التوصل لآلية انتشار سالمونيلا

التوصل لآلية انتشار السالمونيلا

 

مازن النجار

أفاد بيان تلقته الجزيرة نت من معاهد الصحة القومية الأميركية، بأن علماءها توصلوا لآلية انتشار بكتيريا السالمونيلا بكفاءة التي تعد من أكثر أسباب التسمم الغذائي شيوعا.
وقد نشرت حصيلة دراستهم مؤخرا بدورية وقائع أكاديمية العلوم الوطنية (PNAS).
وجد الباحثون مخزونا من بكتيريا السالمونيلا سريعة التكاثر بالخلايا الظهارية (الطلائية)، وهي مستعدة لإصابة خلايا أخرى، ويتم دفعها خارج الطبقة الظهارية بواسطة آلية جديدة تطلق السالمونيلا لتقوم بعدوى خلايا أخرى، أو تأخذ سبيلها نحو الأمعاء.
تقدر مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC) أن عدوى السالمونيلا تصيب 40 ألف شخص سنويا بالولايات المتحدة، رغم أن العدد الحقيقي للإصابات غالبا أعلى من ذلك بكثير، لأن عديدا من الحالات تكون معتدلة ولا تشخص طبيا أو يبلغ عنها.

التهابات مفرطة
يذكر أن سلطات الصحة العامة الأميركية تجري تحقيقا حول تلوث بيض الدجاج بالسالمونيلا مؤخرا.

وحسب مدير المعهد القومي للحساسية والأمراض المعدية أنتوني فاوتشي يعاني الكثيرون من الآثار المدمرة للسالمونيلا، التي تسبب المرض عبر عمليات -غير مفهومة في معظمها- بما في ذلك استجابات التهابية مفرطة.
ويضيف فاوتشي أن هذه الدراسة تقدم رؤية جديدة لأصول عملية المرض الالتهابية.
وفي حين يعرف الكثير عن دورة عدوى السالمونيلا للإنسان، لم يتوصل العلماء بعد لفهم كيفية هروب البكتيريا من الأمعاء لنشر العدوى.
والمعلوم أن الخلايا الظهارية تغطي الأسطح الخارجية والداخلية للجسم، كالجلد والأمعاء، وتشكل نسيجا متصلا واقيا من العدوى. لكن السالمونيلا تعلمت العيش داخل الخلايا الظهارية واستخدامها لمصلحتها.
فالسالمونيلا تحمي نفسها ضمن فراغات محاطة بغشاء خاص، تسمى جويبات (vacuoles)، داخل خلايا الأمعاء الظهارية.

مبرمجة للغزو
استخدم فريق بحثي من المعهد القومي للحساسية والأمراض المعدية، بقيادة أوليفيا ستيل مورتيمر، وبالتعاون مع الدكتور بروس فالانس الباحث بجامعة فانكوفر الكندية، مجاهر خاصة عالية الدقة لدراسة خلايا الإنسان الظهارية النامية مخبريا وفئران المختبر المصابة بعدوى السالمونيلا.

تمكن الباحثون من اكتشاف مجموعات أخرى من السالمونيلا ليست ضمن جويبات الخلايا، بل كانت تتحرك بحرية داخل الخلايا الظهارية. هذا المخزون من السالمونيلا متميز عن السالمونيلا القابعة بجويبات خلايا الأمعاء الظهارية.
فالبكتيريا المكتشفة تتكاثر بسرعة أكبر، ولها زوائد كذيل طويل، تسمى السياط (flagella)، تستخدم للحركة. وتظهر لها إبرة تستخدمها لثقب الخلايا وحقنها ببروتيناتها.
وهكذا، بهذه الخصائص، تكون السالمونيلا المكتشفة مبرمجة وراثيا لغزو خلايا جديدة.
لاحظ الباحثون أن الخلايا الظهارية التي تحتوي على السالمونيلا الغازية مفرطة التكاثر، يتم دفعها بنهاية المطاف خارج نسيج الأمعاء إلى تجويف الأمعاء، مما يجعلها حرة الحركة.

استجابة مناعية
الآلية المستخدمة لدفع هذه الخلايا المصابة بالسالمونيلا في تجويف الجسم تشبه الآلية الطبيعية التي يستخدمها البشر لإخراج الخلايا الظهارية الميتة أو الموشكة على الموت من أمعائهم.

ويعتقد الباحثون أن بكتيريا السالمونيلا اختطفت هذه الآلية لتسهيل هروبها.
من جانبه، يشعر جهاز المناعة البشري أيضا بأن هذه ليست خلايا ميتة "اعتيادية" في الأمعاء، فيقوم بإطلاق استجابات مناعية بما فيها إفراز مركب "إنترلوكن-18″، وهو بروتين صغير يطلق موجة التهابات.
و"إنترلوكن-18″ له دور بارز أيضا في الالتهابات المعوية المزمنة المرتبطة بالاضطرابات المناعية الذاتية، كمرض التهاب الأمعاء. وتقدم تأثيرات بروتين "إنترلوكن-18" تفسيرا لالتهاب الأمعاء الحاد المرتبط بعدوى السالمونيلا.
يأمل هؤلاء العلماء أن تؤدي أبحاثهم للتوصل إلى علاج يمنع انتشار عدوى السالمونيلا.
وتتركز جهودهم على كيفية هروب هذه المجموعة المكتشفة من السالمونيلا المتميزة من "جويباتها" المحاطة بالأغشية، لتتكاثر وتأخذ طريقها بحرية إلى الخلايا الأخرى.
المصدر : الجزيرة