بعد التصريحات المتناقضة.. ما الوضع الحقيقي للاقتصاد المصري؟

ياسر سليم - حث البنك المركزي المصارف الحكومية على الاقتراض من مصارف أجنبية سداً للعجز الدولاري. (تصوير خاص لواجهة البنك المركزي ـ - 2018 يورث 2019 ديوناً ثقيلة تضاعف متاعب المصريين
وفق أحدث بيانات البنك المركزي المصري ارتفع إجمالي الدين العام المحلي إلى 246 مليار دولار ( الجزيرة)

تناقضت تصريحات مؤسسات اقتصادية محلية وأجنبية عن وضع الاقتصاد المصري، بين من تراه آيلا للانهيار بسبب ارتفاع الدين العام، ومن تعتقد أنه متين في مختلف قطاعاته ويحقق مؤشرات نمو إيجابية.

ونشرت مجلة "فورين بوليسي" في وقت سابق من الشهر الجاري مقالا لوزير الاستثمار المصري الأسبق يحيى حامد، تحدث فيه عن انهيار الاقتصاد المصري خلافا لإشادات المؤسسات الرسمية.

وذكر حامد أن المستثمرين تدفقوا على البلد أملا في جني الثروة بعد مرور عام على إعادة مصر تموضعها كوجهة للاستثمار العالمي، غير أنه بحلول ديسمبر/كانون الأول 2018 ارتفعت نسبة المؤسسات الأجنبية القابضة على الدين المحلي بما يزيد عن 20%، مقارنة بالسنة التي سبقتها.

تقرير البنك الدولي
نشر البنك الدولي في أبريل/نيسان الماضي تقريرا أورد معطيات مفادها بأن 60% من المصريين إما أنهم فقراء أو عرضة للفقر، بينما تؤكد الحكومة المصرية مرارا على سلامة نهجها الاقتصادي الذي يهدف إلى جلب الرفاهية لعموم المواطنين واتخاذ الوسائل الكفيلة برفع معدلات النمو وخفض معدلات البطالة واستهداف التضخم.

وقال حامد في مقاله -الذي قوبل بانتقادات حادة- إن سوء إدارة الحكومة للمالية العامة والإهمال العام تسببا في ارتفاع الدين الخارجي بمقدار خمسة أضعاف تقريبا في آخر خمس سنوات.

وتسبب مقال حامد في خلق حالة غضب وسخط بين وسائل الإعلام المؤيدة للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وسارعت صحف مصرية إلى نقل تصريحات من خبراء واقتصاديين للرد على المقال ووصفه بالكاذب والمغرض.

رصد وأرقام
ترصد وكالة "الأناضول" في التقرير التالي أوضاع الدين العام بمصر استناداً إلى بيانات البنك المركزي المصري خلال تسع سنوات.

– ارتفع الدين العام (المحلي والخارجي) إلى 86.3% من الناتج المحلي الإجمالي خلال فترة حكم المجلس العسكري الذي فوضه الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك أثناء إعلان تخليه عن حكم مصر، وذلك من 11 فبراير/شباط 2011 إلى نهاية يونيو/حزيران 2012.

وارتفع الدين العام المحلي في تلك الفترة إلى 1.238 تريليون جنيه (74.1 مليار دولار)، بما يعادل 73.9% من الناتج المحلي الإجمالي، في حين سجل الدين الخارجي 34.3 مليار دولار بما يعادل 12.4% من الناتج المحلي الإجمالي.

– ارتفع الدين العام المحلي والخارجي لمصر في نهاية حكم الرئيس المعزول الراحل محمد مرسي إلى 98.4% من الناتج المحلي الإجمالي.

وازداد الدين العام المحلي بنهاية يونيو/حزيران 2013 إلى 1.527 تريليون جنيه (91.4 مليار دولار) بما يعادل 82.1% من الناتج المحلي الإجمالي، بينما ارتفع الدين الخارجي إلى 43.2 مليار دولار بما يعادل 16.3% من الناتج المحلي.

وشكل الدين العام المصري (المحلي والخارجي) خلال العام الذي تولى فيه عدلي منصور حكم مصر بعد الانقلاب على مرسي نحو 100.7% من الناتج المحلي الإجمالي، فارتفع الدين العام المحلي إلى 1.8 تريليون جنيه (107.8 مليارات دولار) بما يعادل 85.3% من الناتج المحلي، بينما بلغ الدين الخارجي 46 مليار دولار بما يعادل 15.4% من الناتج المحلي.

‪الدين الخارجي لمصر ارتفع نهاية العام 2018 إلى 96.6 مليار دولار‬  (بيكسباي)
‪الدين الخارجي لمصر ارتفع نهاية العام 2018 إلى 96.6 مليار دولار‬ (بيكسباي)

حكم السيسي
تقلد عبد الفتاح السيسي رئاسة مصر رسمياً يوم 8 يونيو/حزيران 2014، وأعيد انتخابه مجددا في يونيو/حزيران 2018 لفترة رئاسية ثانية، قبل أن يسمح تعديل للدستور بإمكانية بقائه حتى العام 2030.

ووفق أحدث بيانات البنك المركزي المصري، ارتفع إجمالي الدين العام المحلي إلى 4.108 تريليونات جنيه (246 مليار دولار) بما يعادل 78.2% من الناتج المحلي الإجمالي في نهاية العام 2018.

وارتفع الدين الخارجي لمصر في ذات التاريخ إلى 96.6 مليار دولار بما يعادل 35.1%من الناتج المحلي، مما جعل إجمالي الدين العام المصري (المحلي والخارجي) يعادل 113.3% من الناتج المحلي في نهاية 2018.

وحسب بيانات المركزي المصري، ارتفع متوسط نصيب الفرد من الدين الخارجي إلى 906.3 دولارات في نهاية 2018، مقابل 387.7 دولارا في يونيو/حزيران 2012.

قيمة فوائد الدين
ارتفعت قيمة فوائد الدين في الموازنة العامة -وفق بيانات المالية المصرية- من 104.4 مليارات جنيه (6.25 مليارات دولار) بما يعادل 6.8% من الناتج المحلي في العام المالي 2011/2012، ثم إلى 147 مليار جنيه (8.8 مليارات دولار) بما يعادل 8.4% في العام المالي التالي له.

ومنذ ذلك الحين واصلت خدمة الديون الارتفاع، ويتوقع أن تسجل نحو 541.7 مليار جنيه (32.4 مليار دولار) بما يعادل 10.3%من الناتج المحلي في العام المالي 2018-2019.

وأعلنت مصر يوم 5 مايو/أيار 2019 إستراتيجية الحكومة للتعامل مع الدين العام، وتتجسد في اللجوء إلى أدوات دين أقل تكلفة من تلك التي استخدمتها الحكومة في السنوات الماضية بهدف تقليص الالتزامات الكبيرة التي يتوجّب عليها إنفاقها.

وتأمل الحكومة المصرية العثور على قروض بشروط أسهل تمكّنها من سدادها على المديين المتوسط والبعيد.

المصدر : وكالة الأناضول