربما ما زالوا يحملون الفيروس؛ لكن دون أن تظهر عليهم أعراض. السؤال الأساسي الذي ما زلنا لا نمتلك إجابة عليه، هو ما إذا كان استمرار بقايا الفيروس في جسم المريض يعني أنه ما زال معديا".

ويوضح الرسم الآتي 9 من أبرز أعراض فيروس كورونا، ولمعرفة القائمة التفصيلية لأعراض عدوى كورونا اضغط على هذا الرابط.

9 من أبرز أعراض عدوى كورونا (الجزيرة)

4- هل نحن محصنون بعد الإصابة بكوفيد-19 وإلى متى؟

أوضح الكاتب أن هناك تباينا في مواقف المتخصصين والخبراء حول هذه المسألة، حيث أظهرت بعض الدراسات، على غرار دراسة قام بها باحثون في مدرسة طب ماونت سيناي بنيويورك، شملت أكثر من 30 ألف مريض، أن "الغالبية العظمى من الأشخاص -أكثر من 90%- الذين تظهر عليهم أعراض خفيفة أو معتدلة، يظهرون استجابة مناعية قوية ومستقرة نسبيا ضد الفيروس لمدة 5 أشهر على الأقل". وهذا من شأنه أن يقلل فرص إصابتهم بالعدوى مرة ثانية.

في المقابل، يحذر خبراء من تزايد الإصابات بالعدوى مرة أخرى. وتؤكد كارين لاكومب، رئيسة قسم الأمراض المعدية في مستشفى سانت أنطوان بباريس، أن الأعداد الحقيقية لأولئك الذين أصيبوا بكوفيد-19 مرة ثانية أكثر بكثير مما تم توثيقه رسميا، مشيرة إلى أنه من الصعب جدا معرفة الأعداد على وجه الدقة خاصة أن الكثيرين لا تظهر عليهم أعراض.

وتعد المعلومات المتعلقة بالمدة، التي يبقى فيها الجسم محصنا ضد العدوى بعد الإصابة بالمرض، أمرا بالغ الأهمية، ويؤثر ذلك على فعالية اللقاح مستقبلا.

المصدر : الجزيرة + الصحافة الفرنسية + الواشنطن بوست + مواقع إلكترونية