كيفية إنقاذ الأمهات والأطفال أثناء الولادة

الزيادة المفرطة في الوزن خلال فترة الحمل تزيد من خطر التعرض لمشاكل صحية ومضاعفات أثناء الولادة. (النشر مجاني لعملاء وكالة الأنباء الألمانية "dpa". لا يجوز استخدام الصورة إلا مع النص المذكور وبشرط الإشارة إلى مصدرها.) عدسة: dpa صور: dpa
خفض معدل وفيات واعتلال الأمهات والمواليد الجدد يتطلب تحسين وتعزيز القدرات ونوعية الرعاية بمرافق الرعاية الأولية (الألمانية)

                                                                                                  * كاثرين سيمراو
                                                                                                  ** أتول قواندي

إن قصة نجمة كرة التنس سيرينا وليامز المروعة عن المضاعفات الصحية التي هددت حياتها بعد ولادتها لطفلتها تذكّرنا بأن الولادة قد تكون مميتة لأي امرأة أو طفل حديث الولادة. وعانت وليامز من انسداد رئوي وتلقت الرعاية المنقذة للحياة التي تحتاجها، ولكن هناك ملايين النساء لا يحصلن على مثل هذه الرعاية.

ويموت كل عام أكثر من 5.6 ملايين امرأة وطفل حديث الولادة، أثناء الحمل أو الولادة أو في الشهر الأول من العمر. وتعتبر الرعاية منخفضة الجودة خلال الـ 48 ساعة من الولادة على وجه الخصوص واحدة من أهم العوامل التي تساهم في المعاناة والوفاة المتعلقة بالولادة حيث إن هذه الوفيات تحطم العائلات والمجتمعات.

ومما يضاعف المأساة أنه يمكن تجنبها بالكامل تقريبًا حيث يمكن منع 99% من وفيات الأمهات و80% من وفيات حديثي الولادة لو تمكنوا من الحصول على الرعاية المناسبة.

ونحن نعلم ما الذي يقتل الأمهات والمواليد خلال وقت الولادة. علما بأن أكثر حالات وفاة الأمهات تكون بسبب النزيف والإنتان "تسمم الدم" والولادة المتعسرة والإرجاج "التشنج النفاسي".

أما بالنسبة لحديثي الولادة فإن المخاطر الرئيسية هي الاختناق والخداج والعدوى. وكيفية تقييم وعلاج ومنع أسباب تلك الوفيات معروفة منذ عقود، ففي كثير من الحالات من شأن الخطوات البسيطة -مثل غسل اليدين أو تدفئة الطفل بحضنه أو علاج ارتفاع ضغط الدم– أن تصنع الفارق.

وعلى الصعيد العالمي، فقد انتقلت الولادة من المنزل إلى المرافق الصحية حيث يمكن أن يقدم أطباء مؤهلون رعاية أكثر أمانًا، وهذا يعني رعاية أفضل ونتائج أفضل.

في العديد من الأماكن لم يؤد تشجيع النساء على الولادة بالمرافق الصحية لا المنزل إلى انخفاض معدل الوفيات حيث إنه في العديد من الأماكن لا تستطيع تلك المرافق توفير الرعاية الأساسية

تشجيع النساء
ولكن في العديد من الأماكن لم يؤد تشجيع النساء على الولادة بالمرافق الصحية لا المنزل إلى انخفاض معدل الوفيات حيث إنه في العديد من الأماكن لا تستطيع المرافق الصحية توفير الرعاية الأساسية، مثل مراقبة ضغط دم المرأة وهي بحالة المخاض، وتواجه النساء نقصًا في الخصوصية أو ظروفا غير صحية أو حتى الإساءة من قبل الموظفين.

لقد أصبح من الواضح أن التقدم -الذي تم إحرازه في خفض معدل وفيات واعتلال الأمهات والمواليد الجدد- يتطلب تحسين وتعزيز القدرات ونوعية الرعاية في مرافق الرعاية الأولية التي توفر خدمات القبالة والتوليد، ولكن كيف؟

لقد أجرينا خلال الثلاث السنوات الماضية واحدة من أكبر التجارب حول صحة الأمهات وحديثي الولادة في العالم بولاية أوتار براديش الهندية لمعرفة ما إذا كنا نستطيع تقليل الوفيات من خلال تحسين جودة الرعاية في مرافق الخطوط الأمامية الصحية والتي تلد فيها معظم النساء المحليات، حيث يبلغ معدل الولادات 3-4 ولادات باليوم في كل منها، وتقوم بها في معظم الحالات الممرضات.

