مائتا ألف إصابة بالملاريا سنويا في موريتانيا

إحدى الأمهات تتسلم ناموسية مشبعة بمادة طاردة للبعوض
إحدى الأمهات تتسلم ناموسية مشبعة بمادة طاردة للبعوض (الجزيرة)

أحمد الأمين-نواكشوط

حين انتقلت بطفلها إلى المركز الصحي، لم تكن عائشة تعرف الكثير عن مرض الملاريا ولا عن أسباب الإصابة به، ولم يكن يخطر على بالها أن طفلها الرضيع الذي يعاني الحمى منذ أكثر من أسبوع مصاب بهذا المرض.

وقالت عائشة، القادمة لتوها من الجنوب الموريتاني، للجزيرة نت، إنها لم تسمع عن الملاريا في قريتها النائية، إذ تشرح أن "كل ما أعرفه أن هنالك حمى تصيب الأشخاص في فترة موسم الأمطار نطلق عليها حمى الخريف، لكننا لم نكن نعرف أن سببها هو لدغ البعوض، والناموسيات بالنسبة لنا هي من أجل أن ينام المرء مرتاحا من ألم لدغ هذه الحشرة، لا لأنها تحمل المرض وإنما لأنها مؤذية".

وطفل عائشة واحد من عشرات الآلاف في موريتانيا المصابين بالملاريا الذي أصبح واحدا من أكثر الأمراض شيوعا في هذا البلد، وباتت مكافحته والقضاء عليه هدفا لوزارة الصحة الموريتانية.

وتقدر الإحصائيات والمسوح شبه الرسمية تسجيل حوالي مائتي ألف إصابة بالملاريا سنويا، كما أنها تأتي في الدرجة الثالثة لأسباب زيارة المستشفيات، وتحتل موقعا متقدما في أسباب الوفيات، خاصة في أوساط الأطفال.

‪الأطفال والنساء الحوامل أكثر تعرضا للإصابة بالملاريا‬ (الجزيرة)
‪الأطفال والنساء الحوامل أكثر تعرضا للإصابة بالملاريا‬ (الجزيرة)

طبيعة المناخ
ويعتبر الدكتور سيد أحمد ولد البشير -الذي أجرى العديد من البحوث بهذا المجال- أن موريتانيا في مناخها وخريطتها المرضية امتداد للمنطقة الأفريقية، مما يجعلها تتأثر بمرض الملاريا الذي يكثر في القارة.

وقال ولد البشير -في حديث للجزيرة نت- إن وجود المرض في موريتانيا يتفاوت وفق طبيعة مناخ كل منطقة منها، ففي الشمال الذي يعتبر مناخه صحراويا جافا يظل وجود المرض محدودا، أما على الخط الرابط بين كرمسين (الغرب الجنوبي) وغابو (أقصى الجنوب) بمحاذاة ضفة النهر وشمال طريق الأمل فإن هذه المنطقة تعتبر من أكثر المناطق تأثرا بالملاريا.

ويعزو ولد البشير انتشار الملاريا إلى عدة عوامل، أبرزها التساقطات المطرية المرتفعة نسبيا في بعض مناطق البلاد، وانتشار الزراعة المروية التي لا تصاحبها وسائل مكافحة البعوض، إضافة إلى وجود البرك والمستنقعات في بعض المدن، ووجود مزارع للخضراوات في مدن كبرى مثل العاصمة نواكشوط.

وفي مواجهة انتشار الملاريا، اعتمدت السلطات الموريتانية جملة من التدابير عهد بتنفيذها للبرنامج الوطني لمكافحة الملاريا الذي أنشئ أواخر تسعينيات القرن الماضي، وقام بوضع مقاربة لمكافحة الملاريا تقوم على ثنائية الوقاية والعلاج.

‪د. خيري: الحكومة قررت منذ عام 2009 مجانية علاج المرض‬ (الجزيرة)
‪د. خيري: الحكومة قررت منذ عام 2009 مجانية علاج المرض‬ (الجزيرة)

ناموسيات
ويقول منسق البرنامج الدكتور محمد الأمين ولد خيري، للجزيرة نت، إن البرنامج يواجه هذا المرض من خلال منهجية تقوم على توفير العلاج للمصابين، والعمل على عدم انتشار المرض، باعتماد أساليب الوقاية، حيث يقوم بتوزيع دوري لمئات آلاف الناموسيات المشبعة بمادة كيميائية طاردة للبعوض، كما يوفر عقاقير وقائية للحوامل تتناولها المرأة ثلاث مرات خلال فترة الحمل لوقاية الجنين من الإصابة.

وأضاف ولد خيري أن الحكومة قررت منذ سنة 2009 مجانية علاج مرض الملاريا وتوفيره في مختلف المستشفيات والمراكز الصحية في عموم البلاد، الأمر مما جعل له أثرا إيجابيا جدا في الحد من انتشار المرض وآثاره.

واعتبر مسؤول الإعلام بالبرنامج إبراهيم الخليل، في حديث للجزيرة نت، أن هذا العمل حقق نتائج جيدة، إذ لم تسجل حالة وفاة بالمرض منذ بداية 2014، وهو ما يشكل إنجازا يرجى أن يكون بداية للقضاء على المرض في السنوات القادمة.

وتدعم هذا الرأي المنظمات غير الحكومية الناشطة في المجال، وتقول منى منت الصيام -وهي رئيسة جمعية لحماية الطفل والأم- إن الجهود الحكومية مكنت من توفير الأدوية ووسائل الكشف مجانا في مختلف مناطق البلاد.

وتضيف منت الصيام، في حديث للجزيرة نت، أن "ذلك يشكل خطوة على طريق القضاء على المرض، إلا أن نقص الوعي في أوساط الأمهات ما يزال يحد من تأثير هذه الخطوة، مما يتطلب التوعية المستمرة وتقريب الخدمة من الأوساط الريفية".

المصدر : الجزيرة