خسائر وتأثير على الصادرات.. مستثمرون يطالبون بخفض أسعار الطاقة في مصر

المتحدث الرسمي لرئاسة الجمهورية - السيسي أثناء افتتاح أحد مصانع الكيماويات في 31 أكتوبر 2019
السيسي أثناء افتتاح أحد مصانع الكيميائيات التابعة للجيش (مواقع التواصل الاجتماعي)

محمد عبد الله-القاهرة

يمارس أصحاب المصانع كثيفة استهلاك الطاقة (الغاز والكهرباء) ضغوطا برلمانية وإعلامية على الحكومة المصرية لتخفيض أسعارها لزيادة طاقة مصانعهم الإنتاجية التي تعمل بأقل من 60% من طاقتها، ومنحها القدرة على التنافس في الأسواق الخارجية.
 
يأتي هذا الارتفاع في الأسعار، رغم إعلان السلطة أن مصر حققت الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي منذ سبتمبر/أيلول 2018 (بسبب اكتشاف حقل ظُهر في العام 2015)، مما وفّر لخزينتها نحو 2.5 مليار دولار سنويا، وبلغ إنتاجها اليومي من الغاز الطبيعي 6.6 مليارات قدم مكعب خلال الشهر ذاته، وفق الهيئة العامة للاستعلامات.

وفي تصريحات للجزيرة نت، توقع خبراء أن تنصاع الحكومة المصرية للضغوط الداخلية بتخفيض أسعار الغاز، بالإضافة إلى وجود ضغوط خارجية تتمثل في تراجع أسعار الغاز عالميا مع زيادة المعروض، في وقت طالب فيه آخرون بعدم الخضوع لتلك الضغوط ودعم الصناعات بأوجه أخرى.
 
ونقلت وكالة رويترز عن محللين قولهم إن "التوقعات العالمية لأسعار تصدير الغاز المسال لا تتجاوز 3.5 دولارات لمليون وحدة حرارية في 2020، وهو ما يعني أن الحكومة المصرية لن تتمكن من التصدير بأسعار أعلى من ذلك. لذا يتوجب عليها مراجعة أسعار بيع الغاز للصناعة المحلية".
 
بدورها، أكدت غرفة الصناعات الهندسية باتحاد الصناعات أن أسعار الطاقة في مصر مرتفعة نسبيا مقارنة بالدول المنافسة، الأمر الذي أدى إلى إحجام المستثمرين عن الدخول إلى السوق المصري، مطالبة بخفضها لإنقاذ الصناعة.

‪الحكومة المصرية توفّر الغاز لأصحاب المصانع بسعر أعلى من السعر العالمي‬ (وكالة الأنباء الأوروبية)
‪الحكومة المصرية توفّر الغاز لأصحاب المصانع بسعر أعلى من السعر العالمي‬ (وكالة الأنباء الأوروبية)

خسائر كبيرة
ويقول المجلس التصديرى للصناعات الكيميائية إن "المصانع تحصل على أسعار الغاز بسعر 5.5 دولارات لكل مليون وحدة حرارية مقارنة بنحو 3 دولارات بالأسواق العالمية، مما تترتب عليه خسارة أسواق خارجية تستورد منتجات مثل الأسمدة".
 
وكشف رئيس المجلس التصديري للصناعات الكيميائية خالد أبو المكارم في تصريحات صحفية، أن صناعات مثل الحديد والزجاج والأسمدة تواجه أزمة في التشغيل والتصدير، وتعاني من ارتفاع أسعار الغاز المحلي، مطالبا بضرورة تخفيضها وفق الأسعار العالمية.
 
وأكد أبو المكارم إلغاء العديد من طلبيات تصدير الأسمدة إلى دول مثل البرازيل، إحدى أكثر الدول المستوردة للأسمدة حول العالم، بسبب ارتفاع أسعار الغاز في مصر، حيث يعتبر الغاز المادة الخام في صناعتها باعتباره أحد مكونات الإنتاج الرئيسية.
 
