السكري.. الأعراض والأسباب والعلاج

أطلق اليوم العالمي للسكري عام 1991 من قبل الاتحاد الدولي للسكري ومنظمة الصحة العالمية، وذلك استجابة للمخاوف المتزايدة بشأن الخطر الصحي المتصاعد الذي يمثله هذا المرض.

ويحتفل العالم بيوم مرض السكري في 14 نوفمبر/تشرين الثاني من كل عام، وبهذه المناسبة نسلط الضوء على هذا المرض بمادة معمقة تتناول: أسبابه وأعراضه وعلاجه.

واختير يوم 14 نوفمبر/تشرين الثاني للاحتفال بهذا المرض، لأنه يوافق عيد ميلاد فريدريك بانتنغ الذي شارك في اكتشاف الإنسولين مع تشارلز بست عام 1922.

ويعد اليوم العالمي للسكري أكبر حملة في العالم للتوعية بمرض السكري، تصل إلى جمهور عالمي يزيد على مليار شخص في أكثر من 160 دولة، وتحمل رمز دائرة زرقاء تم تبنيه عام 2007، للدلالة على وحدة مجتمع السكري العالمي. وفي كل عام، تركز الحملة على موضوع مخصص يستمر لمدة عام أو أكثر.

وإذا لم يتم علاجه أو السيطرة عليه فقد يؤدي مرض السكري إلى مضاعفات كبيرة مثل العمى والبتر والفشل الكلوي والنوبات القلبية والسكتات الدماغية، وقد كان المرض مسؤولا عن أربعة ملايين حالة وفاة في عام 2017.

السكري الأعراض المضاعفات إنفوغراف سكري

ما هو السكري؟

السكري هو مرض استقلابي -الاستقلاب يعرف أيضا بالتمثيل الغذائي، وهو عملية تحويل الغذاء إلى طاقة ومواد أخرى يستخدمها الجسم- يسببه نقص هرمون الإنسولين، أو ضعف الاستجابة الطبيعية من خلايا الجسم للإنسولين الذي يُدخِل السكر الموجود في الدم (الغلوكوز) إلى الخلايا، وفي كلتا الحالتين تكون النتيجة متشابهة، إذ ترتفع مستويات الغلوكوز في الدم فوق الحد الطبيعي، ويؤدي ذلك إلى تأثيرات سلبية على الجسم عاجلا وآجلا.

الإنسولين هرمون تصنعه خلايا "بيتا" في البنكرياس، الذي يفرز الإنسولين إلى مجرى الدم بعد تناول الطعام، وذلك استجابة لارتفاع السكر في مجرى الدم.

ويشكل الغلوكوز الطاقة التي يتحول إليها الغذاء الذي يأكله الإنسان، ويفرز في الدم فتأخذه خلايا الجسم وتحرقه لإنتاج الطاقة اللازمة لعملياتها الحيوية. ولفعل ذلك فإنها تحتاج إلى هرمون الإنسولين الذي يجعل الغلوكوز يتحرك من مجرى الدم إلى الخلايا.

وكلما ارتفع مستوى الغلوكوز في الدم أفرز البنكرياس كمية أكبر من الإنسولين لخفضه، أما إذا انخفض فإن البنكرياس يقلل أو يوقف إفراز الإنسولين، ويفرز الجسم بالمقابل أربعة هرمونات أخرى لرفع مستواه في الدم، وهي: الغلوكاغون والكورتيزول والأدرينالين وهرمون النمو، مما يجعل الكبد يطلق الغلوكوز إلى مجرى الدم.

في الأحوال الطبيعية يحافظ الجسم على مستوى الغلوكوز في الدم بنطاق يتراوح بين 70 و120 مليغراما لكل ديسيلتر، وذلك عبر آلية تضمن الحفاظ على مستواه حتى لو صام الشخص فترة طويلة عن الطعام، أو (بالعكس) تناول كمية كبيرة منه؛ أما في داء السكري فيرتفع الغلوكوز فوق الحد الطبيعي.

أنواع مرض السكري

1- داء السكري من النوع الأول

يطلق عليه أيضا اسم السكري المعتمد على الإنسولين، وسكري اليافعين. وهو مرض مناعي ذاتي، إذ يقوم جهاز المناعة في الجسم بمهاجمة خلايا بيتا في البنكرياس ويدمرها، مما يؤدي إلى تراجع الكميات التي يفرزها البنكرياس من الإنسولين بشكل تدريجي.

