رزق للصائمين.. تدني الأسعار دفع مزارعين كويتيين لتوزيع منتجاتهم مجانا

مزارعون كويتيون يحتجون على تدني أسعار منتجاتهم بتوزيعها مجانا
المزارعون وزعوا آلاف الأطنان مجانا على المواطنين والمقيمين عقب صلاة العشاء

نادية الدباس-الكويت

لم يجد المزارع الكويتي عبد العزيز الصراف وسيلة احتجاجية أمامه للتعبير عن غضبه تجاه السياسة التي تُعامل بها منتجاته من الخضروات سوى مشاركة عدد من زملائه المزارعين في توزيعها مجانا على المواطنين والمقيمين بدلا من رميها في الحاويات خلال شهر رمضان المبارك حفظا للنعمة.

آلاف الأطنان من جميع أنواع الخضروات وزعت في شبرة الأندلس (سوق الخضار) على آلاف المواطنين والمقيمين الذين سارعوا عقب صلاة العشاء للتجمع أمام شاحنات حملت المنتجات الزراعية وسط حضور كثيف لرجال الأمن.

في البداية حاول موظفو البلدية وهيئة الغذاء والتغذية ثني المزارعين الكويتيين عن خطوتهم إلا أن محاولاتهم لم تفلح.

وقال المزارعون إن هذه الخطوة إنها تأتي اعتراضا على ما وصفوه بالتلاعب في أسعار الخضار والفروقات فيها ما بين الأسعار التي يطرحون بها منتجاتهم في المزادات، وبين الأثمان المضاعفة التي يدفعها المستهلك للحصول على تلك المنتجات في الجمعيات التعاونية، واعتراضا أيضا على سياسات اتحاد المزارعين وأساليب تأجير المنافذ التسويقية.

وفي حديث للجزيرة نت اتهم عبد العزيز الصراف جهات لم يسمّها بشن حرب شعواء على المنتج المحلي، متسائلا: كيف لصندوق من الخضروات يبيعه المزارع بـ 100 فلس (نحو 0.32 دولار) أن يباع في الجمعيات التعاونية بـ 800 فلس (2.6 دولار)؟ وهذا الفرق الكبير في السعر إلى جيب من يذهب؟

ويشكو الصراف من أن تمر مزرعته التي بها أكثر من 2500 نخلة يلجأ إلى توزيعه على الأقارب والأصدقاء بعد أن سدت في وجهه كل سبل التسويق، ليطرح تساؤلا جديدا: إذا كانت الدولة تفضل استيراد المواد الزراعية وبأسعار أعلى، فلماذا لا تسمح لنا بالتصدير؟

ويلقي بالمسؤولية على كاهل اتحاد المزارعين، ويشاركه في ذلك زميله المزارع منصور العجمي الذي يمتلك مزرعة في منطقة العبدلي شمالي البلاد.

‪جانب من توزيع الخضروات مجانا على المستهلكين‬ (الجزيرة)
‪جانب من توزيع الخضروات مجانا على المستهلكين‬ (الجزيرة)

أرقام مجحفة
ويقول العبدلي للجزيرة نت إن المنتوج الكويتي يعرض في المزاد فيباع صندوق الطماطم بخمسين فلسا (0.16 دولارا) بينما يتكبد المزارع القيمة نفسها لشراء صندوق الفلين الفارغ المستخدم في التعبئة، فكيف للمزارع أن يربح أو يغطي تكاليف المزرعة من ماء وكهرباء وأيدٍ عاملة؟

ويضيف أن شاحنة الخضار التي تبلغ مساحتها 30 مترا مربعا من المنتجات الكويتية تباع في المزاد لقاء 30 دينارا (نحو 100 دولار)، وفي الجمعيات مقابل 2000 دينار (6500 دولار تقريبا) متسائلا في الوقت نفسه: لماذا يجري دفع ثمن أعلى في المنتج المستورد ويُكسر المحلي رغم أنه يمثل مصدر الأمن الغذائي الإستراتيجي لدولة الكويت؟

ويحصر المزارعون الكويتيون المحتجون مطالبهم في تحديد سعر أدنى لكل منتج، لا سيما في ظل بدء المزاد من سعر التكلفة، وتقنين المنتج المستورد وخصوصا وقت ذروة المنتج المحلي الذي يبدأ من مستهل شهر أكتوبر/تشرين الأول وحتى شهر مايو/أيار.

كما يطالبون الجمعيات التعاونية بالشراء المباشر من المزاد، على أن تقوم بزيادة النسبة المعروضة من المنتج المحلي إلى 50٪% بدلا من 20% وقت ذروة الإنتاج المحلي.

وقد أكد رئيس اتحاد المزارعين عبد الله الدماك وقوفه إلى جانب المزارع الكويتي، نافيا في الوقت نفسه وجود ما يسميه المزارعون بـ "مافيا" مستفيدة من عملية البيع والشراء.

وأوضح الدماك في حديث -للجزيرة نت أنه لم يمض سوى ستة أشهر فقط على تسلم مجلس الإدارة الجديد لمهامه، مشيرا إلى أن بعض "الشبرات" كانت قد أجِّرت منذ عام 2016، ومؤكدا رفع دعاوى قضائية لاستردادها، بانتظار أن يفصل القضاء فيها.

‪المزارعون عبروا عن استيائهم من دفع مبالغ طائلة للمواد المستوردة مقابل تدني سعر المنتج المحلي‬ (الجزيرة)
‪المزارعون عبروا عن استيائهم من دفع مبالغ طائلة للمواد المستوردة مقابل تدني سعر المنتج المحلي‬ (الجزيرة)

نقاط البيع
وأضاف أن هناك 65 بسطة (مساحة مخصصة للبيع داخل الأسواق) يبيع فيها المزارعون منتجاتهم، "ومع وجود نحو 5000 مزارع كويتي، فمن أين سيتوفر هذا العدد لهم"؟

وشدد على أن أبواب الاتحاد مفتوحة لاستقبال جميع الشكاوى من المزارعين، مشيرا إلى أن من يحدد نسبة تقنين الاستيراد هي وزارة التجارة، والهيئة العامة للزراعة والثروة السمكية، وهذا بالطبع إلى جانب الاتحاد العام للمزارعين.

وعقدت أربع جهات اجتماعا لبحث الأزمة، وهي وزارة الشؤون الاجتماعية ووزارة التجارة واتحاد المزارعين، والهيئة العامة لشؤون الزراعة والثروة السمكية، وخرج الاجتماع بتوصيات تمثلت في تطبيق آلية لدعم المنتج الوطني، وفتح الباب أمام اتحاد المزارعين لتنفيذ آلية التعامل مع المنتجات التي يدعمها، وزيادة أعداد المنتجات الزراعية الوطنية في الجمعيات لتشهد طفرة غير مسبوقة خلال الفترة المقبلة.

من جانبه، كشف رئيس اتحاد الجمعيات التعاونية خالد العتيبي أنه طرح خلال اجتماع مع رئيس اتحاد المزارعين مقترحا لزيادة المساحة المخصصة لعرض المنتجات الكويتية في الجمعيات التعاونية.

وأوضح العتيبي أنه سيعقد اجتماع آخر الأحد المقبل لوضع النقاط على الحروف وتحديد تطلعات المزارعين الكويتيين وكبح جماح الأزمة بما يعود بالفائدة على المنتج الوطني.

المصدر : الجزيرة