تصرفات خاطئة للتعامل مع البرد

هناك آليات مذهلة يعتمد عليها الجسم للحفاظ على حرارته الطبيعية عندما تنخفض درجة الحرارة ويصبح الجو باردا إلى حد التجمد، وهي:

1- تضيق الأوعية الدموية
وفقا لروبرت كينيفيك، وهو عالم مختص في علم وظائف الأعضاء بمعهد أبحاث الجيش الأميركي للطب البيئي، فإن جسم الإنسان مصمم بطريقة تجعله يحافظ على درجة حرارة ثابتة بشكل دائم تبلغ 37 درجة مئوية.

وعندما تنخفض درجة الحرارة في محيطك ليصبح البرد شديدا، تبعث المستقبلات الحرارية في جلدك تنبيها لمنطقة في الدماغ تسمى تحت المهاد تعمل مثل مُنظم الحرارة للحفاظ على هذا التوازن. وتتمثل أولى الخطوات التي تقوم بها منطقة تحت المهاد في شد الأوعية الدموية في الذراعين واليدين والقدمين والساقين. وفقا للكاتبة لورين غيلمن، في تقريرها الذي نشرته مجلة "ريدرز دايجست".

2- الحاجة إلى التبول
يؤدي تضيق الأوعية إلى تجمع السوائل في نفس المكان من الجسم، فترسل مستقبلات الحجم إشارات إلى منطقة تحت المهاد للتخلص من هذه السوائل عن طريق التبول. ومن الشائع أن الأشخاص الذين يذهبون إلى منحدرات التزلج يستخدمون الحمام قبل الذهاب إلى التزلج، ولكنهم مع ذلك يشعرون بالحاجة للتبول مرة أخرى بعد فترة وجيزة.

3- الارتجاف
يرتجف الجسم عندما يكون الجو باردا، لكن السبب وراء ذلك مثير للاهتمام. فعندما لا تكون عملية تضييق الأوعية كافية لتدفئة الجسم، ترسل منطقة تحت المهاد إشارات إلى عضلاتك للبدء بالتقلص. وتعد الحرارة من المنتجات الثانوية لعملية تقلص العضلات.

وأورد غوردون غيسبريشت أستاذ الفسيولوجيا الحرارية بجامعة مانيتوبا في كندا أن الارتجاف العادي ينتج حوالي مئة واط من الحرارة، وفي حال شعورك ببرد شديد لدرجة وصولك لمرحلة انخفاض درجة الحرارة، فإنه يمكن لجسمك إنتاج ما يتراوح بين أربعمئة وستمئة واط من الحرارة من خلال الارتجاف.

ووفقا لكينيفيك يأخذ الماء الحرارة من الجسم 25 مرة أسرع من الهواء، لذلك يمكن أن تفقد كمية كبيرة من الحرارة بسرعة كبيرة عندما تكون مبللا. ويعد الارتجاف من إحدى الطرق التي يحاول من خلالها جسمك رفع درجة حرارته مجددا.

4- تنكمش على نفسك
عندما يقوم جسمك بتضييق الأوعية الدموية ودفع عضلاتك إلى الارتجاف، فقد تمارس سلوكيات اجتماعية تساعدك على الحفاظ على دفئك، مثل الانكماش على نفسك مما يجعل الجسم يفقد حرارة أقل بفعل تقلص حجم المساحة التي يحتلها.

وهناك تصرفات خاطئة للتعامل مع البرد، وهي:

1- شرب الخمر
في حال كنت تعتقد أن قارورة مليئة بالخمر يمكنها أن تبقيك دافئا فأنت مخطئ، نظرا لأن أول تفاعل رئيسي للجسم مع البرد يتمثل في تضيق الأوعية الدموية، في حين أن شرب الخمر يتسبب في توسّع الأوعية.

وعند اتساع الأوعية الدموية، سيخسر الجسم كل الحرارة التي أنتجها، وذلك حسب ما وضحه كينيفيك. في تلك الأثناء، سيشعر جلدك فقط بالدفء لكن ذلك لا يتعدى كونه مجرد إحساس زائف لأن شرب الخمور يؤدي إلى انخفاض درجة حرارة الجسم.

