استخدمت وسيلة تعذيب.. حقائق مذهلة عن الدغدغة

كيف تؤثر الدغدغة على الدماغ؟ (فري بيك) ضحك
كيف تؤثر الدغدغة على الدماغ؟ (فري بيك)

عادة ما نربط بين الدغدغة والشعور بالمرح والضحك والألفة، فما الذي يسبب المشاعر الإيجابية المرتبطة بالدغدغة؟ وهل تعرف أنها قد تستخدم وسيلة للتعذيب؟

وفي تقرير بمجلة "بسكلوخيا أي منتي" الإسبانية، قالت الكاتبة جينيفر ديلجادو سوريز إن عالميْ النفس آرثر ألين وستانلي هول صنفا الدغدغة إلى نوعين سنة 1987. ويُسمى الصنف الأول الدغدغة الخفيفة وهي شعور خفيف يحدث رد فعل على ملامسة الجسم لشيء، وتشبه تماما الإحساس بالحكة أو وخز يمكن أن يكون غير سار. ويمكن أن نشعر بالدغدغة عند ملامسة القلم، حيث لا يسبب هذا النوع الضحك.

ويبدو أن هذه الدغدغة تعتبر بمثابة تأخر تطوري من شأنه أن يسمح لنا بالقيام برد فعل فوري على خطر محتمل مثل إبعاد العنكبوت أو أي حشرة أخرى تمشي على أجسامنا، حيث يمكن أن نخدش أنفسنا في هذه الحالة للقضاء على هذا الخطر.

وفي الواقع، كشفت دراسة لجامعة توبنغن أن الدغدغة تعمل أيضا على تنشيط منطقة ما تحت المهاد، وهي منطقة في الدماغ تؤدي إلى الرغبة البدائية في محاولة الهروب من الخطر.

وأردفت الكاتبة أن النوع الثاني يدعى الدغدغة الثقيلة، التي تنتج عن ملامسة أحدهم مناطق حساسة في جسم شخص آخر بشكل متكرر وأكثر شدة من الدغدغة الخفيفة. وتولد هذه الدغدغة لدى الإنسان أحاسيس ممتعة وموجة من الضحك. كما يُعتقد أن الدغدغة الثقيلة تعمل على تعزيز العلاقات الاجتماعية بحيث تجعلنا نشعر بمزيد من الأمان والتواصل مع الناس، في ظل العيش في عالم خارجي عدائي.

ووفقا لعلماء الأعصاب فإن سبب هذه المشاعر الإيجابية الناتجة عن الدغدغة يتمثل أساسا في الدوبامين، حيث يُطلق هذا الناقل العصبي عند دغدغة أحدهم، وهو أمر أساسي في نظام المكافآت في الدماغ ويلعب دورا مهما في عملية الضحك.

كما توصل العلماء إلى تحديد ما يمكن أن نسميه "الخلايا العصبية الدغدغة" التي توجد في القشرة الحسية الجسدية للدماغ ولا تشارك في حاسة اللمس، وإنما تلعب أيضا دورا مهما في إدارة مزاجنا.

لماذا وُجدت؟
أشارت الكاتبة إلى أنه من الواضح أن الدغدغة -خاصة الثقيلة- تمتلك جانبا عاطفيا واجتماعيا ذا أهمية كبيرة. لذلك، عادة ما نربطها بمفهوم المزاح واللعبة. وتجدر الإشارة إلى أن العديد من الخلايا العصبية يتم تنشيطها باستخدام الدغدغة خلال القيام بأنشطة الألعاب المختلفة.

ومن هذا المنطلق، يمكن أن نعتبر الدغدغة خدعة أنتجها الدماغ لإثبات أهمية وفوائد اللعب والتفاعل مع الآخرين. من ناحية أخرى، تعزز الدغدغة في سن مبكرة الروابط العاطفية بين الوالدين وأطفالهم. وعادة ما يلجأ الإخوة في وقت لاحق إلى الدغدغة ليس فقط لإنشاء علاقات عاطفية، وإنما أيضا كرد فعل عنيف أو بهدف إزعاج الآخرين.

