مئات المصابين الفلسطينيين في غزة برصاص إسرائيلي مهددون بالبتر

تحميل صور من الالمانية ، فلسطين، مئات المصابين الفلسطينيين في غزة برصاص إسرائيلي مهددون بالبتر بفعل نقص إمكانيات العلاج. صور: dpa
المصابون في غزة مهددون بالمعاناة من الإعاقة طوال حياتهم أو بتر أطرافهم، إن لم يعالجوا جيدا (الألمانية)

أصبح السرير الصديق الأول للشاب الفلسطيني ‫رامي أبو كرش منذ إصابته برصاص الجيش الإسرائيلي قبل أربعة أشهر خلال ‫مشاركته في مسيرات العودة الشعبية شرق قطاع غزة.

‫وخضع أبو كرش (34 عاما) لعمليات جراحية عدة وعشرات من جلسات العلاج ‫الطبيعي من دون أن يزول عنه حتى الآن خطر التعرض لعلمية بتر في ساقه ‫المصابة.

‫ويقول أبو كرش إنه يداوم على جلسات ‫العلاج الطبيعي وشراء الأدوية الموصوفة له من الأطباء، على أمل أن يسهم ‫ذلك في إنقاذ ساقه من البتر واستكمال حياته عاجزا.

‫ويضيف "أعيش في صراع مع الألم الذي باتت حياتي معه تعتمد على أدوية ‫المسكنات وتقريبا لا أغادر السرير طوال اليوم بسبب عدم قدرتي على المشي ‫واستخدام ساقي بالحد الأدنى".

‫ويعاني أبو كرش من تفاقم تدهور حالته الصحية جراء تقطع أوردة ساقه بفعل ‫عيار ناري إسرائيلي من نوع "المتفجر"، لكن أطباء أبلغوه بحاجته إلى تدخل ‫علاجي أكثر فاعلية من المتاح في مستشفيات غزة.

مسكنات
‫ويشير إلى أنه يستمر على الأدوية خاصة المسكنات حتى لا تسوء الحالة ‫أكثر مما هي عليه، لكن هذا الأمر غير كافٍ حتى الآن لمنع التعرض لعملية ‫البتر، "مما يجعلني أعيش في خوف شديد من المستقبل".

‫الحالة نفسها يعانيها الشاب تيسير أبو عمران (22 عاما) الذي أصيب بطلق ‫ناري متفجر في ساقه قبل خمسة أسابيع ومهدد بالبتر، في ظل رفض سلطات الاحتلال ‫الإسرائيلي السماح له بالانتقال إلى الضفة الغربية لاستكمال علاجه.

‫ويوضح أبو عمران أنه أجرى عملية جراحية في غزة خسر فيها ‫15 سنتيمترا من العظام وتم وضع البلاتين داخل ساقه لكنه لا يزال مهددا ‫بالبتر حيث دمر العيار الناري الأعصاب لديه.

‫ويشير أبو عمران إلى أنه يشتري أصناف الأدوية على حسابه الشخصي لكن ‫ثلاثة أنواع من مضادات حيوية تستلزم حالته غير متوفرة في غزة، ما يجعله ‫أمام تهديد تفاقم تدهور حالته الصحية أكثر.

‫ويضيف أن المصابين في غزة مهددون بالمعاناة من الإعاقة طوال حياتهم، ‫أو بتر أطرافهم المصابة، إن لم يعالجوا جيدا، و"للأسف جميعنا ‫ضحايا هذا الواقع الصعب".

ويضطر عدد كبير من مصابي مسيرات العودة في غزة لشراء الأدوية من خارج ‫المستشفيات، في ظل عدم استطاعة عدد كبير من المستشفيات تأمينها، خصوصا ‫الأدوية المسكنة والمضادات الحيوية والمطهرات العامة.

جراحات معقدة
‫ويقول مسؤولون محليون في غزة إن المئات من مصابي مسيرات العودة بحاجة ‫ماسة إلى جراحات معقدة من أجل تمكينهم من المشي السوي مجددا وتفادي ‫استمرار تدهور حالتهم الصحية بما في ذلك الخضوع لعمليات بتر.