2- ارتداء الكثير من الملابس عند ممارسة نشاط
إذا كنت خارج المنزل في طقس بارد جدا وتقوم بدفع الثلج بعيدا، وهو أمر يستوجب الكثير من العمل الجسدي، فأنت تقوم بتقليص عضلاتك وتوليد الكثير من الحرارة، وبالتالي سترتفع درجة حرارة جسمك.

ويقول كينيفيك "في هذه الحالة، تتوسع الأوعية الدموية بدلا من أن تضيق، فيبدأ الجسم بالتعرق. وإذا امتصت ملابسك هذا العرق فإنها من الممكن أن تبدأ في امتصاص الحرارة من جسمك. لذلك يجب عدم ارتداء الكثير من الثياب إذا كنت تعلم أنك ستمارس نشاطا".

ماذا يحدث إذا استمر البرد وانخفضت حرارة الجسم؟

1- توقف الدماغ عن العمل جيدا
بمجرد دخول جسمك في حالة انخفاض درجة الحرارة، سيواجه كل من دماغك ونظامك العصبي صعوبة أكبر في أداء وظائفهما والحفاظ على التفكير المعتاد. وتحاول منطقة تحت المهاد استخدام جميع الآليات التي تعمل عادة. وعندما تفشل هذه الآليات يصبح من غير الواضح ما يجب فعله فيما بعد.

2- تجمد الجلد وتغير لونه إلى الأبيض
تعد هذه العلامات دليلا على الإصابة بقضمة الصقيع، وهي حالة يصبح فيها الجلد المكشوف شديد البرودة ويتجمد. وعادة ما تكون الخدود والأنف والأصابع من أكثر المناطق في الجسم عرضة للإصابة بهذه الحالة نظرا لأنها تحصل على كمية أقل من تدفق الدم بسبب تضيق الأوعية. وتعني قضمة الصقيع تضرر أنسجة الجلد.

ووفقا لكينيفيك، إذا كانت هذه الحالة خطيرة بما فيه الكفاية، فإن لون الجلد سيتحول إلى الأسود. في البداية سوف تشعر بالألم، وعندما تصبح بشرتك أكثر برودة ستشعر بالخدر. ويقول غيسبريشت "عندما يحدث هذا الأمر، فذلك يعني أن مستقبلات الحرارة في جلدك قد توقفت عن العمل".

3- احمرار البشرة وظهور طفح جلدي
ذكرت الكاتبة أن بعض الأشخاص لديهم رد فعل تحسسي تجاه الطقس البارد، وهي حالة تعرف باسم شرى البرد. ولا تعتبر هذه الحالة ردة فعل الجسم تجاه الطقس البارد المتجمد، مثل قضمة الصقيع، بل بالأحرى مجرد حالة صحية تسبب رد فعل من نوع الحساسية لدى بعض الأشخاص الذين يمتلكون بشرة حساسة.

4- صعوبة التقاط الأنفاس
وفقا لكينيفيك، عندما تستنشق الهواء فإن أنفك يساعد على ترطيبه وتدفئته قبل انتقاله إلى الرئتين. لكن بالنسبة لبعض الأشخاص، مثل المرضى الذين يعانون من الربو، أو في بعض الحالات التي يكون فيها الطقس باردا جدا، لا تتم تدفئة الهواء بما فيه الكفاية مما يتسبب في تشنج الرئتين وتقلصهما مما يصعب من عملية التنفس.

5- سوء حالة العضلات
بينت الكاتبة أنه كلما تعرضت أنسجة العضلات للبرد تراجع نشاطها. وأوضح غيسبريشت أن "العضلات في البداية تفقد القدرة على القيام بالمهام الحركية الدقيقة، على غرار استخدام هاتفك الخلوي بشكل صحيح. وفي نهاية المطاف قد لا تستطيع حتى التمسك بقارب مقلوب في المياه الباردة".

المصدر : مواقع إلكترونية