لمن ستكون الغلبة والنصر على كورونا.. اللقاح الأميركي-الألماني أم الروسي؟

كومبو ... لمن ستكون الغلبة والنصر على كورونا.. اللقاح الروسي أم الأميركي-الألماني
اللقاح الروسي (يمين) سبوتنيك في، والأميركي الألماني "بي إن تي 162 بي 2" (غيتي)

بعد أن أعلنت شركة "فايزر" (Pfizer) الأميركية لصناعة الأدوية وشريكتها شركة التكنولوجيا الحيوية الألمانية "بيونتك" (BioNTech) في بيان، الاثنين، أن لقاحهما التجريبي للوقاية من مرض كوفيد-19 فعال بأكثر من 90%، قالت ممثلة لوزارة الصحة الروسية إن لقاح "سبوتنيك في" (Sputnik V) الروسي المضاد لكوفيد-19 فعال بنسبة تزيد عن 90%، فأي اللقاحين ستكون له الغلبة والسبق في تخليص البشرية من فيروس كورونا المستجد؟

قالت أوكسانا درابكينا وهي مديرة معهد بحثي تابع لوزارة الصحة الروسية في بيان "نحن مسؤولون عن مراقبة فعالية اللقاح (سبوتنيك في) وسط المواطنين الذين تلقوا جرعات منه في إطار برنامج التطعيم الجماعي".

وأضافت "فعاليته تفوق 90% استنادا إلى ملاحظاتنا، وبالنسبة لظهور لقاح آخر فعال.. فهذه أنباء طيبة للجميع".

وسنستعرض في هذا التقرير تفاصيل اللقاحين: الأميركي الألماني والروسي، وأيضا المخاوف والتساؤلات حولهما:

اللقاح الأميركي الألماني لفيروس كورونا

ما اسم اللقاح؟

اسم اللقاح "بي إن تي 162 بي 2" (BNT162b2).

من طوره؟

شركة صناعة الأدوية الأميركية فايزر وشريكتها، شركة التكنولوجيا الحيوية الألمانية، بيونتك. وبوشرت المرحلة الثالثة والأخيرة من التجارب السريرية على اللقاح الجديد نهاية يوليو/تموز بمشاركة 43 ألفا و538 شخصا حتى الآن، وتنوي الشركتان توفير بيانات عن تجارب المرحلة الثالثة كاملة ليراجعها العلماء.

كيف يعمل؟

يعتمد اللقاح "بي إن تي 162 بي 2" على "إم آر إن إيه" (mRNA)، وهي مقاربة جديدة للحماية من الإصابة بالفيروس.

وخلافا للقاحات التقليدية، التي تعمل على تدريب الجسم للتعرف على البروتينات التي تنتج العوامل المرضية، وقتلها، فإن "إم آر إن إيه" تخدع النظام المناعي لدى المريض لدفعه إلى إنتاج بروتينات الفيروس بنفسه، وهذه البروتينات غير مؤذية؛ لكنها كافية لتوفير استجابة مناعية قوية.

هل هو آمن؟

قالت الشركتان إنهما لم تجدا حتى الآن مخاوف خطيرة تتعلق بالسلامة، وتوقعتا الحصول هذا الشهر على تصريح أميركي لاستخدام اللقاح في حالات الطوارئ.

ووفقا لبيان صادر عن شركة فايزر لم تتم ملاحظة أي مخاوف خطيرة تتعلق بالسلامة.

وأضاف البيان أن الدراسة تشير إلى أن معدل فعالية اللقاح أعلى من 90%، وذلك بعد 7 أيام من الجرعة الثانية، وهذا يعني أن الحماية تتحقق بعد 28 يوما من بدء التطعيم، والتي تتكون من جدول بجرعتين.

وأضافت الشركة أنه "بناء على التوقعات الحالية، نتوقع إنتاج ما يصل إلى 50 مليون جرعة لقاح عالميا في عام 2020، وما يصل إلى 1.3 مليار جرعة في عام 2021".

ما الفترة التي يوفر فيها اللقاح حماية؟

أوغور شاهين الرئيس التنفيذي لشركة بيونتك، قال لرويترز إنه متفائل من أن تأثير التحصين للقاح سيستمر لمدة عام، رغم أن ذلك غير مؤكد بعد.

