أسرار خلايا المساعدة للمناعة الذاتية

ازدواجية سلوك الخلايا وراء الإصابة بالأمراض العصبية
 
 
مازن النجار
 
أفاد بيان تلقته الجزيرة نت من معاهد الصحة القومية الأميركية، بأن علماءها أعادوا تعريف أدوار السَيْتوكَـيْنات cytokines -بروتينات تؤثر في سلوك الخلايا- المشاركة في توليد الخلايا المناعية المسببة لأمراض المناعة الذاتية الحادة.
 
وأجريت هذه الدراسة على فئران المختبر، ونشرت حصيلتها خلال هذا الشهر بمجلة نيتشر العلمية.
 
وأظهرت الدراسة أن توليد خلايا (ت) المناعية المساعدة 17 -المعروفة أيضا بـ"Th17″، قد يحدث دون وجود عامل النمو التحويلي "TGF- بيتا"، وهو وسيط كان يعتقد تقليديا بأنه ضروري لنشوء ونمو خلايا "Th17".
 
وأوضحت الدراسة أن التفاعل بين ثلاثة من بروتينات السيتوكينات -وهي إنترلوكن-6، وإنترلوكن-1- بيتا، وإنترلوكن-23، مسؤول عن تكوين خلايا "Th17" الأكثر نشاطا في تعزيز المناعة الذاتية من خلايا "Th17" الأخرى المتولدة بوساطة سيتوكينات إنترلوكن-6 وإنترلوكن-1- بيتا، وعامل النمو التحويلي "TGF- بيتا".
 
تمايز الخلايا
وتبرز هذه النتائج مجددا الأدوار المستقلة لسيتوكين "إنترلوكن -23″ وعامل النمو التحويلي"TGF- بيتا" في المناعة والمناعة الذاتية، مما يفتح آفاقا لتطوير علاجات جديدة.
 
ويشار إلى أن جهاز المناعة لدى الفئران والبشر يتكون أساسا من خلايا (ب) وخلايا (ت).
 

"
يشار إلى أن جهاز المناعة لدى الفئران والبشر يتكون أساسا من خلايا (ب) وخلايا(ت)
"
فمن ناحية تقوم خلايا (ب) بمكافحة عدوى الالتهابات، كما يمكنها استحثاث المناعة الذاتية بإنتاج أجسام مضادة تستهدف الجراثيم الغازية مباشرة أو أنسجة الشخص نفسه.
 
ومن ناحية أخرى، تنخرط خلايا (ت) في المناعة الإجمالية بوساطة الخلايا.
 
إن كيفية تمايز خلية (ت) المساعدة "T helper"، أي تطورها من خلية غير ناضجة وغير متخصصة إلى خلية ناضجة ومتخصصة، آلية في غاية الأهمية إذ إنها تحدد كيفية قيام الخلية بالاستجابات المناعية.
 
وتنتج خلايا "Th17" بروتين إنترلوكن-17، وهو سيتوكين التهابي قوي، ومتورط أيضا في عدة أمراض مناعة ذاتية شديدة، منها التهاب المفاصل والصدفية والتصلب المتعدد.
 
وكان هناك اعتقاد راسخ بين أهل الاختصاص بأن خلايا "Th17″ تتمايز في البداية استجابة لتنشيط إنترلوكن-6 و"TGF- بيتا".
 
خلايا غشيمة
لكن أبحاثا سابقة أظهرت أن عامل النمو التحويلي "TGF- بيتا" مرتبط بتثبيط الوظائف المناعية وتعزيز خلايا (ت) المختصة بالتنظيم والتقنين، وتسمى بـ"T reg"، التي يمكنها إنتاج السيتوكينات المثبطة، التي تقلص الاستجابات المناعية الالتهابية.
 
ونظر الباحثون بداية في شروط وأحوال تمايز خلايا "Th17" من خلايا (ت) خارج أجسام الفئران، في المختبر، وجربوا عدة خلطات أو كوكتيلات من السيتوكينات لتحديد المزيج المعزز لتطور خلايا "Th17".
 

"
تتيح هذه الدراسة فهما أفضل لمجموعة عناصر المناعة المنخرطة في المناعة الذاتية والأمراض الناجمة عنها
"

ووجد الباحثون مزيجين أوخلطتين تستحثان تمايز خلايا "Th17" بكفاءة، وكما وصِف سابقا، فإن سيتوكين إنترلوكن-6 وسيتوكين إنترلوكن -1- بيتا وعامل النمو التحويلي "TGF- بيتا" كونت معا خلايا "Th17".

 
وكانت المفاجأة أن إنترلوكن-6 وإنترلوكن-1- بيتا وإنترلوكن-23 كونت بدون عامل النمو التحويلي "TGF- بيتا" أيضا خلايا "Th17".
 
بيد أن الأكثر إثارة للاهتمام أن عمل خلايا "Th17" المتولدة باستخدام سيتوكين إنترلوكن-23 – وتم فرزها باسم خلايا Th17 /23 – كان مختلفا عن عمل خلايا "Th17" المتولدة باستخدام عامل النمو التحويلي "TGF- بيتا" وفرزت بدورها باسم خلايا Th17- بيتا.
 
اختلاف الأصناف
وقارن الباحثون عوامل نسخ صنفي خلايا (ت) المساعدة "Th17" من مستقبلات ووسطاء.
 
ونظروا أيضا في نشاط كل صنف هذه الخلايا لدى الاستجابة لمسببات الأمراض لدى الفئران أثناء حالات التهاب الدماغ والنخاع التجريبي بسبب المناعة الذاتية (EAE)، وهو نموذج دراسي شائع يحاكي بعض جوانب التصلب المتعدد عند البشر.
 
ووجد الباحثون أن خلايا Th17/23 قد تسببت باستثارة حالة مرضية مناعية ذاتية أكثر حدة بكثير مما فعلت خلايا Th17(بيتا).
 
وتشير هذه النتائج إلى نموذج جديد لتوليد "Th17" -أي خلايا (ت) المساعدة 17- وإلى وجود أصناف فرعية مختلفة وظيفيا من هذه الخلايا.
 
وتتيح هذه الدراسة أيضا فهما أفضل لمجموعة عناصر المناعة المنخرطة في المناعة الذاتية والأمراض الناجمة عنها، وتشير أيضا إلى إمكانات علاجية جديدة حسنة الاستهداف.
المصدر : الجزيرة