ودخل البرلمان المصري على خط الأزمة، فقد طالب رئيس لجنة الصناعة في البرلمان النائب محمد فرج عامر بمراعاة أسعار الكهرباء لقطاع الصناعة والمستثمرين حتى تستطيع الصناعة المصرية المنافسة سواء بالسوق المحلي أو الخارجي، محذرا من الأضرار الناجمة عن انقطاع التيار الكهربائي، الذي يكلف تلك المصانع مبالغ طائلة نتيجة تلف بعض الوحدات.
 
وترفض الحكومة المصرية خفض أسعار الطاقة، إذ تقول وزارة الكهرباء إن تخفيض سعر الكهرباء الموجه للمصانع 10 قروش للكيلووات سيكلف قطاع الكهرباء من 6 إلى 10 مليارات جنيه، وليس أمامها سوى التحرك في حدود ضيقة لتحقيق مطالب الصناع.

‪غرفة الصناعات الهندسية: ارتفاع أسعار الطاقة ساهم في إحجام المستثمرين عن الدخول إلى السوق المصري‬ (الجزيرة)
‪غرفة الصناعات الهندسية: ارتفاع أسعار الطاقة ساهم في إحجام المستثمرين عن الدخول إلى السوق المصري‬ (الجزيرة)

مطالب غير مبررة
بدوره طالب رئيس جمعية مستثمري الغاز المسال رئيس لجنة الطاقة باتحاد الصناعات محمد سعد الدين بعدم الانصياع لمطالب خفض أسعار الغاز، قائلا "على من يقول إن أسعار الغاز العالمية أرخص أن يتوجه لها ويستورد الكميات التي يريدها، خاصة أن مجال استيراد الغاز متاح للجميع".
 
وقال في تصريحات للجزيرة نت إن "الحكومة ترغب في دعم الصناعات، ولكن ليس على حساب تكلفة الإنتاج، ويجب شراء أي منتج أو سلعة بتكلفتها"، مشيرا إلى أنه عند استيراد الغاز بالأسعار التي يتحدث عنها الصنّاع سيكلفهم أضعاف السعر المحلي الحالي.
 
ورأى أن تشجيع الصناعات يجب أن يكون للصادرات وليس لأسعار الطاقة، لافتا إلى أن هناك أشكالا متعددة للدعم وليس بالضرورة دعم الطاقة، كدعم الصادرات الذي يحصل عليه المصدرون مقابل تصديرهم، لذا يجب ربط الدعم بالتصدير، لكن خفض أسعار الغاز لصناعة دون صناعة سيحدث بلبلة وتخبطا.

أما رئيس الشعبة العامة للمواد البترولية بالغرفة التجارية المصرية حسام عرفات فقد دعا إلى العمل على تحقيق الاكتفاء الداخلي من الأسمدة قبل البحث عن التصدير، مشددا على أن البعض (لم يسمهم) يطالب بخفض أسعار الطاقة لزيادة التصدير على حساب النقص في السوق المحلي.
 
وطالب في حديثه للجزيرة نت بعدم تعليق شماعة التنافس على سعر الغاز، مشيرا إلى أن هناك عناصر إنتاج في مصر أرخص من أي مكان في العالم مثل الأيدي العاملة، إضافة إلى أن تكلفة الطاقة لا تشكل إلا ما بين 15% و25% من التكلفة.
 
لكنه توقع أن ترضخ الحكومة المصرية لمطالب خفض الأسعار، قائلا "المفروض أن تعقد لجنة التسعير التلقائي للمنتجات البترولية للنظر في إعادة التسعير أول مارس/آذار المقبل، وهو التسعير التلقائي كل ثلاثة شهور، وأتوقع أن تستجيب الحكومة للضغوط التي يمارسها أصحاب المصانع والمصالح".

المصدر : الجزيرة