‫ويوضح الناطق باسم وزارة الصحة الفلسطينية في غزة أشرف القدرة، أن 305 فلسطينيين قتلوا، فيما أصيب أكثر من ثلاثين ألف آخرين ‫بجروح برصاص الجيش الإسرائيلي منذ انطلاق مسيرات العودة في 30 مارس/آذار ‫2018.

‫وبحسب القدرة، فإن الجيش الإسرائيلي يتعمد استهداف المتظاهرين في مسيرات ‫العودة بالرصاص المتفجر الذي يؤدي إلى قطع الأوردة والشرايين والأعصاب، ‫مما يؤدي للبتر ويهدد المئات من المصابين في الوقت الحالي.

ويقول القدرة إن مئات من المصابين حالتهم معقدة وبليغة ما أدى إلى خضوع ‫136 منهم لعمليات بتر يتوزعون بين 122 في الأطراف السفلية و14 في ‫الأطراف العلوية.

ويضيف أن مستشفيات قطاع غزة تعاني من نقص كبير في الاحتياجات الطبية وفي ‫حال لم يتوفر العلاجات والتدخلات اللازمة، فإن عدد حالات البتر للمصابين ‫مرشح للازدياد بشكل كبير.

‫ويفيد القدرة بأن نقص الأدوية في مستشفيات القطاع يصل في كثير من ‫الأحيان إلى نسبة 50%، فضلا عن فئة الإصابات المهددة بالبتر، وهي فئة ‫تحتاج إلى أدوية خاصة ذات تكلفة عالية.

‫كما أن تراجع دعم المشاريع في قطاع غزة بشكل عام خلال السنوات الأخيرة ‫وصل إلى 40%، وهو أمر يعاني منه المرضى الذين لا يجدون العلاج والأدوية ‫داخل المستشفيات أو حتى داخل المؤسسات الخيرية، والسبب ظروف سياسية ‫وتغيرات إقليمية إلى جانب تغيير بوصلة اهتمام الممولين لدول غير فلسطين ‫بحسب القدرة.

نقص تمويل
ومؤخرا قال منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية ‫المحتلة جيمي مكجولدريك إن نقص التمويل للقطاع الصحي في قطاع غزة يعني ‫أنه ربما يتعين إجراء عمليات بتر أعضاء خلال العامين المقبلين لنحو ألف وسبعمئة ‫شخص ممن أصيبوا برصاص جيش الاحتلال الإسرائيلي.

‫ويشير موقع الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية ‫المحتلة (أوتشا) إلى أن خطة الاستجابة الإنسانية للمشاريع الإنسانية ‫والإغاثية لقطاع غزة رصدت أن القطاع بحاجة إلى 351 مليون دولار للبرامج ‫الإغاثية والطبية لعام 2019، لكن تم توفير 52 مليون دولار فقط حتى الآن، ‫أي 14.9% من حاجة القطاع، وهي نسبة متدنية وخطيرة بالمقارنة مع السنوات ‫الماضية.

‫ويحذر عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية رئيس دائرة حقوق ‫الإنسان والمجتمع المدني أحمد التميمي من مخاطر التفاقم الحاصل للأزمة ‫الإنسانية جراء ارتفاع أعداد المصابين بإعاقات في قطاع غزة.

‫ويؤكد التميمي أن وجود ألف وسبعمئة مصاب مهددين ببتر أطرافهم في ‫قطاع غزة، يشكل أزمة إنسانية لها تداعيات اجتماعية واقتصادية على ‫المصابين وعائلاتهم.

‫ويشدد التميمي على الحاجة إلى تدخل دولي عاجل، خاصة على صعيد الأمم ‫المتحدة ومنظماتها المختصة لتوفير مستلزمات العلاج الكافية للمصابين في ‫قطاع غزة ومنع انهيار المؤسسات الصحية فيه.

المصدر : الألمانية