وقالت فايزر وبيونتك إن النتائج الأولية للمرحلة الثالثة من التجارب السريرية تظهر حماية للمرضى بعد 7 أيام من الجرعة الثانية من اللقاح و28 يوما بعد الجرعة الاولى.

بيانات قوية

وقال وليام شافنر، خبير الأمراض المعدية في كلية الطب بجامعة فاندربيلت في ناشفيل بولاية تينيسي، "بيانات الفعالية مثيرة للإعجاب حقا، هذا أفضل مما توقعه معظمنا.. الدراسة لم تكتمل بعد؛ ولكن مع ذلك تبدو البيانات قوية للغاية".

ورأى بيتر هوربي، أستاذ الأمراض المعدية الناشئة في جامعة أكسفورد، إن إعلان فايزر "يشكل نقطة تحول" في الجائحة.

ما المخاوف؟

بعض العلماء رحبوا بلقاح "بي إن تي 162 بي 2" بحذر، وقال مايكل هيد، كبير الباحثين في مجال الصحة العامة في جامعة ساوثمبتون في إنكلترا، "إنها نتيجة ممتازة للقاح من الجيل الأول".

لكن البعض الآخر توقع مشاكل لوجستية كبيرة في إيصال اللقاح إلى الجميع خصوصا أنه ينبغي المحافظة عليه باردا جدا، ويحتاج إلى جرعتين لدعم المناعة.

من جهته كتب إيان هاميلتون -وهو أستاذ مساعد في الإدمان بجامعة يورك- في "إندبندنت" (independent) عن لقاح فايزر وبعض الأسئلة المطروحة والصعوبات، فمثلا اللقاح يجب أن يعطى على جرعتين، لذلك 30 مليون جرعة ستكفي 15 مليون شخص.

أيضا ستكون هناك قرارات صعبة بشأن من ستكون له الأولوية، ومن سيتم استبعاده. على الرغم من أنه قد يبدو من الواضح إعطاء الأولوية لبعض المجموعات مثل موظفي الخدمة الصحية الوطنية في الخطوط الأمامية والأفراد المعرضين للخطر؛ إلا أنه لا توجد ضمانات في هذه المرحلة.

ويضيف أن شركة فايزر تقول إن بيانات المرحلة الثالثة من التجربة تظهر أن اللقاح فعال بنسبة 90%، و رغم أن هذا مثير للإعجاب؛ إلا أنه ما يزال يعني أن واحدا من كل 10 لن يكون محميا، والمشكلة هي أننا لا نعرف ما إذا كانت شركة فايزر قادرة على التنبؤ بمن لا يستجيب للعقار.

أيضا تبدو اللوجستيات العملية لتزويد وتوزيع هذا اللقاح صعبة كما يمكنك أن تتخيل، إذ يجب تخزين الدواء في درجة حرارة 80 مئوية تحت الصفر، وهذا أيضا سيشكل تحديا لتصنيع هذا اللقاح على نطاق واسع.

وأيضا قال هاميلتون إنه يتم إعطاء هذا اللقاح على جرعتين يفصل بينهما 3 أسابيع، وسيكون الامتثال لهذا أمرا صعبا أيضا، حيث ينسى الناس مواعيد المتابعة أو يسيئون فهم الحاجة إلى الجرعة الثانية.

كما نبه هاميلتون قائلا "نحن لا نعرف إلى متى يوفر هذا اللقاح المناعة". استندت الدراسة على تكون مناعة في 28 يوما، ومن الواضح أنه إذا كانت المناعة تقتصر على تلك الفترة الزمنية، فسيكون للقاح فائدة محدودة.

اللقاح الروسي لفيروس كورونا

ما اسم اللقاح؟

اسم اللقاح سبوتنيك في (Sputnik V).

من طوره؟

طور اللقاح مركز غاماليا الوطني لأبحاث علوم الأوبئة والأحياء الدقيقة في روسيا، وأسس المركز كمختبر خاص عام 1891، ويحمل اعتبارا من عام 1949 اسم نيكولاي غاماليا، رائد الأبحاث الروسية للأحياء الدقيقة.

وحصل اللقاح على شهادة تسجيل من وزارة الصحة الروسية في 11 أغسطس/آب الماضي، ويمكن استخدامه من أجل تطعيم السكان في روسيا بموجب القواعد المعتمدة خلال فترة الجائحة، ومن المخطط زيادة إنتاج اللقاح في روسيا وحول العالم.

