دولار واحد بدل عدوى.. أطباء مصر ممنوعون من المرض

تحت المجهر- صعوبات ممارسة الطب في مصر دفعت الكثير من الأطباء إلى الهجرة بحثاً عن فرص
صعوبات ممارسة الطب في مصر دفعت الكثير من الأطباء إلى الهجرة بحثا عن فرص (الجزيرة)
حسن المصري-القاهرة
 
لطالما أثار وضع الأطباء الجدل في مصر، ويتندر ناشطون على تلقي الطبيب 19 جنيها شهريا (دولار واحد) بدل عدوى، مقابل حصول القاضي على 3 آلاف جنيه (167 دولارا) بدل عدوى.

أحمد صفوت، طبيب يعمل بوحدة الرعاية المركزة داخل مستشفى حكومية، وبحكم عمله ترتفع نسبة المخاطر التي يتعرض لها، ورغم ذلك يحصل شهريا على 19 جنيها فقط بدل عدوى.

ويواجه الأطباء بمصر تحديات كبيرة، ففي إحصائية رسمية لنقابة الأطباء استقال ما يصل إلى ستة آلاف طبيب، بمعدل 1044 طبيبا عام 2016 و2549 طبيبا العام الماضي و2397 طبيبا منذ بداية العام الحالي.

ووفقا لوزيرة الصحة المصرية هالة زايد فإن 40% من الأطباء المصريين فقط يعملون في المستشفيات الحكومية فيما يوجد 60% في الخارج، وهو ما فسره الأمين العام لنقابة الأطباء السابق إيهاب الطاهر، بالاستقالات والهجرة للظروف الطاردة، لافتا إلى أن الكثير من الأطباء فاض بهم الكيل من الأوضاع الوظيفية السيئة.

استقالة
ويسرد الدكتور أحمد صفوت قصته التي جعلته يقرر الاستقالة من عمله، قائلا إنه خلال ممارسة عمله التقليدي في أحد الأيام بوحدة العناية المركزة شعر بحرارة مفاجئة مع سعال مستمر، وزادت حالته سوءا حتى اتضح له تعرضه لعدوى بكتيرية من أحد المرضى حيث "طفحت دماء المريض بوجهه"، مما جعله يرقد طريح الفراش لمدة تجاوزت 21 يوما كان الطبيب يدفع خلالها نفقات العلاج من جيبه.

وأوضح أن "التعامل مع الدماء بصورة مستمرة أدى إلى وفاة الكثير من الأطباء خلال الأعوام الأخيرة"، وتساءل "كيف ستعوض 19 جنيها إصابتي بمرض فتاك قد يودي بحياتي؟".

وفي منتدى الشباب عام 2016 وعد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بالتكفل بمشكلة بدل العدوى، ورغم صدور حكم قضائي ملزم من محكمة القضاء الإداري يقضي بإعادة النظر في بدل العدوى فإنه لم يطبق، حيث ماطلت الحكومة في التنفيذ وقدمت طعنا أمام المحكمة الإدارية العليا التي قبلت الطعن ووقفت تنفيذ الحكم تحت ذريعة عدم وجود نص قانوني يلزم الحكومة بالتنفيذ.

واعتبرت المحكمة الإدارية العليا في حكمها الصادر في أغسطس/آب الماضي أن زيادة بدل العدوى إلى ألف جنيه يحتاج إلى تشريع برلماني وتعديل قانون 14 لسنة 2014.

وأكد الدكتور أحمد شوشة الخبير القانوني وعضو لجنة الحريات بنقابة الأطباء سابقا، ضرورة وحدة الصف النقابي للضغط على البرلمان المصري والجهات المعنية من أجل تمرير التعديلات.

ويرى منسق لجنة الحق في الصحة الدكتور محمد حسن، أن بدل العدوى يعتبر مشكلة مزمنة في مصر.

واعتبر أن القطاع الصحي يحتاج إلى إعادة نظر من الدولة من أجل توفير ظروف العمل المناسبة للأطباء والحد من هروبهم.

‪سيارة إسعاف أمام أحد المستشفيات‬ (الجزيرة)
‪سيارة إسعاف أمام أحد المستشفيات‬ (الجزيرة)

هروب
ويرى حسن أن الدولة تتغافل عن الاهتمام بالقطاع الصحي رغم وعود تطويره، الأمر الذي يجعل مهنة الطب في مصر تواجه الأزمات المتعاقبة أخطرها استقالات الأطباء وضعف عدد الفريق الطبي مع هجرة المئات للعمل في دول عربية وأجنبية توفر لهم ظروفا أفضل.

وجرى تخفيض ميزانية الصحة خلال العام المالي 2018-2019 لتصل إلى نسبة 1.7% من الناتج القومي، وهذا يعد أعلى تخفيض للميزانية على مدار الأعوام الخمسة الماضية بالمخالفة للدستور المصري الذي ينص على ألا تقل نسبة الإنفاق على الصحة عن 3%.

ويحول هذا دون تطوير القطاع الصحي في مصر ويؤدي إلى الإضرار بصورة مباشرة بالمريض قبل الطبيب في ظل غياب الخدمة الطبية المناسبة، وهذا بحسب تصريحات لعضو مجلس نقابة الأطباء المصرية منى مينا.

ولفتت منى إلى أن أوضاع الطبيب في مصر متدهورة رغم الوعود المستمرة بتعديلها، فعلى سبيل المثال يقضي الطبيب 12 ساعة عمل في المناوبة ولا يحصل في المقابل إلا على 40 جنيه فقط مساءا و30 جنيه بالمناوبة الصباحية بجانب عمله الأساسي، وفي ظل هذا يواجه اتهامات بالتقصير من قبل المواطنين الباحثين عن العلاج.

وأشارت إلى أن الأمور قد تتطور في بعض الأحيان إلى اعتداءات من أهالي المرضى لاعتقادهم أن الأطباء لا يقومون بدورهم.

المصدر : الجزيرة