مرضى السكري بغزة يواجهون ضعف الإمكانات بالتأقلم والإنجازات

احتفالية ترفيهية لأطفال مرضى السكري بمناسبة اليوم العالمي للسكري
احتفالية ترفيهية لأطفال مرضى بالسكري (الجزيرة)

محمد عمران-غزة

بدت الشابة إسلام علي في أوج طاقتها ونشاطها وهي تساهم في تنسيق الترتيبات النهائية قبيل دقائق من انطلاق اليوم الترفيهي لأطفال مرضى السكري في غزة، المنعقد بمناسبة اليوم العالمي للسكري الذي يصادف يوم 14 نوفمبر/تشرين الثاني من كل عام.

ورغم معاناة إسلام (25 عاماً) من مرض السكري منذ ولادتها، فإنها تمتلك قدرة كبيرة على التأقلم مع مرضها حتى لا يشعر من يخالطها بأنها تعاني من أي مرض، فابتسامتها لا تغادر محياها ولسانها لا يتوقف عن بث الأمل واليقين بالمستقبل للمرضى والأصحاء.

وفي غمرة فحص الشابة -التي تعمل ممرضة- لمستوى السكر لدى الأطفال في أجواء لعب وفرح لتمحو جزءاً من آلامهم الجسدية والنفسية، كانت أمهات الأطفال يرمقن النظر إليها بتعجب شديد، فهن يعرفن أنها مصابة بداء السكري مثل فلذات أكبادهن، ولكن كيف لها أن تبدو بهذه الحيوية التي لا يمتلكها حتى الأصحاء؟

الإجابة اختصرتها إسلام في حديثها للجزيرة نت حيث كان لديها وعائلتها قناعة راسخة بأن السكري لا يعني الاستسلام أو نهاية الدنيا، فهو كأي مرض يمكن التأقلم معه والتغلب عليه صحياً ونفسياً، طالما امتلك المريض إرادة لتجاوز عقبات المرض والنجاح في الحياة، وفق تقديرها.

وبينما لا تخفي الشابة كماً هائلاً من الصعوبات والعراقيل التي واجهتها خلال سنوات حياتها، خصوصاً من المحيط الاجتماعي غير المتفهم لطبيعة مرضى السكري، تؤكد أن ما أسمتها نظرية "كسر الحاجز" كانت حاضرة بكل حياتها، فهي تكسر الحواجز النفسية التي تعاني منها أحياناً أو تصيب من حولها بالاندماج وبلا تردد أو ضعف في المجتمع.

‪إسلام علي مريضة بالسكري منذ ولادتها وتعاني من الفشل الكلوي مؤخراً‬ (الجزيرة)
‪إسلام علي مريضة بالسكري منذ ولادتها وتعاني من الفشل الكلوي مؤخراً‬ (الجزيرة)

امتياز
فإسلام حصلت على الامتياز في مراحلها المدرسية والجامعية وتميزت في عملها، حيث أنهت دراسة بكالريوس التمريض وتدرس بكلية الطب في السنة الخامسة وتعمل ممرضة بإحدى المستشفيات، إضافة إلى تطوعها بعدة جمعيات خيرية.

وتعزو الشابة تميزها رغم مرضها بالسكري ثم إصابتها بالفشل الكلوي مؤخراً، إلى تنظيم حياتها والتزامها بالتعليمات الصحية كالفحص المستمر والمشي اليومي والحرص على نمط غذائي متوازن.

ومع قدرة إسلام على امتلاك نفسية مستقرة لدرجة أن العائلة وزملاء العمل ينادونها "يا سكر يا عسل"، فإن بعض أمهات أطفال مرضى السكري يقدمن نماذج مميزة في تعزيز الأوضاع الصحية والنفسية لأبنائهن كما هو الحال مع باسمة الجرو التي لديها ثلاثة أبناء يعانون من السكري أكبرهم ولاء (27 عاماً) وناريمان (16 عاماً) ومحمد (11 عاماً).

ورغم شكوى باسمة من غياب بعض التقنيات الطبية الحديثة للتعامل مع مرضى السكر في غزة، فإنها تعتبر أن النجاح يرتبط بإقناع الأبناء المرضى بقدرتهم على تجاوزه وتعامل العائلة معه بشكل طبيعي، مع توعيتهم ببعض المحاذير الطبية ليتحملوا هم مسؤولية صحتهم، والعمل بمبدأ التعايش لا الحرمان.

وتقدم الأم في حديثها للجزيرة نت ابنها محمد نموذجاً، فهو متميز في دراسته ويمارس هواية لعبة كرة القدم ولديه قناعة راسخة بأنه لا يختلف عن الأطفال في شيء إلا في بعض المأكولات والمشروبات التي يجب أن يتنبه لها.

‪باسمة الجرو وابنها محمد المريض بالسكري‬ (الجزيرة)
‪باسمة الجرو وابنها محمد المريض بالسكري‬ (الجزيرة)

نقص الأجهزة الحديثة
وفي مقابل تميز بعض مرضى السكرى بغزة، فإن المدير التنفيذي لجمعية حيفا لأطفال مرضى السكرى عوني الشويخ يتحدث عن عدم استدامة توفير بعض احتياجات المرضى، مما ينعكس عليهم سلبيا. كما أن البعض تحرمه الظروف الصعبة من شراء بعض شرائح الفحص أو الإنسولين.

ومع ارتفاع أعداد أطفال مرضى السكري إلى نحو ألفين، إضافة إلى أعدد أخرى كبيرة لم تخضع للفحوصات، فإن الشويخ يطالب في حديثه للجزيرة نت بتوفير تكنولوجيا فحص وعلاج المرض غير المتوفر بغزة ويُعمل بها في دول مجاورة.

ورغم إقرار مديرة دائرة الأمراض المزمنة بوزارة الصحة د. فيحاء الشريف بوجود نقص في بعض الأجهزة والمستلزمات المرتفعة الثمن، فإنها تؤكد أن مرضى السكري بغزة يتمتعون بصحة نفسية عالية وقدرة على المبادرة والتعافي والإنجاز.

وتذكر فيحاء للجزيرة نت أن نسبة مرضى السكري تتراوح من بين 9 إلى 12% من عدد سكان القطاع، وهي نسبة تتشابه مع نسب عالمية، وإن كان هناك بعض الارتفاع جراء الضغوط النفسية الهائلة نظراً لظروف غزة، إضافة إلى السمنة المفرطة والأنظمة الغذائية غير الصحية وغياب الوعي بأهمية الرياضة وغير ذلك.

المصدر : الجزيرة