الركود يلاحق العالم.. ما الدروس المستفادة من الأزمة المالية 2008؟

LONDON, ENGLAND - SEPTEMBER 24: Two employees of Christie's auction house manoeuvre the Lehman Brothers corporate logo, which is estimated to sell for 3000 GBP and is featured in the sale of art owned by the collapsed investment bank Lehman Brothers on September 24, 2010 in London, England. The
إفلاس ليمان براذرز أطلق العنوان الأبرز للأزمة المالية العالمية 2008 (رويترز-أرشيف)
يقول الكاتب وناثان شيلفر -في مقال نشرته مجلة فورين بوليسي الأميركية- إن الأزمات المالية ستحدث مرة أخرى لا محالة، وإنه لا أحد يمكنه التنبؤ بمدى سوئها.

وتساءل: ما الدروس التي يمكن استخلاصها من أزمة 2008 المالية، في ظل ما نراه ركودا اقتصاديا يلوح في الأفق؟

ويضيف شيلفر -وهو باحث أول في وحدة الأعمال والحكومة والاقتصاد الدولي في كلية هارفارد للأعمال الأميركية- إنه نظرا لقلق الولايات المتحدة تجاه ركود آخر محتمل، فإنه "يجدر بنا أن نتذكر" كيف ساعد ثلاثة من المنظمين الماليين الأميركيين في منع الأزمة المالية من 2007 إلى 2009 من الكساد العظيم.
الكاتب يشير إلى أن هؤلاء الخبراء الماليون هم: بن برنانكي رئيس مجلس الاحتياطي الفدرالي السابق، وهنري بولسون وزير الخزانة إبان عهد الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش، حيث اندلعت الأزمة، وتيموثي غايتنر رئيس بنك الاحتياطي الفدرالي (البنك المركزي) في نيويورك في عهد بوش، ووزير الخزانة في عهد الرئيس باراك أوباما.
ويلفت الكاتب إلى أنه لم يكن بمقدور هؤلاء منع انهيار بنك ليمان براذرز في 15 سبتمبر/أيلول 2008، وأنه باستثناء حالة ليمان، فإن جهود هؤلاء المنظمين لإنقاذ النظام المالي كانت واسعة بشكل لا يصدق.
ضخ أموال
يوضح الكاتب أن بنك الاحتياطي الفدرالي قام بحلول مارس/آذار 2009 بضخ مبلغ نحو  7.8 تريلونات دولار (أي أكثر من نصف الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة وقتها) وذلك لإقراض المؤسسات المالية التي كانت على حافة الهاوية، أو لشراء الأصول التي كانت تنخفض قيمتها، أو لمنع حدوث كارثة.
ويضيف أن الكونغرس الأميركي أذن لوزارة الخزانة بإنفاق سبعمئة مليار دولار أخرى لشراء الأصول السامة أو الرديئة، التي تشمل كل المنتجات التي تم تطويرها على أساس استثماري في القطاعات المالية المتداخلة الثلاثة (المصرفي والاستثماري والتأمين).
ويشير الكاتب إلى أن المنظمين استخدموا هذه الأموال لدعم شركات متعددة في الولايات المتحدة، سواء كانت حكومية أو خاصة، وما اختص منها بالرهن العقاري أو التأمين، كما خصصت هذه الأموال لدعم البنوك الكبيرة الأخرى.
ويقول إن برامج الاحتياطي الفدرالي ووزارة الخزانة الخاصة بشراء الأصول التي لم يرغب أي شخص آخر في شرائها أدت في نهاية المطاف إلى تحقيق أرباح بمليارات الدولارات.
"لو لم يشعر أحد بالذعر لما كانت الأزمة حدثت من الأصل، فالذعر كان هو الأزمة في حد ذاتها"