وتمتد عملية التدمير هذه شهورا أو سنوات، وفي النهاية تصبح كمية الإنسولين قليلة للغاية مما يؤدي لارتفاع الغلوكوز في الدم وظهور أعراض السكري.

ويتطور المرض قبل سن 35 عاما، وعادة تكون أعمار المصابين به ما بين عشرة أعوام و16 عاما. ويشكل 5% إلى 10% من نسبة المصابين بداء السكري.

يتطلب علاج النوع الأول من السكري إعطاء المريض الإنسولين بالحقن أو بالمضخة، ويؤدي ذلك إلى انخفاض الغلوكوز في الدم والسيطرة عليه.

ولا يوجد حتى الآن علاج شاف من هذا النوع، ولكن يأمل العلماء في تطوير آلية لإنتاج خلايا بيتا جديدة لدى المصابين بهذا النوع من السكري، من خلال أبحاث الخلايا الجذعية والطب التجددي.

2- داء السكري من النوع الثاني

يطلق عليه اسم السكري غير المعتمد على الإنسولين وسكري البالغين، وفيه تنخفض حساسية الخلايا للإنسولين، أي تقل درجة استجابة خلايا الجسم له، ويطلق على ذلك اسم "مقاومة الإنسولين"، فالخلايا تقاوم هرمون الإنسولين الذي وظيفته إدخال الغلوكوز إليها.

وفي الأحوال الطبيعية يلتصق الإنسولين بالخلية مطلقا إشارة داخلها تأمر نوعا من النواقل بحمل الغلوكوز من سطح الخلية إلى داخلها، أما في حالة السكري من النوع الثاني فتحدث مقاومة للإنسولين تتمثل في إعاقة الإشارة التي يرسلها إلى داخل الخلية، مما يؤدي إلى عدم دخول الغلوكوز وتراكمه وارتفاعه في مجرى الدم.

ولحل هذه المشكلة، يعمل البنكرياس على زيادة إنتاجه من الإنسولين، وذلك ليعاكس تأثير مقاومته، وقد يستمر ذلك أشهرا أو سنوات، ولكن في النهاية تتنامى مقاومة الإنسولين، كما يصاب البنكرياس بالإرهاق وترتفع مستويات الغلوكوز في الدم.

يكون المصابون بهذا النوع عادة من ذوي السمنة، ولذلك فإن خفض الوزن وتعديل النمط الغذائي يعتبر أول آليات العلاج، بالإضافة لأدوية بعضها يحفز إفراز الإنسولين من البنكرياس، وبعضها يزيد حساسية الخلايا للهرمون.

ويصيب هذا النوع الأشخاص فوق سن الأربعين عاما عادة، ويشكل 90% من نسبة المصابين بداء السكري، وتساهم الوراثة في الإصابة به أكثر من النوع الأول من السكري، وتعد السمنة من أهم عوامل الإصابة به.

أما إذا لم يستجب مريض السكري للتغييرات المطلوبة منه في الغذاء والحركة، أو بقيت مستويات الغلوكوز مرتفعة، فقد يؤدي ذلك إلى تفاقم المرض مما يدفع الطبيب إلى الانتقال في مراحل لاحقة إلى العلاج بحقن الإنسولين.

النوع الثاني من السكري مثل الأول ليس له علاج شاف حتى الآن، لكن يؤدي خفض الوزن وتغيير نمط الطعام والحركة إلى تحسين ضبط مستوى الغلوكوز في الدم، كما قد يقلل حاجة الشخص إلى العلاجات كالأدوية الخافضة للسكر أو حقن الإنسولين.

3- سكري الحمل

يسمى أيضا مرض السكر الحملي، وترتفع فيه مستويات الغلوكوز في الدم لدى بعض النساء الحوامل، ويعود عادة إلى مستواه الطبيعي بعد الولادة. ويكون النساء اللواتي أصبن بسكري الحمل أكثر عرضة للإصابة بالنوع الثاني من داء السكري في المستقبل.

أعراض داء السكري

  1. العطش الشديد.
  2. كثرة التبول.
  3. فقدان الشعور بالطاقة وتراجع الحيوية.
  4. زيادة الشهية.
  5. نقصان الوزن.
  6. مشاكل البصر التي تكون في البداية مؤقتة، لكنها قد تصبح دائمة إذا لم يتم ضبط الغلوكوز في الدم.
  7. الارتباك وفقدان الوعي.
  8. تراكم الأحماض في الدم وفقدان الوعي، وذلك لدى مرضى النوع الأول من السكري.

