لماذا تنتشر الحصبة في أوساط المتشددين بإسرائيل؟

An Ultra-Orthodox Jewish man dances on the table during the celebrations of Simchat Torah in a synagogue at the Mea Shearim neighbourhood of Jerusalem October 1, 2018. REUTERS/Ronen Zvulun
من حفل ليهود متشددين في كنيس يهودي في حي ميا شاريم في القدس (رويترز)

مطلع أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ذهب فريق من المسعفين إلى منزل عائلة متدينة في حي "ميا شعاريم" اليهودي المتشدد في القدس المحتلة لإنقاذ رضيعة تبلغ من العمر 18 شهرا مصابة بالحصبة، لكن عملية الإنقاذ فشلت وتوفيت الطفلة، في حين كانت بقية الأسرة منعزلة في غرفة مجاورة تمارس صلواتها.

وتصدرت هذه الواقعة عناوين الأخبار في إسرائيل، وكشفت خطورة وباء الحصبة الذي يؤثر سلبا على البلاد، خاصة في منطقة القدس وأحيائها المتشددة دينيا. حيث تشهد إسرائيل عودة الحصبة للأوساط الإسرائيلية المتدينة نتيجة رفض رجال الدين اللقاحات.

ففي عام 2016 أحصيت تسع حالات إصابة بالحصبة فقط، وفي 2017 اكتشفت 33 حالة، أما هذا العام فقد كشف أحدث إحصاء لوزارة الصحة في أواخر نوفمبر/تشرين الثاني المنصرم عن ألفي حالة، أكثر من ثمانمئة منها في القدس، وهو ما لم تعهده إسرائيل منذ عقود، وفقا لما كتبه غيلوم حندروف لصحيفة ليبيراسيون الفرنسية.

وبدأت العدوى تمتد إلى الولايات المتحدة، التي من المفروض أنها قضت رسميا على الحصبة في أوائل عام 2000، وهناك سجلت مئة حالة في الأوساط اليهودية المتشددة الموجودة في بروكلين ونيوجرسي، وهي حالات جلبها المتدينون المتشددون العائدون من إسرائيل.

وتعتبر منظمة الصحة العالمية الحصبة من الأسباب الرئيسية لوفاة الأطفال؛ بحكم انتقالها السريع وشدة عدواها، على الرغم من فعالية اللقاح، وإذا كانت الأغلبية العظمى من الإسرائيليين 96% استفادت من اللقاح فالبقية ترفضه لأسباب دينية.

ويذكر غيليوم أن صحيفة "إسرائيل اليوم" المؤيدة لبنيامين نتنياهو أبدت استياءها من موقف السلطة المتساهل مع هذه القضية.

من جهة أخرى، أطلق ياكوف لتزمان نائب وزير الصحة المسؤول عن هذا الملف حملة توعية اعتمادا على الحاخامات حول هذا الوباء، وأعلن أنه ما زال محدود الانتشار، كما اعتبر أن الأحياء العربية هي السبب وراء انتشاره، مما عرضه للنقد اللاذع من قبل مناوئيه، إذ قال رئيس جمعية الصحة العامة الإسرائيلية ناداف دفيدوفيتش إن معدل التطعيم لدي الفلسطينيين عال جدا، ولم تسجل لديهم حتى الآن أي حالة إصابة.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني تمت الموافقة على اقتراح قانون ينص على فرض غرامة مالية قدرها ألفي شيكل (536 دولارا) على العائلات الرافضة تلقيح أبنائها، ولكن من غير المرجح أن يتم التصويت على هذا المقترح حاليا لأن ائتلاف بنيامين نتنياهو يمر الآن بأزمة خطيرة.

وتحاول وسائل إعلام مجتمعية تحليل صعود الحركة الرافضة للقاح، في الوقت الذي تقوم فيه مجموعة من الحاخامات بتوزيع منشور يعتبر الآباء الرافضين لتلقيح أبنائهم قتلة، إذ إن الحفاظ على النفس -حسب فتواهم- أولى من كل اعتبار آخر ولو كان دينيا.

لكن طوائف الأقلية الرافضة للتلقيح لا تستجيب لهذه الفتوى، ويزيدها تخوفا اعتقادها أن اللقاح يؤدي للصمم، بالإضافة إلى تخوفها القديم من كل ما يمت بصلة إلى العالم الحديث.

ويربط البعض انتشار المرض بالظروف المعيشية غير الصحية لهذه الأوساط المتدينة وعدم ولوجها للأخبار، لأن أغلب هذه الفئة لا يستخدمون الإنترنت.

المصدر : الجزيرة + الصحافة الفرنسية