زيكا.. هل يتكرر سيناريو الحصبة الألمانية؟

Sophia, who is two weeks old and was born with microcephaly, sleeps before her physical therapy session at the Pedro I hospital in Campina Grande, Paraiba state, Brazil, Friday, Feb. 12, 2016. The Zika virus, spread by the Aedes aegypti mosquito, is suspected to be linked with occurrences of microcephaly in new born babies, but no link has been proven yet. (AP Photo/Felipe Dana)
طفلة مصابة بالصعل (أسوشيتد برس)

تتراكم الأدلة التي تعضد نظرية مسؤولية عدوى زيكا الفيروسية عن تشوه الصعل لدى المواليد، لكن التوصل إلى علاقة وثيقة بين الأمرين يتطلب مزيدا من الوقت، في حين يُخشى من تكرار سيناريو ما حصل مع الحصبة الألمانية، التي استغرق إثبات تسببها في تشوهات المواليد عشر سنوات، كانت تفتك فيها مضاعفاتها بالأطفال.

ويقول متخصصون إن تجميع معلومات وأدلة عديدة من أمهات يمكن أن يثبت وجود علاقة محتملة بين الإصابة بالفيروس الذي ينقله البعوض وولادة أطفال يعانون من الصعل (تشوه خلقي يكون فيه حجم الرأس صغيرا) لا يزال يستلزم مزيدا من تحري الدقة والصبر.

وفي حالة الحصبة الألمانية مثلا (عدوى فيروسية أخرى من المعروف الآن أنها تتسبب في تشوهات خلقية للمواليد) تطلب الأمر انتظار عشر سنوات قبل حسم هذه العلاقة.

إذ بدأت عملية البحث عن أدلة تربط بين الحصبة الألمانية والتشوهات الخلقية عام 1940 عندما لاحظ نورمان جريج -وهو طبيب عيون من سيدني– تزايد حالات إصابة أطفال بحالات إعتام عدسة العين -المياه البيضاء أو "كاتاراكت"- الخلقية بعد انتشار الحصبة الألمانية في أستراليا.

وفي دراسة نشرها عام 1941 خلص إلى وجود علاقة بين استفحال الوباء وأمراض العيون الخلقية، ثم قامت دورية "لانسيت" الطبية بعد ذلك بثلاث سنوات -بينما كانت الحصبة الألمانية قد تسببت في الصمم وتشوهات القلب- بإعلان أن جريج لا يزال يحتاج لمزيد من المعلومات حتى يتسنى له الربط بين الحالتين.

ولم يتم التحقق بصورة يقينية من الأمر إلا عام 1951 في بحث للخبير الإحصائي الاسترالي أوليفر لانكستر عندما أوضح بأسلوب إحصائي وجود زيادة في التوزيع العمري للمصابين بالصمم خلال الفترة التي تزامنت مع وباء الحصبة الألمانية.

والآن أصبحت تلك العلاقة مثبتة وبديهية ويجري التطعيم من الحصبة الألمانية بصورة روتينية.

‪فيروس زيكا تحت المجهر‬  (رويترز)
‪فيروس زيكا تحت المجهر‬ (رويترز)

البرازيل
وبدأت العدوى الحالية بزيكا عام 2015 في البرازيل، وانتشرت منها إلى أكثر من عشرين دولة في الأميركتين، مما اضطر منظمة الصحة العالمية إلى إعلان أن الفيروس يمثل حالة طوارئ عالمية.

وأكدت البرازيل رصد أكثر من خمسمئة حالة صعل خلال الأشهر القليلة الماضية، ويرى العلماء أن معظم الحالات مرتبطة بزيكا، بينما تتحقق السلطات من 3900 حالة أخرى مشتبه بها.

ومن بين المعايير التي يستخدمها الخبراء لإثبات ما إذا كان أي كائن مسببا للمرض من عدمه مجموعة من الاختبارات كانت قد ابتكرت في القرن الـ19 واستخدمت عام 1984 لإظهار أن فيروس نقص المناعة يسبب الإيدز.

وقال ألبرت كو الخبير في أمراض المناطق الحارة بجامعة ييل وفي مؤسسة أوزوالدو كروز بالبرازيل -وهي مركز بحثي حكومي- إن مثل هذه المعايير ستستغرق بعض الوقت لإثبات تلك العلاقة. وأضاف "علينا أن نجري تجارب علمية مضنية لتساعدنا في فهم أفضل لكيفية علاج المرض".

ومن المعروف أن الصعل مرتبط ببعض الأمراض الطفيلية والبكتيرية علاوة على الحصبة الألمانية (روبيلا) والهربس (القوباء) والإيدز والتعرض لمواد كيميائية منها الزرنيخ والزئبق والكحول والإشعاع.

‪البعوض ينقل فيروس زيكا‬ (الأوروبية)
‪البعوض ينقل فيروس زيكا‬ (الأوروبية)

يقين
وحتى يتيقن العلماء أيضا من أن فيروس زيكا هو الجاني يتعين على العلماء البحث في العلاقة بين احتمالات هذه الاشتباهات المختلفة، وأن يكونوا على يقين من ألا يتجاهلوا الاحتمالات غير المعروفة.

ووجد الباحثون فيروس زيكا في أنسجة المخ وفي السائل الأمنيوسي حول الأجنة وفي الأجنة الميتة التي تعاني من حالة الصعل، ممن أصيبت أمهاتهم بزيكا خلال الحمل، لكن كل ذلك لا يرقي للبرهنة على علاقة السببية.

غير أن مدير المعهد القومي الأميركي للحساسية والأمراض المعدية أنتوني فاوتشي يرى أن "جبالا من الأدلة المتزايدة تتراكم مما يدلل على وجود علاقة مباشرة".

المصدر : رويترز