كيف يعمل؟

سبوتنيك في هو أول لقاح مسجل في العالم قائم على منصة "الفيروسات الغدية" (Adenoviruses) للإنسان المدروسة بشكل جيد، ويعمل على نواقل من الفيروس الغدي.

و"النواقل" هي حوامل يمكنها إيصال المادة الجينية من فيروس آخر إلى الخلية، وتتم إزالة المادة الجينية للفيروس الغدي الذي يسبب العدوى، فيما يدخل جين يحمل كودا لبروتين من فيروس آخر في الحالة الراهنة من فيروس كورونا، وهذا العنصر الجديد آمن بالنسبة للجسم؛ ولكنه يساعد الجهاز المناعي في الاستجابة وإنتاج الأجسام المضادة التي تحمي الجسم من العدوى.

المنصة التكنولوجية للنواقل القائمة على الفيروسات الغدية، تسهل وتسرع إيجاد اللقاحات الجديدة عبر تعديل الناقل-الحامل الأصلي بمادة جينية من الفيروسات الجديدة التي تظهر، ما يسمح بالحصول على لقاحات جديدة خلال فترات زمنية قصيرة، وهذه اللقاحات تحدث استجابة قوية من جانب جهاز المناعة لدى الإنسان.

وتعد الفيروسات الغدية البشرية من ضمن الأكثر سهولة وبساطة بالنسبة لعملية التعديل، ولذلك اتسع نطاق انتشارها كنواقل وفقا لموقع لقاح سبوتنك في.

هل هو آمن؟

وفقا لموقع اللقاح الرسمي فإنه قبل الشروع بالاختبارات السريرية، اجتاز اللقاح بشكل كامل جميع المراحل ما قبل السريرية، وذلك من حيث الفعالية والسلامة، وشمل ذلك تجارب على أنواع مختلفة من الحيوانات المخبرية، من ضمنها نوعان من الرئيسيات.

تم اختتام المرحلتين الأولى والثانية من الاختبارات السريرية في الأول من أغسطس/آب عام 2020، واجتاز جميع المتطوعين الاختبارات بشكل جيد، ولم تسجل أي ظواهر غير متوقعة أو خطيرة وغير مرغوبة.

وانطلقت دراسات ما بعد التسجيل للقاح سبوتنيك في بمشاركة أكثر من 40 ألف شخص في روسيا وبيلاروسيا في 25 أغسطس/آب من عام 2020. كما سينضم إلى الدراسات عدد من الدول.

ما الفترة التي يوفر فيها اللقاح حماية؟

وفقا لتصريحات سابقة لوزارة الصحة الروسية فإن التلقيح المزدوج "سيسمح بتشكيل مناعة طويلة قد تستمر "لعامين".

ما المخاوف؟

وفقا لتقرير منشور في مجلة "ذا لانسيت" (The Lancet) الطبية فقد أثار تصميم أول تجربة بشرية للقاح سبوتنيك انتقادات، ونقل التقرير عن شينا كروكشانك، عالمة المناعة في جامعة مانشستر بالمملكة المتحدة، أن نتائج الدراسة حول لقاح "سبوتنيك في" تبالغ في تقدير تأثيرات العلاج.

من جهة أخرى، وعلى الرغم من عدم معرفته بمراقبة الجودة أو تفاصيل ضمان الجودة لسبوتينك يرى عالم اللقاحات بيتر هوتز من كلية بايلور للطب، تكساس، الولايات المتحدة الأميركية، مزايا ملحوظة في اللقاح الروسي، فتركيبة سبوتنيك في المجففة بالتجميد تشبه إلى حد كبير لقاح الجدري الذي طوره الاتحاد السوفياتي في السبعينيات، مما يسمح بنقل اللقاح إلى أماكن بعيدة.

كما أن قدرة تحمل اللقاح مماثلة للقاحات الأخرى الموجهة للفيروسات الغدية، ومع أن المستويات الإجمالية للأجسام المضادة المعادلة للفيروس ليست عالية حتى مع الجرعتين؛ لكنها تشبه بعض اللقاحات الأخرى "الموجهة للفيروسات الغدية"  (adenovirus vectored vaccines).

ختاما فإن قادم الأيام سيكشف لنا من سيكون له السبق في هزيمة فيروس كورونا المستجد، وتخليص البشرية من هذا الوباء المخيف.

المصدر : إندبندنت + الجزيرة + الفرنسية + رويترز + وكالات