هل الاقتصاد العالمي مجبر على اتباع قرارات المركزي الأميركي؟ الجواب عند الخبراء
محمد أفزاز-الدوحة
خفض مجلس الاحتياطي الاتحادي الأميركي -أمس الأربعاء- أسعار الفائدة ربعا بالمئة عند نطاق 1.75%-2% للمرة الثانية هذا العام، ليقتفي أثره عدد من البنوك المركزية في مقدمتها أغلب البنوك الخليجية، وتخالفه أخرى بينها بنك إنجلترا. فهل البنوك المركزية في العالم مجبرة على اتباع قرارات المركزي الأميركي؟
ترامب ينتقد
خفضت بنوك مركزية عديدة أسعار الفائدة تماشيا مع قرار الفدرالي الأميركي، بينها السعودية والإمارات والأردن والنرويج، بينما أبقت أخرى على الأسعار دون تغيير مثل بنك إنجلترا والمركزي الياباني والمركزي الكويتي.
وقوبل قرار الفدرالي الأميركي بخفض أسعار الفائدة ربع نقطة مئوية بانتقاد شديد من قبل الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي دعا إلى خفض أكبر.
وقال ترامب في تغريدة له "إن البنك المركزي الأميركي ورئيسه جيروم باول ليست لديهما شجاعة أو إدراك أو رؤية.. باول ومجلس الاحتياطي يفشلان مجددا".
البنوك الخليجية
يقول الخبير بالسياسة النقدية والاقتصاد السياسي الدكتور خالد الخاطر إن السبب وراء تماهي البنوك المركزية الخليجية مع قرارات الفدرالي الأميركي يرجع إلى كون دول الخليج تربط عملاتها بالدولار، ووصف هذا الربط بـ"الجامد" لأنه يُفقد الدول فعالية سياساتها النقدية.
ويضيف في حديث للجزيرة نت أنه "في حال امتنعت الدول أو الدولة التي تربط عملتها بالدولار عن مجاراة التغييرات في أسعار الفائدة التي يحدثها الاحتياطي الفدرالي، فإنه ستكون هناك حركة في رؤوس الأموال من العملات المحلية (العملات المربوطة) إلى عملة الربط (الدولار)، والعكس صحيح".
وهذا الأمر -بحسب الخاطر- يجعل البنك المركزي غير قادر على التحكم في القيمة المعلنة لسعر صرف العملة المحلية.
ولفت إلى أنه في حال عدم مجاراة البنوك المركزية الخليجية لقرارات المركزي الأميركي، فإن ذلك قد يؤدي إلى حركة دخول أو خروج في رؤوس الأموال، مما يشكل ضغوطا على سعر الصرف (قيمة العملة) ويفقد البنوك المركزية القدرة على التحكم فيه، وبالتالي يؤثر سلبا على مصداقية نظام سعر الصرف ويفتح المجال أمام المضاربات على العملة.
ولفت الخاطر إلى أن الدول عادة ما تصمم سياساتها النقدية بناء على متطلباتها الاقتصادية وأوضاعها المحلية، مما يسمح لها بإدارة الطلب الكلي.
فعندما يكون هناك تضخم تبدأ البنوك المركزية برفع أسعار الفائدة، مما ينتج عنه زيادة تكلفة الائتمان ومن ثم تقليص فائض السيولة في الأسواق، والعكس صحيح عندما يكون هناك تباطؤ اقتصادي يُحفظ سعر الفائدة فتنخفض كلفة الائتمان، ومن ثم يتم تحفيز الاستهلاك والاستثمار.
لكن سياسة الربط بالدولار لدى دول الخليج -يضيف الخاطر- أدت إلى سلب البنوك المركزية هناك سياساتها النقدية كأداة لإدارة الطلب المحلي، وباتت سياساتها تابعة كليا لما يصدر من الفدرالي الأميركي الذي يصممها وفق متطلبات الاقتصاد الأميركي.
مواقف مختلفة
من جهته، قال محلل مالي فضل عدم ذكر اسمه إن البنوك المركزية العالمية لا تكون مجبرة دائما على اقتفاء أثر الاحتياطي الفدرالي الأميركي، وهذا ما حصل مثلا مع المركزي الياباني ونظيره البريطاني، اللذين ثبتا سعر الفائدة اليوم الخميس رغم الخفض الذي لجأ إليك المركزي الأميركي أمس.
في المقابل، أضاف المتحدث أن البنوك المركزية الخليجية غالبا مع تتبع الفدرالي الأميركي في قراراته بسبب ربط عملاتها المحلية بالدولار الأميركي، باستثناء الكويت التي تربط عملتها بسلة عملات.
وأشار إلى أن السياسة النقدية لدى البنوك المركزية الخليجية تتسم بمرونة أقل من نظيراتها بالعالم بسبب الربط بالدولار، وقال إن هذه البنوك تحاول أن تحتفظ بمستويات أسعار فائدة تساعدها على تحصين عملاتها المحلية، والحفاظ على جاذبيتها أمام العملة الأميركية.
أما بالنسبة لباقي البنوك المركزية العالمية، فإن السبب في الانسجام مع قرارات الفدرالي الأميركي يعود إلى الرغبة في تجنب ارتفاع قيمة عملاتها المحلية أمام الدولار الأميركي، ورغبتها في الحفاظ على ميزاتها التنافسية عند التصدير، خاصة في ظل حالة ركود الاقتصادي العالمي.