أولويات جديدة للسيطرة على الخرف

مرض الزهايمر - فقدان الذاكرة - الدماغ - الشيخوخة


مازن النجار

وجد فريق من الباحثين الفرنسيين والبريطانيين أن السيطرة على مرض السكري وعلاج الاكتئاب، وكذلك زيادة مستوى التعليم واستهلاك الفاكهة والخضروات، يمكن أن يكون له أكبر الأثر في خفض مستويات الخرف في السنوات القادمة، طالما تعذر إيجاد العلاجات الفعالة للمرض.

وحسب خدمة يوريك أليرت المقدمة من الجمعية الأميركية لتقدم العلوم (AAAS)، تقترح نتائج هذه الدراسة المنشورة مؤخرا بدورية المجلة الطبية البريطانية "BM J"، أولويات جديدة للتدخلات المستقبلية ضد الخرف في نطاق الصحة العامة.

وفي حين لا يزال سبب الخرف مجهولا، أمكن تحديد عوامل تزيد مخاطر الإصابة، وهي تشمل مخاطر اعتلال الأوعية الدموية، كأمراض القلب والشرايين والسكتات وارتفاع ضغط الدم والكولسترول.

وتؤدي عوامل أخرى كالاكتئاب والحمية الغذائية واستهلاك الكحول ومستوى التعليم دورا في الإصابة بالخرف.

تحليل العوامل
استنادا لهذه المعرفة، نظر الباحثون في العوامل التي قد تكون أكثر تأثيرا في خفض العبء المستقبلي لهذا المرض، إذا ما تأخر التوصل إلى علاج فعال له.

وتناولت الدراسة بالتحليل 1433 حالة لأشخاص أصحّاء، أعمارهم فوق 65 عاما، يعيشون بجنوب فرنسا، وبدأت متابعتهم بين العامين 1999 و2001.

وخضع المشاركون لاختبارات عقلية (إدراكية) في بداية الدراسة، وتكررت بعد سنتين وأربع وسبع سنوات. واستخدم الباحثون أيضا اختبار قراءة مؤشرا للذكاء على مدى الحياة.

تم الحصول على التاريخ الطبي والمعلومات الشخصية للمشاركين، كالطول والوزن ومستوى التعليم والدخل الشهري والتنقل والعادات الغذائية واستهلاك الكحول والتدخين، وقياس العامل الوراثي للإصابة بالخرف. ورغم أنه عامل غير متغير، فإنه يخدم كمعيار مفيد لمخاطر الإصابة بالمرض.

وأظهرت النتائج أن التخلص من الاكتئاب والسكري وزيادة استهلاك الفاكهة والخضروات يؤدي لخفض شامل لحالات الإصابة الجديدة بالخرف بنحو 21%، (منها 10% تعود لزوال الاكتئاب وحده).

التعليم والاكتئاب
لكن يشير الباحثون إلى أن العلاقة السببية المباشرة بين الاكتئاب والخرف لا تزال مبهمة.

ووجد الباحثون أن ارتفاع مستوى التعليم أيضا يؤدي إلى انخفاض حالات الخرف الجديدة بنحو 18%، بين عموم السكان على مدى السنوات السبع القادمة.

بينما تبين أن غياب العوامل الوراثية المعروفة للإصابة بالخرف يؤدي إلى خفض الإصابات الجديدة بالمرض بنحو 7% فقط، على مدى السنوات السبع القادمة.

وفي ضوء هذه النتائج، يقترح الباحثون أن تركز مبادرات الصحة العامة حول الخرف على تشجيع التعليم ومحو الأمية في جميع الأعمار بصرف النظر عن القدرة، وتعزيز العلاج الفوري لأعراض الاكتئاب، والفحوص الجماعية المبكرة لاكتشاف الحساسية تجاه غلوكوز (سكر) الدم ومقاومة الجسم للإنسولين، وهي المراحل المبكرة لنشوء داء البول السكري.

مجالات المواجهة
يخلص الباحثون إلى أنه بينما يمكن لهذه الحسابات أن تقدم تقديرا بسيطا فقط لتأثير هذه العوامل على الإصابة بالخرف، تمثل بيانا هاما لأولويات الصحة العامة في الوقاية من المرض في ظل المعرفة الراهنة.

ويؤكدون أن هناك حاجة واضحة لمزيد من الدراسات التي تتناول أيضا المشاركين الراشدين الأحدث سنا، لاختبار تأثير التدخلات المقترحة عليهم.

وكانت دراسة أخرى منشورة بنفس الدورية، قد وجدت أن معدلات وفيات المرضى بالخرف (في السنة الأولى بعد التشخيص) تعادل ثلاثة أضعاف معدلات الوفاة بين غيرهم. كذلك تؤكد الدراسة أهمية وضرورة الاكتشاف الأفضل والأبكر في تسهيلات الرعاية الصحية الأولية.

ويشير تعليق علمي مرافق للدراسة إلى مجالات هامة ينبغي التركيز عليها في سياق مكافحة الخرف، وتشمل تحسين تعليم وتدريب العاملين بالرعاية الصحية الأولية، وتطوير منظومات رعاية أكثر تكاملا، والتأكد من أن صناع السياسات الصحية والمسؤولين يضعون الخطط التي تعكس آثار الخرف على الرعاية الأولية وغيرها من الخدمات.

المصدر : الجزيرة