تبعات كورونا الأكثر فتكا.. الوباء يهدد بانتشار المجاعة في 36 دولة خلال أشهر

تقول صحيفة غارديان البريطانية إن تداعيات فيروس كورونا (كوفيد-19) قد تكون أكثر فتكا من الفيروس نفسه، ولئن انتشرت الجائحة في جميع أصقاع العالم، فإن البلدان الفقيرة التي كانت ترزح تحت وطأة المجاعات والحروب هي الأكثر تضررا بكل تأكيد.

وتضيف الصحيفة في افتتاحيتها أنه حتى بالنسبة للبلدان الأكثر ثراء، فقد خلفت فيها الأزمة الصحية الراهنة الجوع، فماذا عن البلدان الفقيرة التي تجد نفسها في مواجهة المجاعة؟ 

يبدو هذا جليا في التحذير الذي أطلقه حديثا رئيسة برنامج الغذاء العالمي منذرا من أننا على حافة "جائحة الجوع"، ففي غضون بضعة أشهر من الآن ستشهد 36 دولة احتمال حدوث حالات مجاعة متعددة.

وتشير الصحيفة البريطانية إلى فقدان الأسر، التي كانت تكافح من أجل البقاء، العمل الذي يوفر قوتها، ومن المتوقع أن تنخفض التحويلات التي يرسلها الأفراد إلى الخارج بنحو الخمس بسبب الجائحة، في حين تلاشت العائدات السياحية، وفقد الأطفال الوجبات المدرسية التي كانت مخصصة لهم، وتسبب الحجر الصحي في تضييق المبادلات وتعطيل سلاسل الإمدادات الغذائية.

ضربة مدمرة
لكن فيروس كورونا ليس وحده المسؤول عن اندلاع هذه الأزمة، بل إنه يعد ضربة مدمرة أخرى تزيد من تعقيد مشاكل البلدان التي تكافح بالفعل بسبب تأثير الحرب والاحتباس الحراري والأزمات الصحية وتهديدات أخرى على غرار هجوم الجراد الذي أصاب شرق أفريقيا.

وترجح الصحيفة أن يضاف 130 مليون شخص إلى حافة المجاعة بحلول نهاية العام الجاري، وأن الجائحة ستترك أثرها على خمس سكان العالم، الذين يعيش الكثير منهم في أماكن مكتظة تتميز بسوء ظروف الصرف الصحي والأزمات الصحية السابقة، على غرار فيروس نقص المناعة المكتسبة "الإيدز" أو السل، مشيرة إلى أن سوء التغذية سيجعلهم فريسة سهلة لكوفيد-19.

وتضيف غارديان أنه لا مناص من السيناريو الأسوأ، ففي حين تعود أزمة الغذاء إلى مشاكل التوزيع والتكلفة، فستعاني الزراعة على المدى الطويل، خاصة في الأماكن التي تتطلب عمالة كثيفة.

لذلك، ترى الصحيفة في افتتاحيتها حاجة ضرورية إلى حلول دولية، في ظل عجز البلدان بمفردها عن حل معضلة التوازن بين العرض والطلب، حيث تضطلع منظمات الأمم المتحدة أساسا بأدوار إستراتيجية على غرار إغلاق الحدود وفرض القيود على النقل.

وحذر اقتصاديون وخبراء الصحة العالمية من أن البلدان النامية ستحتاج إلى تريليونات من الدولارات للتعافي على المدى الطويل، بينما تسعى الأمم المتحدة في المقابل للحصول على ملياري دولار لتدارك وضعيات الطوارئ. وتعهدت الدول الغنية بربع هذا المبلغ قبل أيام، لكن الوضع الآن يقتضي أن يوفوا فعلا بالوعود التي قطعوها. 

مناطق متضررة
من الضروري أيضا تفعيل خطة اللوجستيات التي تستوجب توفير 350 مليون دولار للسماح للسلع وعمال الإغاثة بالوصول إلى المناطق المتضررة من الأزمة، وترى الصحيفة أن إقناع الحكومات بالسماح للعاملين في مجال الزراعة بالتنقل داخل البلدان وفيما بينها سيكون أمرا حاسما. 

وكانت الأمم المتحدة قد حذرت من أن محاولة حماية الإمدادات المحلية من خلال التعريفات الجمركية وحظر التصدير سيخلق تقلبات شديدة، وأن اتفاقيات مجموعة العشرين وصندوق النقد الدولي لتعليق الديون تعد خطوة إيجابية إلى الأمام، لكنها غير كافية، حيث يجب على الدائنين الخاصين أيضا التصرف.

وتختتم غارديان بأن فيروس كورونا يعتبر أحدث دليل على أنه لا يمكن احتواء معاناة الآخرين بشكل فردي، بل هي مسؤولية الجميع.

المصدر : الجزيرة + غارديان