خبراء اقتصاديون: فيروس كورونا يهدد مستقبل العولمة

A truck loaded with containers leaves a port in Qingdao in east China's Shandong province Sunday, June 8, 2014. China says its export growth accelerated in May but imports dipped in a mixed sign for the world's second-biggest economy. Data released by the General Administration of Customs on Sunday showed exports rose 7 percent in dollar terms, up from a 0.9 percent increase in April and rather large slump in February and March. (AP Photo) CHINA OUT
خبير اقتصادي حذر من أن الاضطراب الاقتصادي في الصين قد ينتقل إلى دول أخرى (غيتي)

تهدد مخلفات فيروس كورونا مستقبل العولمة، ويشير خبراء اقتصاديون إلى أنه على المدى البعيد ستتفشى عدوى الفيروس التاجي في المجال الاقتصادي انطلاقا من الصين وصولا إلى باقي أنحاء العالم، مؤكدين على التداعيات المالية السلبية للوباء الذي أودى بحياة ما لا يقل عن 1700 شخص وإصابة قرابة 70 ألفا.

وأورد الكاتب بريندان كول في تقرير نشره موقع "نيوزويك" أن تطويق الحدود المسلط على الأراضي الصينية خلال العام الجديد جراء تفشي الوباء، ألحق أضرارا جسيمة باقتصاد البلاد، حيث أغلقت أبواب المصانع وتعطلت عجلات الإنتاج وقبع العمال في المنازل.

ونقلا عن صحيفة "فايننشال تايمز"، ثبت أنه وفقا لبنك الاستثمار "نومورا"، شهدت توقعات النمو في الصين خلال الربع الأول تقهقرا يعادل نسبة 3%، مقارنة بالربع الأخير من العام الماضي. ويمثل هذا الانخفاض الفصلي في نمو الناتج المحلي الإجمالي الحدث الأبرز منذ أحداث مظاهرات تياننمين التي اندلعت عام 1989. 

تطويق الحدود المسلط على الأراضي الصينية نتيجة تفشي الوباء ألحق أضرارا جسيمة باقتصاد البلاد (رويترز)
تطويق الحدود المسلط على الأراضي الصينية نتيجة تفشي الوباء ألحق أضرارا جسيمة باقتصاد البلاد (رويترز)

تهديد العولمة
في السياق ذاته، حذر كبير الخبراء الاقتصاديين في شركة "كابيتال إيكونوميكس" للأبحاث نيل شيرينغ من وجود علامات على أن الاضطراب الاقتصادي في الصين ينتشر إلى دول أخرى.

وفي إشارة إلى أكبر تباطؤ سجلته الصادرات الصينية نحو كوريا الجنوبية منذ وقوع الأزمة المالية في آسيا عام 1999، أورد شيرينغ أن التطويق المطول الذي تشهده الصين قد يعني أن حصيلة الخسائر التي يتكبدها الإنتاج لن تتعافى أبدا.

ويفضي النقص الحاصل في الأجزاء المكونة بسبب إغلاق المصانع في الصين إلى إعادة تقييم سلاسل التوريد الكبيرة والمعقدة، وإذا استمر الحجر المسلط على الصين فسيؤدي ذلك إلى مزيد من العواقب الوخيمة، إذ ليس من الهين تقييم الآثار الاقتصادية لفيروس كورونا على مدار الأيام العشرة القادمة، ناهيك عن السنوات العشر المقبلة.

وكتب شيرينغ في مقالة افتتاحية على موقع شركة الأبحاث "لكن يُحتمل أنه بخصوص السياسة والتكنولوجيا، قد نضطر قريبا إلى إضافة تهديد الأوبئة العالمية إلى قائمة العوامل التي تهدد مستقبل العولمة".

وفي تصريحات أدلى بها لموقع "نيوزويك"، أضاف شرينغ أن الشركات ستشكك في فوائد الحفاظ على سلاسل التوريد في نطاقها الحالي.

وأورد أن الحفاظ على هذه السلاسل يستنزف رأس مال الشركات، حيث كان للاقتصاد معنى في عالم التجارة الحرة ودون تقنيات بديلة، لكن الانتقال نحو مزيد من تركيز الحواجز التجارية، ناهيك عن التقنيات الجديدة التي تمكن الشركات من إعادة تشكيل بعض جوانب عملية الإنتاج، قد يعني أن الشركات ستلجأ إلى تقصير سلاسل التوريد.

إن خطر التعطل الذي تسببه الأوبئة أو الكوارث الطبيعية ستعزز الأسباب القادحة للتحول، وسيشير كل هذا إلى أن الإنتاج أصبح أكثر محلية أو ربما أكثر إقليمية.

الحفاظ على سلاسل التوريد سيستنزف رأس مال الشركات (الأوروبية)
الحفاظ على سلاسل التوريد سيستنزف رأس مال الشركات (الأوروبية)

إجراءات حكومية
أعلن البنك المركزي الصيني عن رسم خطط لضخ 1.2 تريليون يوان (173 مليار دولار) في الأسواق لتحقيق استقرار أسعار الأصول، وذكرت مجلة "تشيو بي.سي" الصينية نقلا عن محطة "سي.أن.بي.سي" الصينية أنها تخطط أيضا لإجراء تخفيضات ضريبية وزيادة الإنفاق الحكومي.

في تصريحات لموقع "نيوزويك"، أردف كبير المحللين لدى وسيط الاستثمار "إكزانتي" ماثيو هينمان أن المستثمرين في الصين على "مفترق طريق" بشأن الإجراءات التي يتعين اتخاذها.

وقال هينمان إن "الخطاب الصيني يلتزم بالقيام بالمطلوب، ولكن ذلك قد لا يكون كافيا، ولن يتمكن صناع السياسة النقدية في جميع أنحاء العالم من منع الصدمات على النظام التي سيخلفها فيروس كورونا".

وفي وقت سابق من هذا الشهر، أدلت أليسيا غارسيا هيريرو كبيرة الاقتصاديين في منطقة آسيا والمحيط الهادي في بنك "ناتيكسيس" للاستثمار، بتصريحات في حوار لمجلة "نيوزويك" أكدت فيها أن فيروس كورونا سيضر بالاقتصاد الصيني أكثر مما فعله فيروس "سارس" عام 2003، وذلك بسبب نموه على مدار 17 عاما وتحوله نحو الاستثمار في قطاع الخدمات، بعيدا عن الاعتماد على التصنيع.

المصدر : نيوزويك