للعام الرابع.. تونس توقف التوظيف الحكومي وسط غليان اجتماعي

محمد علي لطيفي احتجاجات يقودوها اتحاد الشغل، ذو التأثير الاجتماعي القوي ضد حكومة الشاهد بسب الظغط الحكومة على الاجور
شريف الخرايفي الناطق باسم اتحاد أصحاب الشهادات المعطلين عن العمل: "لا خيار أمام المعطلين سوى الخروج إلى الشارع" (الجزيرة)

محمد علي لطيفي-تونس

انطلقت انتقادات واسعة من حلفاء وخصوم رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد، بسبب المنشور الذي أرسله إلى كتاب الدولة والوزراء والهيئات الدستورية المستقلة حول مشروع ميزانية الدولة لسنة 2020، مع توقع البعض أن يزيد ذلك من الاحتجاجات في الشارع التونسي.

وينص منشور الميزانية للعام المقبل على مواصلة إيقاف الانتدابات في التوظيف الحكومي باستثناء بعض الاختصاصات الملحة، كما خططت حكومة الشاهد لتسريح نحو عشرة آلاف موظف على الأقل بشكل طوعي منذ بداية تنفيذ البرنامج العام الماضي، ليبلغ عددهم مئتي ألف موظف بحلول 2020.

ووفقا لمنشور الميزانية الجديدة، ستمتد سياسة تجميد التوظيف للعام الرابع على التوالي، استجابة لضغوط صندوق النقد الدولي الذي دعا إلى ضرورة النزول بكتلة الأجور من 15.7% من الناتج الإجمالي المحلي إلى 12.5% العام المقبل.

وتوقع الخبير الاقتصادي الصادق جبنون -في حديث للجزيرة نت- أن يزيد مشروع الميزانية الجديد من انتشار فتيل الاحتجاجات التي بدأت في الجامعات ومختلف محافظات البلاد من أجل المطالبة بمواطن شغل، مؤكدا أن المنشور الجديد لميزانية 2020 جاء ليراعي القواعد والخطط والقوانين الجديدة، بمواصلة سياسة التقشف استجابة للاتفاق الذي أبرمته تونس مع صندوق النقد الدولي. 

تجميد
وأنذر الناطق باسم اتحاد أصحاب الشهادات المعطلين عن العمل شريف الخرايفي -في حديثه للجزيرة نت- أن حكومة الشاهد بتجميد التوظيف الحكومي، ستواجه احتجاجات واسعة في ظل خياراتها التنموية والاقتصادية الفاشلة.

وأضاف أن لا خيار أمام المعطلين سوى الخروج إلى الشارع ورفض مقترحات الميزانية الجديدة لسنة 2020، وإسقاط خيارات رئيس الحكومة الذي يواصل سياسة التقشف بتوصيات من الصندوق النقد الدولي.

ووصف الخرايفي "توفير الحماية للفئات الضعيفة عبر قاعدة بيانات للأسر ضعيفة الدخل في تونس" بالحلول التقليدية، في ظل غياب مشاريع تنموية موزعة بصفة عادلة على مختلف الشرائح الاجتماعية.

موقف الأحزاب
وتشدد الأحزاب السياسية الحاكمة على المضي نحو تحسين المؤشرات الاقتصادية للبلاد، وتوجيه الاهتمام إلى ملفات معالجة التضخم والبطالة وتراجع سعر العملة المحلية (الدينار)، في حين ترى الأحزاب المعارضة أن ارتفاع نسبة البطالة قد تسبب في تدهور مستويات المعيشة، في حين أدت الاضطرابات الاجتماعية إلى انحسار الاستثمارات.

وقال النائب عن حركة النهضة ذات الأغلبية البرلمانية عماد الفطناسي، "إنه بقطع النظر عن موقف المؤسسات المالية الدولية، نرى أن هناك مشكلة هيكلية في كتلة الأجور داخل ميزانية الدولة يتطلب إيجاد حلول عبر خيارين لا ثالث لهما، إما العودة للعمل وتحسين الناتج الداخلي الخام أو عبر الضغط على الأجور".

ويقدر حجم الأجور في الوظيفة العمومية وفق ميزانية الدولة لعام 2019، بما يعادل 14.1% من الناتج الداخلي الخام مقابل 14% سنة 2018.

وأشار الفطناسي إلى أن تونس بإمكانها تجاوز الأزمة المالية والاقتصادية عبر عودة العديد من القطاعات التي شهدت نسقا غير مستقر في الإنتاج كالفوسفات والنفط بسبب تزايد الاحتجاجات، وتوفير الأمن لإنجاح العام السياحي الجديد.

وتراجعت حصة الفوسفات من الصادرات لتصل سنة 2018 إلى نحو 4% فقط، فيما كانت تمثل نحو 10%من صادرات تونس قبل 2011، ليستفيد المغرب -أهم المصدرين للفوسفات- من هذا التراجع في الإنتاج.

في المقابل، قال الناطق الرسمي باسم حزب التكتل المعارض خليل الزاوية إن أبرز الانعكاسات السلبية سنشمل قطاع الصحة والتعليم، معتبرا أن إملاءات صندوق النقد الدولي لا تخدم الجانب الاجتماعي في ميزانية 2020، مؤكدا أن نتائجها ستكون كارثية.

 

وقال القيادي في الجبهة الشعبية المعارضة أيمن العلوي إن الضغط على أجور الموظفين وتجميد التوظيف الحكومي سيزيد من حجم الاحتجاجات والاحتقان الاجتماعي في البلاد، خاصة أن نسبة البطالة بلغت أكثر من 15% بحسب إحصائيات المعهد الوطني للإحصاء.

وأكد العلوي في التصريح ذاته ضرورة إنعاش الجانب التنموي ووضع برامج سياسية وتنموية في المناطق التي تعاني الفقر والتهميش، وذلك عبر التمييز الإيجابي بين الجهات من حيث التنمية والاستثمار والتشغيل.

مخاوف المنظمات
الاتحاد العام التونسي للشغل أكبر، المنظمات النقابية في البلاد والذي سبق أن أعلن عدم رضاه على ميزانية العام الماضي واعتبر أنها تهدد المقدرة الشرائية للمواطن؛ جدد تمسكه بموقفه الرافض لكل ما من شأنه أن يمس بالمقدرة الشرائية للمواطن، وفق تصريح سمير الشفي من الاتحاد العام التونسي للشغل للجزيرة نت.

وأشار الشفي إلى أن اتحاد الشغل لن يقف مكتوف الأيدي تجاه عجز الحكومة عن مواجهة تراجع المقدرة الشرائية، وارتفاع التضخم لمستويات غير مسبوقة، خاصة في ظل تفاقم هجرة الشباب التونسي وتزايد معدلات الفقر والبطالة.

من جهته، أشار توفيق العريبي العضو في منظمة الأعراف التي تعني بالدفاع عن رجال الأعمال -في حديثه للجزيرة نت- إلى أن الزيادة في الضرائب الجبائية ترفضها منظمة الأعراف التي تأمل في أن تخلق الحكومة مناخا أمنيا واجتماعيا يشجع على الاستثمار، معتبرا أن الاتحاد يناشد توجهات حكومة الشاهد بتغليب مصلحة البلاد، وفق تعبيره.

المصدر : الجزيرة