وهناك حالة تسمى "ما قبل السكري" (Prediabetes)، وتعني أن مستوى سكر الدم لدى المصاب أقل من تشخيصه بالإصابة بداء السكري، لكنه في الوقت نفسه أعلى من المستوى الطبيعي. وإذا لم يتم التعامل معها فإن الشخص سيصاب بالسكري من النوع الثاني خلال عشر سنوات أو أقل.

وخطورة حالة "ما قبل السكري" تأتي من أنها تؤدي عادة -إذا لم يتم التعامل معها بشكل ملائم- للإصابة بداء السكري من النوع الثاني.

تشخيص مرض السكري

هناك ثلاثة اختبارات لتشخيص السكري:

اختبارات تشخيص السكري:

حقائق عن السكري

ووفقا لمنظمة الصحة العالمية، فقد ارتفع عدد المصابين بالسكري من 108 ملايين عام 1980 إلى 422 مليونا عام 2014.

كما ارتفع معدل انتشار السكري على الصعيد العالمي لدى البالغين الذين تزيد أعمارهم على 18 سنة من 4.7% عام 1980 إلى 8.5% عام 2014، وتتوقع منظمة الصحة العالمية أن داء السكري سيصبح سابع مسبب للوفاة في عام 2030.

الوقاية من السكري

وتقول منظمة الصحة العالمية إن التدابير البسيطة المتعلقة بنمط المعيشة قد ثبتت فعاليتها في الوقاية من داء السكري من النوع الثاني أو تأخير ظهوره.

وللمساعدة على الوقاية من داء السكري من النوع الثاني ومضاعفاته، ينبغي ما يأتي:

  • العمل على بلوغ الوزن الصحي والحفاظ عليه.
  • ممارسة النشاط البدني، أي ما لا يقل عن 30 دقيقة من النشاط البدني المعتدل والمنتظم في معظم أيام الأسبوع. ويتطلب ضبط الوزن المزيد من النشاط البدني.
  • اتباع نظام غذائي صحي يشمل ثلاث إلى خمس حصص يومية من الفواكه والخضر، والحد من مدخول السكر والدهون المشبعة.
  • تجنب تعاطي التبغ، حيث إن التدخين يزيد من مخاطر الإصابة بالأمراض القلبية الوعائية.

التدخين ومرض السكري

من جهته، حذر مركز مكافحة التدخين التابع لمؤسسة حمد الطبية في قطر من أن التدخين قد يسبب مرض السكري من النوع الثاني ويزيد من مضاعفاته.

وقال مدير المركز الدكتور أحمد الملا -بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للتوعية بمرض السكري- "هناك دراسات عديدة وجدت أن المدخنين أكثر عرضة للإصابة بمرض السكري من النوع الثاني بنسبة 30-40% مقارنة بغير المدخنين، وتزداد نسبة الإصابة مع زيادة كمية التدخين المستهلكة يوميا".

وحول الآلية التي تجعل التدخين مرتبطا بالإصابة بالسكري، أشار الدكتور الملا إلى أن التدخين يؤدي إلى التهاب وخلل في جدران الخلايا، مما يعيق استجابتها لعمل هرمون الإنسولين المسؤول عن إدخال الغلوكوز للخلايا، كما يحفز التدخين عددا من الهرمونات -كالكورتيزون والأدرينالين- التي تقلل من فعالية هرمون الإنسولين.

وهذا يفسر لماذا قد يحتاج مرضى السكر المدخنون المعتمدون على العلاج بالإنسولين إلى جرعة عالية منه مقارنة بغير المدخنين.

وحول زيادة نسبة الإصابة بمضاعفات السكري من حيث شدتها والوقت المبكر لظهورها لدى مرضى السكري المدخنين، أفاد اختصاصي الإقلاع عن التدخين في مركز مكافحة التدخين بمؤسسة حمد الطبية الدكتور جمال باصهي، بأن مرضى السكري المدخنين تزداد لديهم نسبة الإصابة بأمراض القلب والكلى واعتلال شبكية العيون والأعصاب الطرفية وخاصة للرجلين، كما تقل التغذية الدموية للقدمين مما يهدد بحدوث التقرحات المزمنة التي تكون صعبة الشفاء، أو ما يسمى بمتلازمة القدم السكرية.

وعن مدى الاستفادة من الإقلاع النهائي عن التدخين، أشار الدكتور باصهي إلى أن مريض السكري بعد ثمانية أسابيع من التوقف عن التدخين، يتخلص من آثاره السلبية كما تزيد فعالية علاجات مرض السكري.

المصدر : مواقع إلكترونية + وكالات