شكوك في المدفوعات
ويؤكد الكاتب أن السبب في عمليات الشراء هذه يعود لكون معظم القروض العقارية والتجارية وديون بطاقات الائتمان لم تكن في الحقيقة تشكل مدفوعات متوقعة الحدوث.
ويقول إنه لو كانت المؤسسات الخاصة احتفظت بهذه الأصول فقط، ولو أن الدائنين استمروا في تحويل القروض قصيرة الأجل، لكانوا كسبوا الأموال في النهاية، ولم تكن الأزمة بذلك السوء الذي ظهرت به بالفعل.
ويؤكد الكاتب أنه لو لم يشعر أحد بالذعر لما كانت الأزمة حدثت من الأصل؛ فالذعر كان هو الأزمة في حد ذاتها.
ويشير إلى أن انهيار بنك ليمان أدى إلى هذا الذعر، وإلى أنه كانت هناك ضغوط سياسية شرسة على برنانكي وغيثنر وبولسون للسماح لهذا البنك بالانهيار، وذلك من جانب الديمقراطيين والجمهوريين، ومن جانب وسائل إعلام ليبرالية أو محافظة.
‪الاحتياطي الفدرالي الأميركي ضخ في 2009 تريليونات الدولارات في محاولة لإنقاذ المؤسسات من الانهيار‬ الاحتياطي الفدرالي الأميركي ضخ في 2009 تريليونات الدولارات في محاولة لإنقاذ المؤسسات من الانهيار (رويترز)
‪الاحتياطي الفدرالي الأميركي ضخ في 2009 تريليونات الدولارات في محاولة لإنقاذ المؤسسات من الانهيار‬ الاحتياطي الفدرالي الأميركي ضخ في 2009 تريليونات الدولارات في محاولة لإنقاذ المؤسسات من الانهيار (رويترز)
سياسة وكوارث 
يوضح الكاتب أن انهيار مؤسسة مالية كبرى مثل بنك ليمان أدى إلى تأجيج الكوارث، موضحا أن القرارات السياسية تجاوزت سلطة بنك الاحتياطي الفدرالي.
ويضيف الكاتب أنه يجب فرض عقوبات على المخالفات المالية، لكن ترك الشركات المالية الكبرى تفشل يعد أمرا خاطئا.
ويشير إلى أن وزارة العدل في عهد أوباما لم تبدأ تحقيقات جدية حتى منتصف عام 2012.
ويلفت الكاتب إلى أن البنوك دفعت مليارات الدولارات لتسوية شكاوى الاحتيال المدني، وأنها وعدت بعدم ارتكاب الاحتيال نفسه مرة أخرى، غير أنها سرعان ما شرعت في ارتكابها مرات ومرات.
ذعر وضغوط
يقول الكاتب إن الأزمات المالية ستحدث مرة أخرى لا محالة، وإنه لا أحد يمكنه التنبؤ بمدى سوئها، ويشير إلى أن أزمة 2008 كانت الأسوأ منذ ثلاثينيات القرن الماضي.
ويعود الكاتب إلى القول إنه لو كان بنك الاحتياطي الفدرالي تعامل مع بنك ليمان بشكل أفضل، وأوقف المخاوف المالية، لكان من الممكن تجنب حدوث الأزمة بذلك السوء.
ويشير الكاتب إلى قانون "دود-فرانك"، وهو القانون الذي يحمل اسمي عضوي الكونغرس الأميركي كريستوفر دود وبارني فرانك، اللذين أطلقا حملة من أجل إقراره لكبح جماح الممارسات المحفوفة بالمخاطر من جانب البنوك والشركات المالية الأخرى، والذي صدر في عهد أوباما في 2010 بهدف تجنب أزمة مالية أخرى.
ويقول إنه نظرا لأن الأزمات المالية تكون مدفوعة بقوة بالذعر، فإن ما يبعث على القلق هو أن قانون "دود-فرانك" وغيره من اللوائح التنظيمية أضعفت قدرة الاحتياطي الفدرالي على إيقاف مثل هذا الخوف، وإن هذه المؤسسة المالية ستتعرض لضغوط سياسية أكثر من ذي قبل.
المصدر : فورين بوليسي