هل الأعشاب خيار مناسب للاكتئاب؟

اكتئاب ما بعد الولادة (بيكسابي)
الاكتئاب ومشاكل المزاج واضطراب القلق جميعها "محرمات" في مجتمعاتنا العربية (بيكسابي)
تنتشر في كثير من الصيدليات وعلى الإنترنت بعض المكملات الغذائية والعلاجات العشبية، ويزعم مروجوها أنها فعالة في تحسين المزاج المتعكر، فهل هي فعالة وآمنة؟

وقد يلجأ إلى هذه المستحضرات بعض الناس لتجنب تفاقم حالات الاكتئاب والتوتر، وبوصفها وسيلة لعدم مراجعة الطبيب أو المختص النفسي.

بداية فإن الاكتئاب ومشاكل المزاج مثل اضطراب ثنائي القطب واكتئاب ما بعد الحمل، بالإضافة لاضطراب القلق، جميعها تشكل محرمات (أمورا مسكوتا عنها) في مجتمعاتنا العربية، حيث يخشى المريض مراجعة الطبيب النفسي حتى لا يوصم بالجنون، وقد يظل يعاني لسنوات، وربما ينتهي به الأمر إلى الانتحار.

ولذلك قد يستخدم الشخص المصاب بمشكلة في المزاج هذه المستحضرات العشبية، التي يتم ترويجها على أنها آمنة وطبيعية، وقد يقول إنها إن لم تنفعه فلن تضره، ولكن هذا خطأ فادح.

فهذه المستحضرات العشبية والمكملات قد تحتوي على مواد تشير دراسات إلى أنها قد تحسن المزاج، مثل 5-هيدروكسيتريبتوفان (5-HTP)، وهرمون "دي أتش إي أي" dehydroepiandosterone) DHEA)، وأحماض أوميغا -3 الدهنية، وغيرها.

ومشكلة هذه المواد جميعها أنه ورغم أن بعض الدراسات ربما قد أشارت إلى فوائد لها على المزاج، فإن هذه الدراسات لم تصل لحد التوصية السريرية بها من قبل الهيئات الطبية، وبالتالي فإن هذه المواد ربما تكون مفيدة نظريا، لكن عمليا فإن الأمر قد لا يكون صحيحا.

كما أن لبعضها آثارا جانبية مثل هرمون "دي أتش إي أي"، الذي لا ينصح به للأشخاص الذين يعانون من عدم انتظام دقات القلب، أو جلطات أو أمراض الكبد. كما أن 5-هيدروكسيتريبتوفان يمكن أن يؤدي إلى زيادة مستويات الناقل العصبي "السيروتونين" في المخ مما يفاقم من الهوس.

undefined

تبغ وحشيش
ويجب أن نتذكر أن الشيء الطبيعي ليس آمنا بالضرورة، فالتبغ والحشيش هي نباتات طبيعية أيضا!

كما أن من المستحضرات التي تروج نبتة سانت جون (Hypericum perforatum)، وهي أيضا قد تحمل في بعض الأحيان خطر التسبب في أعراض الهوس أو تفاقمها، كما أنها قد تؤدي لتفاعلات خطيرة إذا تم تناولها مع أدوية أخرى للاكتئاب مثل بروزاك.

الأمر الأخطر هو أن هناك مستحضرات عشبية تكون مخلوطة معها أدوية تقليدية لعلاج الاكتئاب أو القلق، وهي تروج على أنها طبيعية، ولذلك فإن الشخص عندما يتناولها يظهر تحسنا فيظن أنه من الخلطة العشبية، ولكن ذلك التحسن قد يكون بسبب الدواء المخلوط معه بطريقة غير قانونية.

كما أن هذه المستحضرات العشبية جميعها لم يتم اختبارها من قبل إدارة الأغذية والأدوية الأميركية وغيرها، لأنها ليست مسجلة عقاقير، بل مكملات عشبية.

 

ومن الكوارث الأخرى التي قد تحدث أن يكون الشخص يراجع طبيبه النفسي ويأخذ دواءه، فيتعاطى هذه المكملات التي قد تتداخل مع العلاجات وتكون لها مضاعفات خطيرة. على صعيد آخر، قد يوقف الشخص دواء الطبيب ويكتفي بالأعشاب، وهذ أيضا كارثة أخرى.

لهذا فإن التوصية الأساسية هي عدم تعاطي أي مكملات عشبية أو أدوية تزعم تحسين المزاج دون مراجعة الطبيب المختص، الذي يحدد أولا ما هي المشكلة (اكتئاب، اضطراب ثنائي القطب.. إلخ) ويحدد العلاج المناسب.

وحتى إذا كانت هناك مكملات عشبية قد تفيد المريض، فيجب أن يصفها الطبيب للتأكد من أنها لن تتداخل أو تؤثر على العلاجات الأخرى.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية