استعمال خاطئ للري الملحي أدخل أميبا إلى دماغها فالتهمت خلاياه
توفيت امرأة نتيجة إصابتها بالتهابات في الدماغ بسبب عدم تقيدها بالإرشادات عند تنظيف أنفها بجهاز الري الملحي (الإرواء الأنفي)، مما أدى إلى دخول الأميبا إلى دماغها والتهام خلاياه.
وفي الحقيقة، يمكنك استخدام إبريق أو أي نوع آخر من الأدوات المخصصة لتنظيف الجيوب الأنفية، وهو ما يساعد الكثير من الأشخاص على التنفس بسهولة عبر تنظيف وترطيب الممرات الأنفية. لكن إحدى التجارب القاتلة لإحدى النساء في مدينة سياتل الأميركية، توضح الخطر الشديد المحتمل لعدم استخدام الماء المعقم عند استعمال هذه الأدوات.
وقال جراح الأعصاب في المركز السويدي الطبي تشارلز كوبس "عندما كنت أجري عملية جراحية لهذه السيدة، كان جزء من دماغها -ما يعادل تقريبا حجم كرة الجولف- عبارة عن كتلة من الدم". وأضاف "لقد كانت الأميبا منتشرة في كل مكان وتأكل خلايا الدماغ.. لم يكن لدينا أي فكرة عما كان يحدث، ولكن عندما وصلنا إلى الأنسجة الفعلية تأكدنا أنها كانت الأميبا".
وقبل نحو عام من حدوث هذا الأمر، أصيبت هذه المرأة (69 عاما) بعدوى مزمنة في الجيوب الأنفية، ولأن الدواء لم يعالج أعراض هذه العدوى، اقترح عليها طبيبها استخدام جهاز الري الملحي لتطهير الجيوب الأنفية.
وتطهّر هذه الأجهزة نظام الجيوب الأنفية بمحلول من الماء المالح الذي ينظف الممرات الأنفية. ولكن الإرشادات تنص على أنه من المهم استخدام الماء الخالي من أي كائنات حية معدية، وذلك وفقا لتقرير للكاتب بيتر دوكريل في موقع "ساينس آلرت".
ويعني ذلك استخدام الماء المقطر أو المعقم، أو استخدام ماء الصنبور المغلي والمبرّد الذي ظل يغلي لمدة تتراوح بين 3 و5 دقائق. وبصرف النظر عن هذا، يجب أن يكون الإبريق أو أي جهاز آخر معقمًا أيضًا، مما يعني غسلها من استعمال إلى آخر.
لكن لسوء الحظ، لم تتقيد هذه المرأة بتلك التعليمات. فبدلاً من استخدام الماء المعقم، نظفت جيوبها الأنفية بمياه الصنبور المفلترة التي لم يتم غليها. وبعد شهر من علاج نفسها بهذه الطريقة، تطورت عدوى الجيوب الأنفية لتصبح طفحا جلديا كبيرا على جسر أنفها، إضافة إلى احمرار عند فتحة الأنف.
ورغم زياراتها المتعددة إلى طبيب الأمراض الجلدية، ظل الغموض وراء هذه الأعراض الغريبة دون حل. وساعد التدهور المفاجئ في صحتها بعد عام في تقديم بعض الإجابات.
فبعد مرور نحو عام على ظهور الطفح الجلدي، عانت المريضة من نوبة صرع، فضلا عن فقدانها للوعي، كما كانت تعاني من الرعشة في الجانب الأيسر من جسمها. وقد كشفت الأشعة المقطعية عن شيء يشبه الورم بحجم عملة معدنية صغيرة في القشرة الحركية على الجانب الأيمن من دماغها.
الخزعة أظهرت وجود نخر شبيه بالورم، ولكن عندما عادت المريضة بعد أيام فقط بأعراض جديدة، كشف تحليل آخر أن العدوى انتشرت في جميع أنحاء دماغها |
خزعة
وأظهرت الخزعة وجود نخر شبيه بالورم، ولكن عندما عادت المريضة بعد أيام فقط بأعراض جديدة، كشف تحليل آخر أن العدوى انتشرت في جميع أنحاء دماغها.
وأوضح التقرير الطبي أنه قبل 19 يوما من إجراء العملية الجراحية، اقترح أخصائي علم الأعصاب الاستشاري بجامعة جونز هوبكنز احتمال إصابة المريضة بالعدوى الأميبية. وقد أظهر تقييم الأنسجة المرضية من الاستئصال الثاني دليلاً واضحًا على الإصابة بداء الأمبيات والنخر النزفي الشديد.
لم يُعرف إلى حد الآن كيف أصيبت هذه المرأة بالعدوى الأميبية، لكن الباحثين يشكون في أن الكائن الحي الذي يطلق عليه اسم "بالاموثيا مندريلاريس" قد دخل إلى دماغ المرأة عند تنظيفها لجيوبها الأنفية بطريقة غير صحيحة، حيث دخل أولاً مجرى الدم، قبل أن يستقر في دماغها. ولا شك في أن مثل هذه العدوى نادرة جدا.
في الواقع، إذا كانت فرضية الفريق صحيحة، فإن الإصابة بداء الأمبيا عبر غسل الأنف تعتبر الحالة الأولى من نوعها، رغم أن نوعًا آخر من الأميبا يسمى "النيجلرية الدجاجية" سبق أن تسلل إلى دماغ البشر بنفس الطريقة.
وقال تشارلز كوبس إن "أخصائي علم الأمراض كان قادرا على رؤية هذه البكتيريا، بالإضافة إلى خاصيتها تحت المجهر، حيث كانت الأميبا منتشرة بين الأنسجة". وأضاف أن "هذا أمر نادر للغاية، فهذه الأميبا لم تكن معروفة إلا قبل عشرين عاما، وقد كان هناك نحو مئتي حالة للإصابة بها في جميع أنحاء العالم".
فات الأوان
للأسف، بمجرد تحديد هوية الجاني في هذه القضية، كان الأوان قد فات. فرغم العلاج المضاد للأميبا، تدهورت حالة المريضة، وبعد مرور أكثر من أسبوع؛ توفيت.
تعتبر هذه الأنواع من العدوى نادرة جدا، وهذا يعني أنه لا ينبغي أن نشعر بالذعر، لكن في الوقت نفسه، يذكّر الباحثون الأشخاص الذين يستعملون أجهزة تنظيف الجيوب الأنفية؛ بضرورة استعمالها بحذر عبر اتباع جميع الإرشادات.
ويفضل استخدام أجهزة التنظيف المعبأة والجاهزة التي تحتوي على محلول معقم وتستخدم لفترة معينة ثم تلقى في القمامة ولا تعاد تعبئتها.