خبير: أطفال التوحد ينظرون إلى العالم بشكل مختلف

midan - autism
نحتاج الكثير من الدراسات لنفهم المزيد عن التوحد (مواقع التواصل الاجتماعي)

وفي مقابلته مع صحيفة فيلت الألمانية، تحدث ماركرام عن النتائج التي توصل إليها انطلاقا من تجربته مع ابنه كاي الذي يعاني من التوحد.

وفي هذا السياق، قال ماركرام إن "كاي كان منذ صغره طفلا فطنا ونشطا، حيث دائما ما كانت عيناه تتفحصان كل مكان. وفي وقت لاحق، أصبح كاي يتحدث قليلا مع الأشخاص الذين يلتقيهم، رغم أنه كان يعاني من صعوبة في الفهم. ومع مرور الوقت، تفطنا إلى أنه لا ينمو مثل أقرانه".

وبشأن السبب الذي دفعه إلى تكثيف أبحاثه بشأن اضطرابات النمو وإلى تفنيد النظريات التي تؤكد أن الأطفال المتوحدين لا يشعرون بالتعاطف، أوضح الباحث المتخصص في علم الدماغ قائلا "لم أبن استنتاجاتي على ما لاحظته عند مراقبتي لكاي فحسب، حيث كان ابني عاطفيا للغاية ويتجاوب بشكل جيد مع الأصوات والروائح واللمسات، كما أنه كان لا ينسى أي شيء على الاطلاق. وفي الوقت نفسه، كان كاي يعلم كيف يجعلنا نشعر إما بالغضب أو بالسعادة".

وأكد ماركرام أن "الباحثين كانوا يركزون على العيوب الوراثية التي يحظى بها الأطفال المتوحدون خاصة تلك المتعلقة بعجز المخيخ، والحال أن كلا من الذاكرة والمشاعر تقعان في القشرة الدماغية. وعندما أجرينا تجارب على الفئران المصابة بالتوحد وجدنا أن الخلايا العصبية الموجودة في القشرة الدماغية لهذه الفئران كانت نشطة وحيوية بشكل أكثر من المعتاد".

وصرح ماركرام قائلا "لم نتفاجأ بتشكيك بعض الباحثين في نظريتنا. ورغم أننا أجرينا العديد من التجارب على بعض الحيوانات، فإن النتائج التي توصلنا إليها لا تنطبق بالكامل على البشر. ومن جهتها، قامت زوجتي السابقة كاميليا، المتخصصة بدورها في علم الأعصاب، بتحليل البيانات التي ترتكز عليها النظريات السابقة، وتوصلت إلى نتيجة مفادها أنه من الضروري إعادة تفسيرها وفقا لنظريتنا".

وأضاف "كان كاي يبلغ من العمر 15 عاما، وعندما راقبنا سلوكه تفطنا متأخرين إلى أنه مصاب بالتوحد. وفي الواقع، كان علينا أن نتعامل معه بشكل مختلف منذ صغره وأن نعتني به عوض التجول معه من مكان إلى آخر. في الأثناء، حملناه إلى مدرسة خاصة بالأطفال المتوحدين. وهناك حاول المدرسون تدريبه على كيفية رد الفعل تجاه الآخرين. في المقابل، كان تصرفه عنيفا حيث كان يركل كل الأشياء التي يجدها أمامه ويصرخ في وجه الآخرين".

ونصح ماركرام آباء الأطفال المتوحدين بتنظيم حياتهم اليومية، حيث يجب أن تكون غرفة الأطفال مرتبة بشكل جيد وأن تكون وجبات الغداء في أوقاتها. بالإضافة إلى ذلك، يجب على الآباء أن يتشاوروا جيدا قبل القيام بزيارات أو اصطحاب أبنائهم إلى دور السينما. فضلا عن ذلك، يجب على الطبيب أن يقدم الدواء للطفل المتوحد كل حسب حالته. ووفقا لأبحاثنا ونظريتنا، من الأفضل أن يتناول الطفل الأدوية التي تحد من نشاط الدماغ".

وأكد الباحث المتخصص في علم الدماغ "نحن نعمل على تقديم توضيحات بشأن الاستعداد الوراثي، وذلك من خلال إجراء اختبارات دم بعد الولادة. وفي الوقت الراهن، نفتقر للموارد المالية اللازمة لذلك. وعند تشخيص التوحد بصفة مبكرة، يمكن وضع خطة لعلاج الطفل من هذا المرض".

 

محاكاة
وتابع ماركرام حديثه حول برنامج محاكاة الدماغ قائلا "لعب ابني كاي دورا كبيرا في هذا البرنامج، حيث دفعتني حالته إلى تطوير أساليب جديدة لإجراء المزيد من الأبحاث بشأن الدماغ. وفي الوقت الحالي أقوم بإدخال جميع البيانات المتعلقة بالجزيئيات والمشابك والخلايا العصبية بهدف تطوير برنامج محاكاة الدماغ".

وأورد قائلا "نقوم بالمحاكاة نظرا لأننا لا نملك البيانات الكافية. وعموما، يستغرق التقاط البيانات بشأن الخلايا العصبية وقتا طويلا، لأن الخلية العصبية الواحدة في الدماغ تحتوي على أربعة تريليونات جزيء. ولأن الدماغ لا يعد نظاما عشوائيا، نستطيع محاكاة مناطق أخرى من الدماغ باستخدام هذه البيانات".

وبشأن مشروع الدماغ البشري الذي أطلقه في سنة 2013، أفاد الباحث نفسه "ما زلت مصرا على تطوير برنامج لمحاكاة الدماغ. وفي معهد أبحاث الدماغ بسويسرا، تكفل خمسة باحثين بتقييم نتائج أبحاثنا وفقا لمعايير صارمة. وقد توصلوا إلى استنتاج مفاده أن ما توصلنا إليه من نتائج يُعد بمثابة تحول في النموذج الفكري".

وأضاف "أعتقد جازما أن محاكاة الدماغ البشري ستكون في المستقبل الوسيلة الشائعة لفهم أدمغتنا، ما من شانه أن يؤثر في تاريخ البشرية، خاصة في ظل تغير كيفية تطوير الأدوية والتقنيات والأساليب التعليمية الجديدة".

وذكر ماركرام أن "كل تقنية جديدة يمكن أن تُستعمل بشكل خاطئ. في المقابل، يجب علينا مساعدة ملياري شخص يعانون من اضطرابات وظائف الدماغ. لقد نجح كاي في الاندماج في المجتمع، حيث يعمل حارسا لدى إحدى المحاكم. ونحن فخورون به لأنه واجه صعوبات جمّة حتى يتمكن من الاندماج في المجتمع".

المصدر : مواقع إلكترونية