إغلاق الأنشطة التجارية بالكويت بسبب كورونا.. ومبادرات شعبية لتقليل الخسائر

عاملون في محال لبيع الأقمشة يقفون أمامها بعد توقف حركة البيع والشراء
الحكومة الكويتية أغلقت جميع المجمعات التجارية باستثناء منافد البيع الغذائية (الجزيرة)

محمود الكفراوي-الكويت 

"لليوم الثالث على التوالي لم يدخل جيبي دينار واحد بعد إغلاق المحل الذي أعمل فيه ضمن الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدولة لمواجهة فيروس كورونا".

بتلك الكلمات لخص "رامي حامد" وهو حلاق مصري يعمل في منطقة الفروانية جنوب العاصمة الكويت وضعه، مثله مثل آلاف من أصحاب المشاريع الصغيرة والعاملين في مهن وحرف مختلفة تضررت أحوالهم جراء الوضع الحالي.

يعمل رامي بنظام يضمن له تقاسم نصف دخله اليومي مع صاحب المحل، ما يعني أنه لا يحصل على أجر شهري إذ يعتمد مدخوله اليومي على عدد ساعات العمل التي يقضيها في مكان عمله وإجمالي الزبائن المترددين عليه. 

إجراءات احترازية
أقرت الحكومة الكويتية السبت 14 مارس/آذار الجاري سلسلة من الإجراءات الاحترازية الإضافية لمواجهة انتشار فيروس كورونا، تضمنت إغلاق المجمعات التجارية ومراكز التسوق والأسواق العامة، باستثناء منافذ البيع التموينية والغذائية، وكذلك إغلاق الصالونات النسائية والرجالية ومراكز وصالات الترفيه والتسلية ولعب الأطفال.

وكانت بلدية الكويت منعت في الخامس من مارس/آذار تقديم "الشيشة" في المقاهي تنفيذا لقرار وزارة الصحة قبل أن تقرر الحكومة في الحادي عشر من الشهر ذاته منع الجلوس في صالات المطاعم والمقاهي نهائيا ليقتصر الأمر بالنسبة للمطاعم الواقعة خارج المجمعات التجارية على نظام توصيل الطلبات فقط.

وشهدت حركة البيع في الأسواق تراجعا كبيرا مع بدء إجراءات مكافحة الوباء مطلع مارس/آذار الجاري قبل أن تتلقى ضربة موجعة تمثلت في منح موظفي القطاعين الحكومي والخاص إجازة لمدة 15 يوما مع التشديد على ضرورة المكوث في المنازل ليكتمل الأمر بإغلاق المجمعات نفسها لاحقا.

ويقدر محمود الشناوي -وهو مالك شركة لبيع الهواتف النقالة وألعاب الأطفال- يتبعها ثمانية أفرع، رواتب نحو 35 عاملا لديه بنحو تسعة آلاف دينار شهريا (نحو 30 ألف دولار) يضاف إليها إيجار شهري قدره 13 ألف دينار (42 ألف دولار تقريبا). 

‪حركة البيع في الأسواق شهدت تراجعا كبيرا مع بدء إجراءات مكافحة كورونا‬ (الجزيرة)
‪حركة البيع في الأسواق شهدت تراجعا كبيرا مع بدء إجراءات مكافحة كورونا‬ (الجزيرة)

مبادرات شعبية وحكومية
مع شيوع شكوى المئات من أصحاب المشاريع خصوصا المستأجرين في المجمعات نظرا لارتفاع الإيجارات، شهدت الساحة إطلاق العديد من المبادرات التي هدفت إلى تقليل خسائرهم واحتواء بعض الآثار السلبية الناجمة عن الإجراءات.

وأعلنت شركة المباني مالكة مجمع الأفنيوز الشهير إعفاء المطاعم والمقاهي من إيجار شهري مارس/آذار وأبريل/نيسان مع خصم 25% لبقية المستأجرين مقدرة التكلفة التي ستتحملها جراء ذلك بسبعة ملايين دينار.

وأعلنت شركة الصالحية تحملها إيجارات المستثمرين في مجمعي الراية والصالحية خلال شهر مارس/آذار، كما أعلنت شركة التمدين مالكة مول 360 والكوت ومراكز سما التجارية تحملها إيجار كافة المطاعم والمقاهي عقب توقف نشاطها وألغت شركة العقارات مالكة مجمع المارينا مول ايجار المطاعم والمقاهي مع خفض قيمة بقية الإيجارات 25%.

وبحسب حديث محمود الشناوي للجزيرة نت، فإن تلك المبادرات لا تغطي غالبية الأنشطة، إذ يذكر أنه أبلغ من قبل ملاك فرعين فقط بتخفيض الإيجار الشهري، أحدهما بواقع 25% والآخر بنسبة 35%، بينما ربط ملاك بقية الأفرع موقفهم بما ستقرره البنوك لحصولهم على تمويل منها.

وبالرغم من تحمله تكاليف السكن والوجبات فإنه يؤكد أن الأمر سيختلف على مستوى الرواتب، إذ لا بد أن يتحمل العمال خفض جزء منها مع عدم استبعاده الاستغناء عن عدد منهم إن طالت الأزمة. 

‪محلات تجارية شعبية كثيرة لا تشملها المبادرات وحملات التخفيض‬ (الجزيرة)
‪محلات تجارية شعبية كثيرة لا تشملها المبادرات وحملات التخفيض‬ (الجزيرة)

وأعلن بنك الكويت المركزي خفض سعر الخصم بواقع 1% (من 2.5% إلى 1.5%) وهو المستوى الأدنى تاريخيا، مستهدفا بذلك تخفيض تكلفة الاقتراض لجميع القطاعات الاقتصادية من أفراد ومؤسسات لتعزيز قدرتها على مواجهة الأوضاع الاستثنائية الحالية.

وأعلن العديد من البنوك المحلية كذلك إعادة النظر في الأقساط المستحقة، إذ قرر بنك الكويت الصناعي تأجيل الأقساط المستحقة على المبادرين الكويتيين من عملاء محفظته الخاصة بالمشاريع الصغيرة وكذلك محفظة التمويل الزراعي لمدة ثلاثة أشهر.

وبحسب رئيس الاتحاد الكويتي للمطاعم والمقاهي فهد الأربش، فإن الإجراءات الحكومية طالت نحو 12 ألف مطعم في البلاد وما يزيد على ألف مقهى داخل المجمعات بخلاف المقاهي الشعبية.

ويقدر الأربش عدد العاملين في نشاطي المقاهي والمطاعم إضافة إلى شركات التجهيزات الغذائية بنحو مئتي ألف عامل.

وبالرغم من السماح للمطاعم بالاستمرار في توفير الوجبات عبر خدمة التوصيل، فإن تقديرات الاتحاد تشير إلى تراجع نسب الطلب من المطاعم بين 60 إلى 70%، مقارنة بما كانت عليه قبل الأزمة بسبب الخوف من نقل العدوى ووصل الأمر إلى تسجيل بعض منها نسبة توصيل صفرية.

وبعيدا عن المجمعات الكبرى ومبادرات ملاكها، فإن كثيرا من المطاعم الشعبية المقامة في بنايات أهلية لم تشملها حملات التخفيض، وبالتالي سيكون على أصحابها دفع الإيجار ورواتب العاملين وسداد التزاماتهم تجاه الموردين ما يحتم وجود خطة حكومية عاجلة لتدارك تداعيات الأزمة على مستوى البلاد. 

 
المصدر : الجزيرة