وأشارت الكاتبة إلى أن الدغدغة بهذه الحالة تلعب دورا مهما في تعليم الأطفال كيفية تطوير مهاراتهم الدفاعية عن طريق تعليمهم حماية الأجزاء الأكثر ضعفا بالجسم. ولو أعرنا قليلا من الاهتمام لهذا لاكتشفنا أننا عادة ما نتخذ وضعيات دفاعية حين يحاول أحدهم أن يقوم بدغدغتنا. ومع ذلك، لا تعتبر الدغدغة عنصرا أساسيا لتعزيز العلاقات الاجتماعية فحسب، وإنما يمكن أن تساعدنا أيضا على التعامل مع مشاكل الحياة بشكل أفضل وتجاوز العراقيل بسهولة.

وذكرت الكاتبة أن دراسة -أجريت في مؤسسة النهوض بالعلوم الدولية في مدينة تسوكوبا اليابانية- وجدت أن الدغدغة تساعدنا على أن نتجاوز مواقف صعبة، وأن نشعر بالخوف بشكل أقل من المعتاد. والأهم أننا سنتمكن من التعافي من تلك التجربة السلبية بشكل أسرع. وعموما، أثبت علماء الأعصاب أن الدغدغة تعمل كنوع من الدرع الواقي. لذلك، عادة ما ينخفض مستوى الأدرينالين في الدم حيث يمكننا أن نبقى هادئين حين نواجه مواقف مثيرة للخوف.

هل ندغدغ أنفسنا؟
أوردت الكاتبة أن الدغدغة تؤدي إلى استجابة شديدة بمناطق الجسم غير المرتبطة ارتباطا مباشرا بحساسية الجلد. وتتمثل أكثر مناطق الجسم التي تتفاعل مع الدغدغة في راحة اليد والإبطين وباطن القدمين وغيرها من المناطق حيث يكون الجلد أقل حساسية من غيره. من جهة أخرى، يؤثر عامل المفاجأة والمباغتة أيضا على الدغدغة، وهو أحد الأسباب التي تجعلنا لا نستطيع دغدغة أنفسنا لأننا ندرك بالضبط المنطقة التي سنلمسها.

وقد خلص مجموعة من الباحثين بجامعة كوليدج في لندن إلى أن المخيخ يعيق نشاط القشرة الحزامية الأمامية حين نحاول دغدغة أنفسنا، كما لو كان يخبرك بأنه ليست هناك حاجة للقيام برد فعل متمثل في الضحك لأنه محفز ذاتي المنشأ. كما أثبت العلماء أن الجسم لا يتفاعل مع الدغدغة في أوقات القلق الشديد، الأمر الذي يؤكد صحة ملاحظات تشارلز داروين القائل "العقل ينبغي أن يكون في حالة ممتعة حتى تجعله الدغدغة يضحك".

تعذيب "بلا رحمة"
تستخدم العديد من الثقافات الدغدغة بمثابة وسيلة تعذيب. فعلى سبيل المثال، يُقال إن الدغدغة استُخدمت عقوبة مخصصة لطبقة النبلاء نظرا لأنها لا تترك علامات على الضحية ويمكن أن يتعافى منها الشخص المنتمي لسلالة هان الحاكمة الصينية بسرعة.

علاوة على ذلك، أطلق اليابانيون اسم "دغدغة بلا رحمة" على هذا النوع من التعذيب. علاوة على ذلك، خلال حقبة روما القديمة، يتم غمر قدمي المعاقب في محلول ملحي ثم يتم ربطهما ويأتون بمعزة تلعق المحلول على قدمي المعاقب. في بداية الأمر، لا يشعر الشخص سوى بوخز خفيف. ومع مرور الوقت، يصبح الأمر مؤلما للغاية.

وذكرت الكاتبة أن الدغدغة يمكن أن تنتج ردود فعل فسيولوجية شديدة تتراوح بين القيء وسلس البول أو فقدان الوعي بسبب عدم القدرة على التنفس. ومع ذلك، تعتبر الدغدغة وسيلة ممتازة لتفعيل آلية الاتصال العاطفي مع الأشخاص المحيطين بنا حين تنشأ في بيئة حميمية يشعر فيها الناس بالراحة.

المصدر : الصحافة الإسبانية