ووجدنا أنه في كل مرفق من تلك المرافق فإن غسل اليدين بشكل مناسب قد اكتمل في أقل من 1% من الولادات، وأن 25% فقط من النساء يحصلن على الدواء المناسب لمنع النزف التالي للوضع، وبشكل عام فإن 11 من 18 من ممارسات الولادة الأساسية كانت مفقودة.

ولتحسين الأداء والنتائج، لم نعاقب أو نطرد الموظفين، إذ عادة ما تنبع المشاكل من غياب التنظيم والتنسيق.

ولا توجد طريقة ثبت أنها أحدثت فارقا كبيرا، ولكن كانت لدينا نظرية بأن تدريب الفرق لتنفيذ الممارسات الرئيسية من شأنه أن يساعد، وقد قمنا بتدريب مجموعة من الممرضات والأطباء لتدريب القابلات والمديرات على تقديم الأساسيات الحيوية الموجودة بالقائمة المرجعية لولادة آمنة لمنظمة الصحة العالمية، وهي الإمدادات المناسبة والخطوات اللازمة لمنع العدوى، والتعرف على ومعالجة ارتفاع ضغط الدم لمنع التشنج النفاسي، واستخدام الدواء المناسب لمنع النزف.

وكانت النتيجة تشير إلى تقدم كبير، ولكن لم يكن ذلك كافيًا حيث تأكدنا بالفعل أن هناك تحسنا ملحوظا في الرعاية الصحية، فالقابلات اللاتي كن يقمن فقط بسبع خطوات من الـ 18 خطوة المنقذة للحياة أثناء الولادة أصبحن الآن يقمن بتنفيذ 13 خطوة.

وقد أظهرنا أنه من الممكن تحسين نوعية الرعاية بشكل كبير في البيئات منخفضة الموارد، ومع ذلك أظهرت الأدلة أننا بحاجة إلى بذل المزيد من الجهد لتحقيق خفض كبير في معدلات الوفيات.

يجب أن تكون العلاقات محترمة وداعمة بين مسؤولي الرعاية الصحية وأولئك الموجودين بالخطوط الأمامية وبين هؤلاء والعائلات التي يخدمونها

جهد صعب
وقد يكون هذا الجهد صعبا ومثبطا حيث يجب أن تكون الأنظمة الصحية الفعالة قادرة على إصلاح جميع العيوب المتعلقة بالرعاية، بما فيها ما يتعلق بالإمدادات والمعدات والمهارات والقدرات الأساسية والاتصالات والصلات بالمرافق الصحية رفيعة المستوى للأمهات والرضع.

ويجب أن تكون العلاقات بين مسؤولي الرعاية الصحية وبين أولئك الموجودين في الخطوط الأمامية للرعاية الصحية، وبين هؤلاء والعائلات التي يخدمونها محترمة وداعمة، حيث لا توجد طرق مختصرة لعمل ذلك، وهذا الأمر ينطبق على كل مكان في العالم سواء في فلوريدا حيث وضعت وليامز ابنتها، أو في ولاية أوتار براديش التي عملنا فيها برنامج "الولادة الأفضل".

كيف نصل إلى هذا المستوى؟ نعتقد أن الإجابة لن تكون مختلفة في الأساس عما حاولنا توضيحه، حيث إننا نحتاج وضع آليات لتحديد أوجه النقص في كل مرفق، وتدريب القادة والموظفين على التعامل معها.

ولكن كما لاحظنا: بينما نجحت قائمة التحقق الأساسية في إحراز تقدم وكانت أداة لتنظيم وتذكير الأشخاص بالخطوات الرئيسية، كانت هناك حاجة إلى المزيد لتسريع التغيير بما في ذلك الموارد المالية والإرادة السياسية وتفاني القادة ومقدمو الخدمات والمجتمع للمطالبة بإحراز تقدم.

نحن أقرب من أي وقت مضى للتغلب على أوجه النقص التي تتسبب في معظم وفيات الأمهات وحديثي الولادة، فنحن نعلم أن المضاعفات تنشأ أثناء الولادة للنساء في كل مكان، والخبر السار أننا نعرف ما هو مطلوب لجعل الولادة أكثر أمانًا، ومن أجل تحسين صحة ورفاهية الأمهات وحديثي الولادة يجب أن نترجم هذه المعرفة إلى واقع في كل منشأة في جميع أنحاء العالم.
________________
* مديرة برنامج أريادن لابز بيتر بيرث، أستاذة مساعدة بكلية طب جامعة هارفارد، أخصائية باحثة بعلم الأوبئة شعبة الإنصاف الصحي العالمي بمستشفى بريغهام للنساء.
** المدير التنفيذي لمختبرات أريندي، أستاذ بكلية هارفارد تشان للصحة العامة، جرّاح بمستشفى بريغهام للنساء.

المصدر : بروجيكت سينديكيت