لبنان.. تفاقم الأزمة الاقتصادية يجبر التجار على إقفال المحلات

يشتكي التجار من الجمود الاقتصادي في مختلف المجالات
التجار اللبنانيون يشتكون من الجمود الاقتصادي في مختلف المجالات (الجزيرة)

وسيم الزهيري-بيروت

لم يعد ممكنا لعلي حمود صاحب محل بيع الأحذية في منطقة الحمرا في العاصمة بيروت تحمل أعباء التراجع الحاد في حركة الأسواق التجارية، فقرر اتخاذ الخيار المر بإقفال المحل ليوقف مسلسل خسائره المستمر منذ نحو سنتين.

في هذه المنطقة المعروفة بنشاطها الاقتصادي أقدم الكثير من التجار على إغلاق محلاتهم أو تقليص حجم أعمالهم.

يقول حمود للجزيرة نت إن محله تأسس منذ 35 عاما، لكنه لم يعد قادرا على التحمل أكثر نتيجة تدهور الوضع الاقتصادي وغياب الزبائن والسياح، ويضيف أنه اضطر إلى إقفال محله، حيث إنه لم يعد قادرا على دفع الإيجار والتكاليف الأخرى.

ويشير حمود إلى أن السنتين الأخيرتين شهدتا إقفال الكثير من المحلات التجارية في هذه المنطقة.

وليس ببعيد عن محل علي، عمد محمد البسام مالك مؤسسة لبيع الألبسة إلى تقليص عدد موظفيه إلى أكثر من النصف للأسباب نفسها، فحركة البيع والشراء مصابة بالشلل والخسائر تزداد يوما بعد يوم، بحسب ما قاله للجزيرة نت، مشيرا إلى أن استمرار الوضع كما هو سيدفعه إلى الإقفال قريبا.

وقبل أيام، أعلنت جمعية تجار بيروت أن نحو مئتين من المحال التجارية في العاصمة اللبنانية أقفلت أبوابها في الأشهر القليلة الماضية، بسبب الأزمة الاقتصادية في البلاد، وتراجع القدرة الشرائية للمواطنين، ونقص السيولة.

وحذرت الجمعية من أن القطاع التجاري بات في دائرة الخطر، وأن استمرار الوضع الراهن يهدد باقي المؤسسات والمحال التجارية في بيروت.

‪ظاهرة إقفال المحلات التجارية‬ تزايدت في الآونة الأخيرة (الجزيرة)
‪ظاهرة إقفال المحلات التجارية‬ تزايدت في الآونة الأخيرة (الجزيرة)

تراجع مضطرد
وقال رئيس جمعية تجار بيروت نقولا شماس إن القطاع التجاري يعاني من تراجع مضطرد منذ نحو ثماني سنوات، لا سيما مع بداية الحرب السورية، وذلك تزامنا مع زيادة الضرائب والرسوم وارتفاع الفوائد والتضخم؛ الأمر الذي أدى إلى تفاقم المشاكل على التجار.

وأضاف شماس في حديث للجزيرة نت أن المنافسة غير المشروعة من التجار السوريين وعمليات التهريب عبر المعابر غير الشرعية أصابت القطاع التجاري في مقتل، وتسببت في نتائج مأساوية.

وتابع أن نسبة إقفال المحلات التجارية في بيروت منذ 15 شهرا وحتى اليوم تتراوح بين 4 و13%، مشيرا إلى أن هذا يعني أن قدرة التجار على الصمود تهالكت كليا وتحولت دخولهم إلى خسائر.

وأوضح شماس أن التجار لجؤوا إلى أساليب عديدة لتصحيح أوضاعهم، كإدخال شركاء والحصول على قروض مصرفية وتأخير مدفوعاتهم وبيع جزء من ممتلكاتهم، لكن الأزمة كانت أقوى.

وحول الإجراءات المطلوبة لمواجهة الواقع الصعب، شدد شماس على ضرورة استعادة النمو الاقتصادي لنحو 7% لأنه السبيل الوحيد لإنقاذ الواقع الاقتصادي.

وفي إحصائية لها، لفتت جمعية تجار بيروت إلى أن إجمالي تعاملات القطاع التجاري هوت بنسبة 40% منذ عام 2011.

‪المنافسة غير المشروعة وعمليات التهريب مشكلة تواجه الكثير من التجار اللبنانيين‬ (الجزيرة)
‪المنافسة غير المشروعة وعمليات التهريب مشكلة تواجه الكثير من التجار اللبنانيين‬ (الجزيرة)

منافسة الشركات الكبرى
وتعليقا على ظاهرة إقفال المحلات التجارية، رأى الخبير الاقتصادي والوزير السابق شربل نحاس أنها دلالة على تراجع المداخيل والقدرة الشرائية لدى المواطنين.

ورأى أن كثيرا من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة تعاني من منافسة شديدة من قبل المجمعات التجارية الكبرى والصغيرة.

ونبّه نحاس في حديث للجزيرة نت إلى أن أنه قد نكون على أبواب أزمة مالية واقتصادية واجتماعية كبيرة تنعكس في تقلص الدخل والاستهلاك.

واستبعد حصول تحسن في الواقع التجاري حاليا، داعيا الجميع إلى تحمل مسؤولياته لتعزيز منعة المجتمع.

وبات الجميع متفقا على أن الأزمة الاقتصادية في لبنان لامست الخطوط الحمراء، في وقت تعمل فيه الحكومة على إعداد موازنة عامة للدولة عنوانها التقشف؛ علها تسهم في تخفيف الانعكاسات الخطيرة لهذه الأزمة.

المصدر : الجزيرة